استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف في برنامجه الاسبوعي للموسم السادس مساء يوم الثلاثاء 27 ريبع الأول 1427هـ الموافق 25 أبريل 2006م مدير إدارة الأوقاف الجعفرية في مملكة البحرين المهندس عون علي الخنيزي في ندوة تحت عنوان “تجربة الأوقاف الجعفرية في البحرين” وأدار الندوة مدير تحرير مجلة الواحة الأستاذ محمد باقر النمر حيث قدم الضيف على أنه من مواليد ممكلة البحرين وحصل على شهادة البكالوريوس في تخطيط المدن من جامعة الأزهر عام 1984م ودرجة الماجستير في دراسات التخطيط من جامعة نيوكاسل ببريطانيا 1994م وله مشاركات في دورات ومؤتمرات دولية عديدة، وعمل في قسم القرى بوزارة الاسكان.
بدأ المحاضر حديثه حول نشأة ملكية العقارات وثبوت الوقفيات الشرعية حيث أحيا أهل البحرين هذه السنة وتملكوا أراضٍ وبيوت ومزارع وبساتين وجعلوها أوقافاً لدعم المساجد والمآتم الحسينية وأغراض أخرى كالمقابر والخدمات. وأشار الخنيزي إلى أن العقارات الوقفية نوعان، الوقف الديني البحت أي حبس الاموال لأهداف العبادة بمعناها الضيق، والوقف الخيري الذري وهي الغالبية العظمى من الوقفيات والتي أوقفت كأملاك ليتم استثمارها وتنميتها ويكون ريعها موجهاً للصرف على تعمير واصلاح واستمرار وتنمية النوع الأول.
أنتقل المحاضر بعد ذلك للحديث حول التنظيمات الإدارية الحديثة والحاجة إليها لإدارة الأوقاف بعد أن كانت هذه المشاريع مقصورة على بناء المساجد ومساعدة الفقراء والمساكين حيث شملت لاحقاً المدارس ومراكز التعليم وإنشاء مآوٍ للعجزة والأيتام والمكتبات العامة. وأضاف الخنيزي في معرض حديثه إلى الدور التأسيسي للأوقاف في البحرين الممتدة منذ عام 1927م حيث بدأت كتنظيم إداري بمزاولة نشاطها بمقرها المكون من غرفتين بإحدى مدارس المنامة برصد الأوقاف وتدوينها وتجميعها وتسجيلها وفرزها، وتلتها بحوالي عشر سنين دائرة الأوقاف السنية، وكل دائرة تقوم بإدارة وتنمية الأوقاف المنضوية تحت مظلتها.
تطرق الأستاذ الخنيزي بعد ذلك إلى أخذ إدراة الأوقاف الجعفرية بالأساليب العلمية في إدارة شؤونها وبادرت مبكراً في إعداد كوادرها وصقل مواهبهم والإستفادة من طاقاتهم بالتعليم والتدريب، مشيراً إلى أن هنالك هيكلاً تنظيمياً للإدارة يشتمل على عدة أقسام منها قسم الشؤون الإدارية ووحدة المساجد والمآتم ومجموعة الحسابات العامة ووحدة الهندسة المعمارية ومجموعة الشؤون القانونية. ومن أجل تحقيق مهام الأقسام الإدارية أنبثقت من الإدارة عدد من اللجان يديرها أعضاء مجلس الإدارة، ومن هذه اللجان لجنة الكشف والإيجارات والتي تعنى بتنظيم تأجير العقارات الوقفية ولجنة المشاريع والصيانة وهي التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالطاقم الهندسي بالإدارة وتقوم بمهام رعاية وتنظيم المشاريع الانشائية، ولجنة المالية والاستثمار التي تعنى بدراسة وتدقيق كل ما يرتبط بأموال الإدارة، ولجنة التنسيق والمتابعة وتقوم بمهام متابعة تنفيذ قرارات مجلس الإدارة، ولجنة المساجد والمآتم وترتبط هذه اللجنة بأمور البحث الشرعي فيما يختص باحتياجات المساجد والمآتم من تمويل.
أنتقل الضيف بعد ذلك للحديث حول الأساليب المتبعة لتشجيع الأفراد والمؤسسات من أجل تقديم الأوقاف، فذكر أن إدراة الأوقاف الجعفرية بالبحرين انتهجت عدة سبل لتشجيع الناس وحثهم على الاستمرار في المساهمة في احياء هذه السنة المحمودة وتوضيح طرقها وتنوع مصادرها ووقفها فذكر عدة سبل منها نشر الوعي الوقفي في الصحافة المحلية ولهذا عملت الإدارة على نشر أخبار وإنجازات الإدارة في الصحف المحلية، والدور الفاعل لكبار الشخصيات الاجتماعية والدينية وذلك من خلال التواصل والاجتماع مع أئمة الجمعة والجماعة وخطباء المنبر الحسيني، التواصل المباشر مع المجتمع حيث يقوم رئيس الأوقاف وأعضاء مجلس الإدارة والمدير بزيارات متواصلة للمآتم والمساجد.
واستعرض الخنيزي الصعوبات التي يواجهها الوقف الجعفري التي أوجزها في عدة نواحي هي الناحية العقارية فإن التوقيفات انعقدت على ملكيات نشأت في زمن لم تكن فيه مبادئ التخطيط المتقن للأراضي والأملاك كما هو في عصرنا الحالي، والناحية الشرعية وذلك لعدم مرونة وشمولية العديد من الوقفيات واقتصار أغلبها على جهة صرف معينة، والناحية القانونية لاصطدام الإدارة بالقانون الوضعي الذي ينص على أنه لا وقف إلا في ملك، وأخيراً الناحية الثقافية لعدم تعاون بعض فئات المجتمع مع الإدارة. ولتذليل هذه الصعوبات كون الإدارة تتحمل مسؤولية المحافظة على الأملاك الوقفية فقد خاطبت كل الجهات الرسمية من أجل تسجيل كل الأراضي الوقفية غير المسجلة، وعملت على توطيد التنسيق مع محكمة الاستئناف العليا الشرعية الجعفرية، وأما من الناحية القانونية فالادارة سعت إلى التعاون مع مكاتب المحاماة الخاصة حول القضايا المرفوعة على المستأجرين والمستثمرين. وقد سعت الإدارة من مجال الشفافية في التعاون بين الإدارة والمجتمع لخلق حالة من الثقة المتبادلة بين الطرفين.
وفي نهاية المحاضرة نبه المهندس الخنيزي إلى أهمية الوقف ودوره في حياة الفرد والمجتمع المسلم من الناحية المجتمعية من خلال السعي إلى توفير الحاجات المستجدة في مجتمعاتنا الحديثة عبر تمويلها من ريع الوقفيات المطلقة وذلك بأخذ أذونات شرعية من المراجع الدينية، ومن الناحية الاستثمارية حيث تسعى الإدارة لتطوير الاستثمار العقاري لأملاك الوقف.
أخذ الحضور بعد ذلك بطرح مداخلاتهم والتي تمحورت حول الصعوبات التي تواجه التجربة الوقفية البحرينية، والجهات الاستشارية، وآليات الاستثمار في الأوقاف القديمة، ومدى علاقة إدارة الأوقاف بالجمهور. فذكر المهندس الخنيزي أن من بعض الصعوبات التي تواجهها الإدارة وجود وقفيات يرجع ريعها لمناطق خارج البحرين ما يصعب التعامل مع مثل هذه الأمور، وإن للإدارة جهة استشارية متمثلة في المحكمة العليا الشرعية الجعفرية مشيراً إلى أن هنالك آلية تطوير الوقف من خلال أخذ الإذن الشرعي منها. وقد ختم الضيف حديثه حول الاسئلة بوجود تواصل مع الجمهور من خلال المجالس البلدية والصناديق الخيرية.
وفي نهاية الأمسية شكر راعي المنتدى الاستاذ جعفر الشايب الضيوف والحضور مشيداً بالاستفادة من تجربة إدارة الأوقاف في مملكة البحرين وتجربتها في هذا المجال مؤكداً على ضرورة الاستفادة منها وتطويرها حسب ظروف كل منطقة.
المحاضرة الكاملة: