«المنتدى الثقافي» يحشد أطياف المجتمع نحو مفهوم التعايش

3٬204

طالب مثقفون بتحويل جريمة «الدالوة» إلى موقف للتلاحم والانسجام بين مكونات الوطن الواحد، مشددين على ضرورة سن قوانين تجرم التجاوزات التي تمس أياً من المواطنين، ودعوا في الأمسية التضامنية التي أقامها منتدى الثلثاء الثقافي في القطيف بعنوان: «الدالوة جرح وطن»، جيل الشباب إلى عدم الانجرار للفكر التطرفي الذي «لا يبقي ولا يذر».
ودعا الأكاديمي والكاتب توفيق السيف، الشباب بكل مكوناتهم إلى افتضاح مثيري الفتنة وممارسي الطائفة من أبناء المذهب ذاته، واستنكر ما يقوم به بعض الشباب من نشر الإساءات، التي تطاول مكونهم الثقافي والديني وكأنه «فخر»، واصفاً إياهم بـ«قلة العقل»، منوهاً إلى أن ذلك يسهم في نشر الفحش، إضافة إلى أنه «فعل لا أخلاقي».
وأشار السيف في الأمسية التي استضافت عدداً من المثقفين إلى أن افتضاح «متاجري الفتنة» هو الطريق الأوحد إلى تعديل خطاباتهم التحريضية، كما أوضح الدور المناط بالشباب فعله حيال مشكلة الطائفية، لاستعادة الوحدة ورد كيد الضلال. وأوضح دور الشباب في مكافحة الانقسام والتعايش والتفكير الخاطئ الذي يقودنا للتمايز، وشدد على أن التشاتم «يؤدي إلى الصراع الذي بدوره يسهم في إشاعة الكراهية التي تغذي الحاجة للتمييز»، واقترح الاستفادة من تجربة مؤسس «مركز التنوع» ياسر الغرباوي الذي أسهم في حل قضية الطائفية في الشعب المصري بين المسلمين والمسيحيين.
من جانبه، قال الكاتب نجيب الزامل: «إن الشيعة والسنة وحدة كاملة لا تتجزأ»، منتقداً الدعوات التي تطالب بالتعايش بينهم على رغم الانتماءات التي تجمعهم كالدين والوطن والعرق والشكل والفكر، وأكد عضو مجلس الشورى السابق ضرورة فهم معنى التعايش، منوهاً إلى أنه من أخطر الكلمات التي تطلق ويطالب بها أفراد المجتمع، وأوضح أن «التعايش يطالب به بين مكونين مختلفين، وتكون الحروب والكراهية مشتعلة بينهما، مستشهداً باليهود والفلسطينيين، والذين يأملون أن يكون بينهم تعايش لأنهم يعتبرون جهة وافدة عن الجهة الأخرى وغريبة عنها». جاء ذلك في الأمسية التي أدارها عضو المنتدى زكي البحارنة واحتشد لها حضور كبير، ما اضطر عدداً منهم إلى الوقوف، وأشار الزامل إلى ضرورة القضاء على كلمة «التعايش» المكرسة لمفهوم الغيرية، والتي وصفها بأنها «فجرت قنبلة» بين الحضارات المختلفة، واستبدالها بكلمة المحبة الحقيقية والعمل الجماعي والمشترك على إشاعتها بما يسهم في اللحمة الوطنية وتأكيد أنها من أهم الجوامع بين مكونات الوطن الواحد.
بينما طالب الأستاذ في جامعة الملك فهد للبترول عدنان الشخص بمعاقبة ممارسي التطرف ومثيري الفتنة بـ«عصا غليظة»، مشدداً على الحاجة لسن القوانين التي تجرم الطائفية والخطابات التحريضية، وبحسب كلمته فإنه «لا جدوى من الكلمة أو الموعظة مع ممارسي التطرف ممن يثيرون الكراهية ويبثون العنصرية بين أطياف المجتمع»، داعياً إلى اتخاذ موقف «تحالف المعتدلين» جراء هذه الجريمة التي وصفها بـ«غير عادية» والتي تحتاج لوقفة حازمة من الجميع، مع أهمية «استثمار هذه الحادثة في إبقاء التواصل واستمرار التعاطف بين المواطنين»، وأشاد بدعوة وزير الشؤون الإسلامية ومطالبته لأئمة المساجد بإدانة واستنكار الحدث، منتقداً مخالفي هذا القرار. وفي كلمة ألقاها محمد الخلفان نيابة عن عبدالله شباط، ذكر أن الحادثة الأليمة التي وقعت في قرية الدالوة لم تصب المواطنين الأبرياء وحدهم، بل أصابت التعايش الذي تميز به أبناء هجر بشكل عام، موضحاً أن الجريمة استهدفت إشعال نار الفتنة الطائفية بين أبناء شعب متعايش منذ قرون عدة، جازماً بأن اختيار الزمان والمكان له دلالاته المعروفة.
وشدد على أن منظومة العلاقات الاجتماعية تحتاج إلى دعم المؤسسات الرسمية والإعلامية لتعزيز ثروة الأحساء والمنطقة الشرقية ذات المخزون التاريخي في الوعي الديني والمدني للتعايش، ودعا إلى ضرورة التفاعل الإيجابي من مختلف المؤسسات الاجتماعية والإعلامية. من جهته، طالب رئيس النادي الأدبي في المنطقة الشرقية خليل الفزيع بتكاتف الجهود والسعي لتحقيق كل الأمنيات لسد الفجوة الكبيرة بين الطائفتين الشيعية والسنية والبدء بالعلاج للوصول للتلاحم والانسجام، وتطرق إلى الحاجة لتبني الدولة لإصدار قوانين حازمة في هذا الأمر من دون «رجعة ولا مسامحة ولا تهاون».
وذهب مدير فرع مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في المنطقة الشرقية الدكتور خالد البديوي إلى أهمية توحيد المشاعر في المطالبة بالحقوق وتشكيل قوة أسوة بالأجداد الذين جمعتهم حال الانسجام، على رغم اختلاف الانتماءات والذين لم نشهد بينهم نزاع أو قتال ديني بقوله «كفانا فرقة»، وبين البديوي الذي سرد شيئاً من طفولته وذكرياته في الأحساء وجبالها ونخيلها ضرورة استثمار المشاعر الطيبة التي ظهرت جراء هذه الحادثة، وعدم التركيز على المناهج أو القنوات المحرضة.

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد