العلامة الفضلي والإصلاح الديني في منتدى الثلاثاء

4٬160

احتفاءا وتقدير بالإرث الفكري للعلامة الشيخ عبدالهادي الفضلي ولجهوده العلمية في أطروحاته التنويرية والإصلاحية ، أقام منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف ندوته الخامسة والعشرين ضمن برنامج موسمه الثقافي الرابع عشر هذا الاسبوع تحت عنوان “الاصلاح الديني في فكر العلامة الفضلي” ، وذلك مساء الثلاثاء 15 جمادى الاخر 1435هـ الموافق 15 ابريل 2014م .واستضاف المنتدى بهذه المناسبة كلا من الأستاذ حسين منصور الشيخ والدكتور محمد جواد الخرس والأستاذ باقر عبدالوهاب الرستم.

قبل بداية الأمسية تم التعريف بمبادرة حملة قطيفنا جميلة من قبل الفنان التشكيلي الأستاذ عبدالعظيم الضامن، حيث تناول أبرز أعمالها في القيام بتنفيذ أعمال فنية في مناطق مختلفة بالمحافظة . كما عرفت الأستاذة نانسي رفقي مسؤولة منطقة الشرق الأوسط لبرنامح أفلاطون الدولي بالبرنامج المعني بتوعية الأطفال والشباب والذي ينفذه مركز وعي للإستشارات التربوية والتعليمية ، حيث تناولت أهداف البرنامج وبرامجه ودره في تهيئة وتوعية الأطفال . كما استعرضت الفنانة التشكيلية علا المسحر تجربتها مع الفن حيث أنها اقامت معرضها الفني على هامش الأمسية في المنتدى للأسبوع الثاني على التوالي .

أدار الندوة الأستاذ عبدالودود أبو زيد ، مفتتحا حديثه بمقدمة شعرية حول العلامة الشيخ عبدالهادي الفضلي ، ومعرفا بالمشاركين ؛ فالأستاذ حسين منصور الشيخ من مواليد القطيف وعضو مؤسّس لمركز الهدى للتعليم والتنمية البشرية ، كما أنه عضو مؤسس لبيت الحكمة الثقافي وله العديد من المؤلفات والإصدارات حول الدكتور الفضلي وكتب العديد من المقالات والدراسات وله تحقيق قيد الانجاز .

أما الدكتور محمد جواد الخرس فهو من مواليد محافظة الأحساء ، حاصل على درجة الدكتوراة في مجال الاقتصاد الإسلامي من كلية الشريعة بجامعة أم القرى في مكة المكرمة ، وعلى شهادة الماجستير في مجال إدارة الأعمال من جامعة الملك عبدالعزيز في جدة وعلى شهادة البكالوريوس في مجال إدارة الاعمال من قسم الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الأحساء، كما عمل في الكلية التقنية في الاحساء محاضرا في مجال العلوم الإدارية و الاقتصادية ، وهو عضو في الهيئة الاستشارية لمجلة الساحل ، وله العديد من المؤلفات والبحوث في مجال العلوم الادارية والإقتصادية . والضيف الثالث هو الأستاذ باقر عبد الوهاب الرستم وهو يعمل في الخطوط الحديدية السعودية ، وله عدة كتابات ثقافية وإجتماعية ، كما أن له عدة مؤلفات ، وشارك في عديد من المنتديات والمحافل الحوارية .

إفتتح الدكتور محمد جواد الخرس الندوة بمقاربة بين منهجية النجاح وتجربة العلامة الفضلي كأنموذج ، متحدثا عن وحدة مصادر التعلم بين البشر ، ومؤكدا على أن النجاح صنعة مكتسبة وليست وليدة الحظ والصدفة . وشرح مفصلا محاور النجاح التي لخصها في التفكير الإستراتيجي ، وحشد الطاقات ، وجني الثمار ، مؤكدا على ضرورة الحرص على أن تكون المقدمات جيدة لتؤتي ثمارا طيبة . وأشار الخرس إلى أن الشيخ الفضلي تحول إلى شخص ناجح بداية من مراحل حياته الأولى لكون البيئة الحاضنة أسهمت في بناء شخصيته سواء في الأسرة أو الدراسة ، بالإضافة إلى ملازمته للناجحين والمتميزين في عصره .

واستعرض الخرس الأدورا التي لعبها العلامة الفضلي في بداية مرحلة شبابه في المجالات الثقافية ضمن رؤية واضحة لتغيير واقع الحوزة الدينية وتطوير برامجها . أما في المرحلة الثانية فقد كان الفضلي قادرا على حشد الطاقات لتحقيق مايصبوا إليه من خلال بلورة الرؤية والرسالة ، وفي مرحلته الثالثة التي وصفها الخرس بمرحلة المخرجات وجني الثمار فقد تطلبت التركيز وترتيب الأولويات وتنظيم الوقت ، حيث أنتج الفضلي العديد من الأعمال؛ منها 75 كتابا و١٣٠ تقريراً للباحثين ومئات المقالات والأبحاث، كما ساهم في تأسيس الكراسي العلمية في العديد من الجامعات.

وبين الدكتور محمد الخرس أن العلامة الفضلي كان يعتقد بان واقع الحوزة سيندثر وأن المناهج التجديدية هي من ستبقى ، معتبرا الفضلي علامة ثالثة فارقة تدل على موسوعية الفكر وغزارة الإنتاج وشيوع النشر ، والتميز بالطابع الإبداعي بعد عالمين أحسائيين معروفين هما إبن ابي جمهور الأحسائي وأحمد زين الدين الأحسائي . وذكر الأستاذ حسين منصور الشيخ دور العلامة الفضلي في معالجة المفاهيم القلقة التي إعترت المجتمعات العربية إبان فترات الصراع التي أدت إلى إضطرابات ثقافية وسياسية ، والناتجة عن أسباب داخلية وخارجية .

وبين الشيخ بأن من الأسباب الداخلية تداخل العامل الديني بالعامل السياسي الذي أدى إلى خلط المفاهيم وإضطرابها ، مستشهدا بتداخل مفهومي الدكتاتورية وطاعة ولي الامر، والتداخل بين الثابت الشرعي والمتغير العصري التي إنسحبت على المفاهيم داخل الشريعة ذاتها كمفهوم الذمي مثلا . أما عن الأسباب الخارجية فقد تحدث الاستاذ حسين الشيخ عن آثار الصراع بين ثقافة الوافد الأجنبي المحتل والموروث المحلي وما أثارته من قضايا كفصل الدين عن الواقع الإسلامي.

وأكد الاستاذ الشيخ بأن العلامة الفضلي عمل على ملاحقة هذه القضايا بأبعادها المختلفة موضحا أن الإسلام عقيدة شاملة لمختلف شئون الحياة ، وأن مجهوداته – أي الفضلي- إنصبت على معالجة المفاهيم التي خلفها الصراع في العراق بين المحلي والوافد والمنافسة على الساحة بين مختلف القوى والإتجاهات ، وذلك عبر إيضاح وتعريف العديد من المفاهيم ، والإنخراط في الحركة الدينية من خلال دوافع حركية كخدمة المشروع الفكري وإيضاح مفهوم الدين وموقعيته في الحياة .

كذلك فإن من المفاهيم الحديثة التي عالجها العلامة الفضلي موضوع الإرهاب بكونه مفهوم شرعي لا يجوز ممارسة أي من أشكاله ، بل بين أن تشكيل القوة تهدف فقط إلى تنمية قوى المسلمين الشاملة في مواجهة أعدائهم بصورة منظمة . وأشار الأاستاذ حسين الشيخ بأن الفضلي بين القيمة الحضارية للأمة من خلال العودة إلى المجتمع الذي يمر بتغيرات ثقافية متواصلة تنتج مفردات ومفاهيم جديدة ، موضحاً أن المعاجم اللغوية العربية ينقصها الكثير من توضيح المفردات وتطورها ، وهو منهج دعا له الدكتور الفضلي من خلال دراسة الكلمة وإرتباطها بالمفردات الأخرى ودراسة تاريخها وحركيتها . ويؤكد الفضلي على أن اللغة لها ثلاث مستويات ؛ إجتماعية متداولة بين عموم الناس ، وأدبية ذات مدلولات جمالية ، وعلمية ذات مدلولات علمية ، وأنه كلما تطورت اللغة في مجالي الأدب والعلوم إستطاعت إنتاج مفردات خلاقة .

وبين الباحث حسين الشيخ أن الفضلي كان يدعو لتكثيف الجهود العلمية لإصدارالمعاجم اللغوية ، كما حدد الشيخ مسارات دراسة المفهوم لدى الفضلي التي إنقسمت إلى مسارين هما : المسار النظري وهو المتبع في بيان المفاهيم ، والمسار التطبيقي حيث يشير الفضلي إلى أن بيان المفهوم يتأتى من خلال التطبيق على الواقع كبيان مفهوم الإستقلال السياسي . ففي أحد أبحاثه حول مفهوم الحرية اعتبر هذا المفهوم حديثا على المجتمعات العربية حيث يرى بأن الحرية كانت مختصرة فيما يقابل العبودية فقط وليس بمفهومها الأشمل ، وموضحا أن الحرية تقوم على دعامتين هما النظام العادل وتمتع الإنسان بحريته.

أما الاستاذ باقر عبد الوهاب الرستم ، فشدد في مبتدأ حديثه على أن الكتل لاجتماعية تمكنت من تغيير الواقع حيث أدخلت أنسقة خطابية معرفية جديدة ، ساهمت في إحداث تفاعلات داخلية متعددة . وأشار إلى أن الخطاب الإسلامي تأخر في مواجهة إستحقاق المرحلة في ظل هذه المتغيرات المتسارعة ، وواجه عدة معضلات منها ضعف التعرف على المصادر الأساسية وهما القران والسنة، وضعف توليد خطاب فكري وسياسي متماسك ، وغياب المعرفة بما يدور في فكر الآخر .

وبين الرستم أن الكثير من المصلحين لم يتعرفوا على المادة الأساسية في المصادر بصورة سليمة وموضوعية في ظل هيمنة خطاب فقهي كان ولا يزال محصورا في مجال المعاملات الشخصية ، وأكد على أن هناك حاجات ماسة مثلا لبحث آراء منظري المجتمع المدني الذين يرون أن النص الديني لا يمكنه التوافق مع متطلبات العصر. وأشار إلى أن العلامة الفضلي عمل على نقل منهج الحوزة من دراسة مفتوحة إلى دراسة ممنهجة لمعالجة فوضى المناهج ، كما عمل على تقديمها بصورة علمية ومقارنتها مع المناهج الحديثة والمعاصرة .

وبدأت المداخلات مع الأستاذ علي باقر الموسى الذي أشار إلى سبب إختيار الفضلي للعمل الأكاديمي في جدة بدلا من العمل الإجتماعي في الأحساء، وتساءل الأستاذ محمد الصيرفي عن جهود الفضلي في تجديد الفكر الإسلامي وعن مدى تبني الجامعة لأي من أعمال الشيخ الفضلي مشيرإ الى العديد من المناهج التي ألفها العلامة الفضلي وأعتمدت في الجامعة .

أما الأستاذ عارف السلطان فأشار إلى التوجه الأكاديمي بدلا من الإجتماعي في حياة العلامة الفضلي ، وذكرت الأستاذة هدى القصاب بأن الفضلي عرف بفكره التجديدي وعمله لتقديم الفكر الإسلامي بصورة حضارية لكن لم يوجد توضيح لرؤية الشيخ الفضلي في تحريك النص الشرعي ليكون متواكبا مع العصر ومتطلباته .

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

 

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد