ضمن مساعيه لتوعية الرأي العام بالأنظمة والقوانين المتعلقة بقضايا المواطنين ، أقام منتدى الثلاثاء الثقافي أمسية قانونية تحت عنوان (قراءة في نظام جرائم الإرهاب وتمويله) حاضر فيها الدكتور ابراهيم المديميغ وذلك مساء الثلاثاء 11 ربيع الثاني 1435هـ الموافق 11 فبراير 2014م ، وأدار الندوة الحقوقي وليد سليس .
بدأت فقرات الندوة بكلمة تعريفية للفنان الخطاط السيد عدنان آل درويش الذي أقام معرضا فنيا في المنتدى عن أعماله في مجال الخط العربي ، وهو من مواليد جزيرة تاروت وبدأ مشواره مع الخط و الفن بشكل عام منذ 15 سنة ، وله مشاركات على مستوى المنطقة والمملكة ، وهو عضو مؤسس في الجمعية السعوية للخط العربي ، وحاصل على عدة جوائز في فنون الخط .
عبر رئيس لجنة المنتدى الأستاذ زكي البحارنة في كلمته الترحيبية حول أهمية القراءة القانونية لنظام جرائم الإرهاب وتمويله لما لها من مساس مباشر بواقع المواطن في هذه المرحلة الحرجة ، ولما لموضوع الإرهاب من حضور على مستوى العالم بشكل عام . وأوضح أن الهدف من تناول هذا الموضوع هو تعميق ثقافة المواطن وتوعيته بأهمية هذه الأنظمة ليكون مشاركا بوعي في الأمن والإستقرار ومتحملا مسئولية الحفاظ على الحقوق العامة .
وتناول مدير الندوة الأستاذ وليد سليس في مقدمته العلاقة بين الأمن والحريات مؤكدا على ضرورة تغليب العامل السياسي من أجل ضمان التوازن بين الأمن والتنمية وإحترام حقوق الإنسان ، وأشار إلى أن عالم اليوم أكثر ميلا إلى الحرية التي تنعكس إيجابا على الأمن الإجتماعي . المحاضر الدكتور إبراهيم المديميغ من مواليد مدينة الدرعية بالمنطقة الوسطى من المملكة ، وبدأ عمله الوظيفي في الدولة مبكرا منذ عام 1960م ، ودرس في الجامعة اللبنانية ببيروت حتى عام 1972م ، وعمل بعدها وكيلا لأمين الرياض ثم واصل دراسته العليا في القانون في جامعة هارفارد ، والتحق بالعمل كمستشار قانوني في هيئة الخبراء التابعة لمجلس الوزراء ، ثم زاول مهنة المحاماة ، كما عين عضو في مجلس هيئة حقوق الإنسان .
تناول المحاضر في الحديث عن نظام جرائم الإرهاب وتمويله الذي صدر مؤخرا وكذلك الأمر الملكي اللاحق له من زاوية علاقته بالحراك المطلبي السلمي القائم منذ عقدين والذي يؤكد على وحدة الوطن والنظام ومن خلال نبذ العنف بشتى صوره . وأكد المديميغ على ثلاث محاور أساسية يشترك فيها الإصلاحيون هي الوحدة الوطنية ، والإصلاح السياسي ومواجهة الإرهاب.
وأشار المحاضر إلى أن الإصلاح في أبسط وأهم صوره يكمن في مشاركة المواطنيين في صناعة القرارات المتصلة بحاضرهم ومستقبلهم من خلال البرلمان الممثل لهم ولتطلعاتهم . وأوضح أن الإصلاحات التي طرحت سابقا كتشكيل مجلس الشورى والمجالس البلدية لم تلب طموحات المواطنين بصورة عامة والمطلوب التحرك نحو عملية إصلاح سياسية جذرية لمواجهة القلاقل المحيطة .
إنتقل المحاضر للحديث بعد ذلك حول موضوع نظام جرائم الإرهاب وتمويله ومحاولة إعطاء قراءة متواضعة له ، مشيرا إلى أن المنظمات الحقوقية العالمية والمحلية تناولته بالعرض والنقد والتحليل بعيداً عن الإعلام المحلي الذي عودنا على نغمات الإشادة والمديح لكل إجراء أو قرار. وتحدث المحاضر عن أن برامج مكافحة الإرهاب قد أدت مفعولها بشكل عام حسب الإعلانات الرسمية المتواصلة مما يعني بأن مثل هذا النظام لا حاجة له ما دام الحال كذلك ، وخاصة أنه لا يوجد فراغ تشريعي في هذا المجال ، وأم ما هو موجود من أنظمة ووسائل قانونية تعتبر كافية للسيطرة على الإرهاب والتعامل معه .
وبين المديميغ أن مصطلح “الإرهاب” الذي تدور حوله المشكلة لم يتم تعريفه في النظام الجديد ضمن تعريفات المادة الأولى ، إذ بدلا من تحديد مفهوم هذا المصطلح فقد إستهل المشرع النظام بتعريف “الجريمة الإرهابية” والتي قد تشمل أبعادا أوسع بكثير من مصطلح الإرهاب . وأوضح أن الفقرة (أ) من المادة الأولى المعرفة للجريمة الإرهابية تشمل (الإساءة لسمعة الدولة أو مكانتها) تتدخل في مجالات حرية الرأي والتعبير بصورة أدق ، وبين أن كونها سبقت جريمة (إلحاق الضرر بأحد مرافق الدولة أو مواردها الطبيعية) في نفس الفقرة والتي هي بلا شك عملية إجرامية لدليل على أولوية الحد من حرية التعبير .
واشار المحاضر أن مفردة (الإساءة لسمعة الدولة أو مكانتها) تعبير فضفاض يصعب تصور تعريفه وتحديد مفهومه وإسباغ صفة الإجرام عليه ، ناهيك عن أنه يمثل جريمة إرهابية . وقال إن تعريف الجريمة الإرهابية بنصوص فضفاضة يؤدي بالضرورة لإدخال مجاميع كبيرة من الناس في حقل الإرهاب وبالتالي تطبيق النظام بحقهم ، كما أن هذا النص يضع تصرفات الدولة موضع القداسة دون تحديد لنوع الإساءة.
وتحدث المحاضر عن توصيف الجريمة الإرهابية في النظام بقوله أنه ورد أيضاً في تعريف الجريمة الإرهابية (أو محاولة إرغام إحدى سلطاتها على القيام بعمل ما أو الأمتناع عنه) ، وهو في رأيه نص عام لا يفرق بين من رفع السلاح في وجه الدولة ، وبين من سلك مسالك العمل السلمي في المطالبة بحقوقه ، وضغط على الدولة لتحقيق مطالبه مستشهدا بحملة سن قانون يطالب بقيادة المرأة للسيارة باعتباره عملا مطلبيا سلميا مشروعا لا يمكن مقارنته بأي عمل إرهابي .
كما أوضح أن الخلل في التعريف ينطبق كذلك على مستهل تعريف الجريمة الإرهابية حين أوردت أنه يشمل (كل فعل يقصد به الإخلال بالنظام العام أو زعزعة أمن المجتمع) ، موضحا أن هذا التعريف العائم للجريمة الإرهابية أدخل الجرائم الجنائية في الإرهاب كالقتل والسرقة وهي جرائم تهدد أمن المجتمع ويقوم بها أفراد أو جماعات مشروعهم جمع الثروة مثلا ، فينبني على ما سبق تطبيق جميع أحكام نظام الإرهاب على السارق والقاتل أيضا .
وبين أن الأنشطة المختلفة التي لا صلة لها بالإرهاب أصبحت تحكمها مواد تتعلق أصلاً بالإرهاب مثل الحجز التحفظي فقرة (د) من المادة الأولى وما ورد من تفاصيل عنه ، كما أن المادة الثانية تعتبر أن الأنشطة التي أشرنا إليها تعتبر من الجرائم الموجبة للتوقيف . وأوضح أن المادة الخامسة من النظام تعطي مدة مفتوحة للتوقيف ، فالسنة الأولى بيد جهة التحقيق وما بعده مفتوح بيد المحكمة . كما أشار إلى أن الإختصاص في جرائم الإرهاب ومنها تلك الأنشطة المتصلة بحرية التعبير مسندة إلى المحكمة الجزائية المتخصصة – أو الأمنية – التي سلخت من القضاء العام ، كما أن التمثيل بمحام متروك تقديره لهيئة التحقيق وهو إخلال واضح بحق المتهم في أن يرافقه محام منذ بداية التحقيق معه .
بدأت المداخلات بتساؤل من المحامي طه الحاجي عن العلاقة بين الأمر الملكي الذي صدر مؤخرا حول الإرهاب وبين نظام جرائم الإرهاب وتمويله ، كما شكر الشيخ عبد اللطيف النمر المحاضر على توضيحه ملعلومات قانوينة مهمة تصب في النهاية لصالح توعية المواطن وتثقيفه . وطرح الأستاذ أزهر المسلم تساؤلا حول الفرق بين النظام والأمر الملكي ، كما أشار الأستاذ حسين آل حظية إلى دور البعد الإقليمي في تقنين الأنظمة المحلية .
كما اشار الأستاذ علي العرفج إلى آليه إصدار الأنظمة والقوانين ودور المؤسسات التشريعية في ذلك ، وأكد الأستاذ محمد الرضوان على إعتبار النظام يمثل تحولا مهما وقاسيا على المواطن . وتحدثت الناشطة الحقوقية عالية آل فريد عن أهمية مواكبة التحولات الجارية في المنطقة والتقدم بمشاريع إصلاحية شبيهة ، كما أشار الأستاذ سامي الخليفة إلى الدور السلبي الذي يقوم به القاتلون في الخارج حيث أنهم لا يحاربون لتحقيق الحرية وإنما لقتال مخالفيهم .
وطرح على الناصر ضرورة الحاجة لقوانين تعزز المواطنة وتطلق الحريات ، وعلق المهندس نبيه البراهيم على أن القانون بحاجة إلى أن لا يكون مبهما كي يحقق أغراضه ، وتساءل الأستاذ عبد الباقي البصارة عن ما إذا كان القرار جاء متاخرا لحماية الناس وحماية الدولة فهو بذلك فيه معقولية . وطرح راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب في مداخلته رؤية حول دور المواطن في التعاطي مع مثل هذه القوانين والانظمة وكذلك دور المؤسسات الحقوقية والكتاب والمثقفين في التوعية والتوجيه وتصحيح مثل هذه الأنظمة والقوانين .