الباحث النخلي يستعرض تاريخ النخليين في المدينة المنورة

11٬350

تناول الأستاذ حسن مرزوق النخلي ضيف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف في الأمسية الختامية للموسم الرابع عشر للمنتدى مساء الثلاثاء 7 رجب 1435هـ الموافق 6 مايو 2014م، تاريخ النخليين في محاضرة تحت عنوان “النخليون في المدينة المنورة”.

وقبل بدء الندوة تم تقديم عرض لنادي الروبوت بالقطيف الذي شارك في عدة مسابقات دولية آخرها كانت قبل أسبوع في الولايات المتحدة الأمريكية، وشرح رئيس النادي حسن العبد المحسن والمدير الفني للفريق حسن الناصر أهداف تأسيس الفريق والبطولات التي شارك فيها، وخططهم المستقبلية لتوسيع نشاط وعمل النادي . كما تحدثت رسامة الكاريكاتير الفنانة فاطمة السعيد عن تجربتها الفنية ومسيرة عملها في هذا المجال وذلك مع اقامتها لمعرضها الفني الأول على هامش أمسية المنتدى لهذا الأسبوع.

أدار الندوة عضو اللجنة المنظمة للمنتدى الأستاذ عيسى العيد الذي تحدث في المقدمة عن الغموض الذي يكتنف هذه الفئة الإجتماعية من ساكني المدينة المنورة وقلة المصادر والدراسات التي تعنى بموضوعهم، مؤكدا على أهمية العمل الذي قام به ضيف الندوة الأستاذ حسن النخلي عندما وضع مؤلفه “النخاولة، النخليون في المدينة المنورة”. وعرف المحاضر بأنه من مواليد المدينة المنورة وحاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة من جامعة لملك فيصل بالدمام، وهو كاتب رأي في صحيفة المدينة وله كتاب مطبوع حول النخليين وآخر بعنوان “قضايا للإصلاح”.

بدأ الأستاذ حسن النخلي حديثه بالإشارة إلى قلة المصادر والأبحاث التي تهتم بموضوع النخليين في المدينة المنورة، على الرغم من ارتباطهم بأهم بقعة تحظى باهتمام بالغ لدى جميع المسلمين وهي مهد الرسالة النبوية . وأوضح أن هناك الكثير ممن يتوق لمعرفة تفاصيل تاريح وحياة أهل المدينة ومجتمعها وسكانها الأصليين، مشيرا إلى بعض الدراسات التي نشرها رحالة اوروبيون من أمثال بروكهارت ودوزي وبورتون . كما بين بأنه شخصيا واجه العديد من الصعوبات في الحصول على معلومات بسبب قلتها وتحفظ الكثيرين من توفير الوثائق التي بحوزتهم لجهلهم بأهمية الدراسات التوثيقية.

أرجع الباحث النخلي تسمية “النخلي أو النخاولة” إلى الحرفة التي ارتبط بها كثير من رجالات المدينة المنورة حيث كانت الزراعة أهم مصدر لأرزاقهم وانشغالهم بها وخصوصا النخيل المنتج الأبرز في المدينة المنورة طوال تاريخها . كما يوضح المحاضر أن حكام المدينة التابعين للأتراك هم أول من أطلق هذه التسمية على هذه الفئة حيث اعتاد الأتراك على تسمية كل فئة من المجتمع بصنعتها ولا يخلو ذلك من توجه تمييزي ضد بعضهم.

وأشار الباحث إلى أنه على الرغم من تعدد صيغ الإسم المطلق على هذه الفئة كالنخاولة والنخليين والنخلي والنواخلة إلا أن هذه التسمية مرتبطة بالنخلة التي تشكل رمزا للفلاحة والزراعة في المدينة المنورة . ويعتقد الأستاذ النخلي بأن هذا المسمى أطلق لاحقا منذ عهد الأتراك ولم يكن قبلها متعارفا ، ويؤكد على ذلك من خلال أسماء الأعيان والأشخاص من هذه القبيلة الذين تم توثيقهم في تلك الفترة في سجلات المحكمة الشرعية والأوقاف بالمدينة المنورة منذ بداية حكم الأتراك سنة 923هـ حيث كانت تسجل ألقابهم في البداية باسم “الفلاح” قبل تغييرها للنخلي.

وأوضح الحاضر أن ما يتردد في بعض المصادر عن أن النخليين هم قبيلة من إحدى قبائل الحجاز تسكن بالمدينة المنورة ، أو أنها عشيرة تقيم في ضواحي المدينة ليس دقيقا ، ويفند كونهم قبيلة واحدة بالمعنى المفهوم الذي يفترضة التكوين القبلي وإنما هم مجموعة من العشائر والأسر المنتمية إلى قبائل مختلفة ومعروفة في الحجاز ارتبطت بعضها ببعض في حالات تصاهر وتحالفات كما هو السائد في ذلك الزمان.

وبين أن عشائر “النخاولة” كانت تسكن منذ القدم في المناطق التي تبدأ من جنوب الحرم النبوي الشريف وتمتد إلى أن تصل إلى الحد الجنوبي الذي يشمل مناطق قباء وقربان والعوالي وجزءا من الحرة الشرقية ، وكلها مناطق كانت مغطاة بالمزارع تحت تصرف النخاولة إما بالمكلية أو بإدارتها وتشغيلها. وأوضح أن هذه المناطق المأهولة بهم منذ القدم هي ذاتها التي عرفت في التاريخ كسكن لقبائل الأنصار.

كما شرح الباحث النخلي أن نسب بعض النخاولة يعود أيضا إلى قبائل كبيرة كانت تقطن حول المدينة المنورة أو التي نزحت وسكنت بالمدينة واحتمت بعشائر النخاولة واندمجت من خلال المصاهرة والتحول المذهبي بناء على التقاليد القبلية المتعارفة حينها كالحماية والمزاوجة ودفع الحقوق المالية والمعاهدات وغيرها. وبين الباحث أن عشائر الأشراف الهاشميين تعتبر من العوائل المعروفة في المدينة المنورة ومنهم المعاريف والزوالعة وقد تداخلوا مع النخاولة، بالإضافة إلى وجود ما يطلق عليهم “المجاورون” وتعني مجاورة الحرمين ومعظمهم من المغرب العربي ومصر واليمن والعراق ، حيث اندمج بعض هؤلاء مع سكان المدينة من النخاولة.

وأكد المحاضر النخلي أن النخاولة وإن لم يرجعوا جميعا إلى أصل واحد وشجرة واحدة ، إلا أنهم يشكلون جميعا تكوينا إجتماعيا واحدا ومتناسقا كما هو متعارف عند القبائل العربية جميعها، فلهم شيخ يتم اختياره بالإنتخاب والتزكية أو بالتوارث أبا عن جد ، كما أن هناك ثمة شيخ لكل عشيرة يرجع إليه في جميع المسائل المتعلقة بمصلحة المجتمع، وتنقسم كل عشيرة إلى أفخاد أو ما يعرف في قبائل الحجاز “بالخمسة” وهم من يجتمعون بالجد الخامس فما دون. وينتهي الباحث النخلي إلى القول أنه على الرغم من ان النخاولة فئة كبيرة عدديا وتعيش في حاضرة منفتحة كالمدينة المنورة، إلا أن ذلك كله لم يؤثر في التكوين الإجتماعي المنظم والموحد لهذه العشائر كاللهجات والقوانين والأعراف والعادات والتقاليد.

وأشار المحاضر إلى وجود حالات تعمد واضحة لتغييب وطمس فئة النخاولة في كتابات العديد من الباحثين والمؤرخين بسبب التعصب المذهبي، على الرغم من وجود بعض الكتاب المحايدين والمنصفين . وأوضح أن كتابات الرحالة الغربيين تمتلك رؤية علمية في تحليل الأخبار المنقولة إليهم ويعتمدون على التمحيص والتدقيق . جاءت مداخلات الحضور في معظمها متسائلة عن وضع النخاولة ومطالبة بتسليط الضوء أكثر على هذه الفئة الإجتماعية، وعلاقتها بمحيطها الإجتماعي . وقد أجاب الأستاذ النخلي على الأسئلة التي طرحها الحضور وناقشهم حولها.

في نهاية اللقاء شكر راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب المحاضر والحضور على تفاعلهم ومشاركتهم الفعالة ، موضحا أن الغرض من طرح مثل هذه المواضيع هو التعريف بمكونات المجتمع في المملكة في مختلف مناطاقها من أجل تعزيز التواصل بينها ، وتحدث في كلمة إضافية عن اختتام الموسم الثقافي للمنتدى مبينا أنه تم عقد 28 ندوة أسبوعية خلال هذا الموسم في مختلف المواضيع ، واستضافة 15 فنانا وفنانة للتعريف بأعمالمهم الفنية، وكذلك 19 مؤسسة أهلية وإجتماعية للتعريف بأنشطتها. وأوضح أن هناك تفاعلا كبيرا مع بعض ما يقدمه المنتدى من خلال الحضور المباشر أو المتابعة على صفخة المنتدى على الانترنت أو قناة اليوتيوب شاكرا تفاعل الحضور من المثقفين والمهتمين من أبناء المجتمع.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد