“الفن والإعتدال” عنوان أمسية أقامها منتدى الثلاثاء الثقافي مساء 13 جمادى الثاني 1434هـ الموافق 23 ابريل 2013م ، استعراضا لتجربة الفنان زمان جاسم، وذلك ضمن تواصل برنامج المنتدى لموسمه الثالث عشر.
أدار الأمسية مرحبا، عضو لجنة المنتدى الأستاذ عيسى العيد، الذي عرف بالفنان زمان جاسم وهو حاصل على دبلوم معهد التربية الفنية في الرياض عام 1989م وعضو جماعة فناني القطيف وعضو الجمعية البحرينية للفنون التشكيلية، وله العديد من المشاركات المحلية والخارجية وفاز بالعديد من الجوائز، كما أنه مثل المملكة في عدد من المعارض والمشاريع الفنية الدولية؛ منها مشروع اصدقاء الدببة في برلين و المعرض المقام للمشروع صيف العام 2006م بجنيف ، بالأضافة الى مشاركته في كرنفال برلين الثقافي وتمثيل وفد المملكة في ميونيخ بمناسبة المشاركة بكأس العالم.
وألقى عضو لجنة المنتدى الأستاذ محمد المحسن كلمة المنتدى التي أكد في مضمونها على الإعتدال كموقف إنساني فطري يسمو بالبشرية، وعلى أن استضافة الفنان زمان جاسم تصب في إطار سعي المنتدى الدائم لتشجيع أي مبادرة تساهم بشكل او بآخر في صيانة المجتمع وحمايته، وذلك بالتعرف على تصورات الفنان ومنطلقاته ومبادراته واعماله الفنية التي استطاع من خلالها ايصال رسالة الاعتدال الى الجميع. فيما ألقى الفنان المعروف عبد العظيم شلي نبذة عن بدايات الفنان زمان، استعرض فيها التحولات الكبيرة التي خاضها في تجربته والصعوبات التي واجهها، مؤكدا على أن المغامرة والجهد المتواصل هما سبيل نجاحه، واصفا إياه –زمان جاسم- بأحد فرسان الحداثة الفنية في المملكة، حيث أنه طوع أساليب التعبير عن الملابس في أعماله متأثرا بوالدته التي كانت تخيط الملابس الهندية، وأشار إلى أن الفنان زمان يمتلك رؤية متجددة ونشاط متقد ويمتلك إحساسا عميقا بإيقاع اللون و سحره،إذ إنه يلون مساحاته بطيف لوني ذي فضاءات متعددة.
فيما ألقى الفنان محمد المصلي كلمة حول تجربة زمان جاسم في انشاء مرسم تاروت ثم جماعة فناني القطيف والتجارب المشتركة التي خاضاها معاً، سارداً قصصاً من العمل المشترك لتنمية الذائقة الفنية في المجتمع. جدير بالذكر أن رئيس نادي الفنون بالقطيف حسين الحبيل تحدث عن الفنان زمان جاسم ودوره في الابداع وحرصه على هموم الفن والفنانين في المنطقة. افتتح الفنان زمان جاسم حديثه برهانه على الحب، واصفا إياه بالرهان الحقيقي الذي تتواصل ثماره ونتائجه الايجابية ، و أن الفن الذي يعبر عنه هو وسيلة المجتمع الى المعرفة.
وتحدث عن معاصرته لاحداث العام 1979م التي خلفت في نفسه عدوا وهميا يشعره بالخوف الدائم وترافق ذلك مع مشاعر التمييز والمضايقات الطائفية التي عايشها في معهد التربية الفنية بالرياض بعمر السابعة عشرة عام 1986م ، إلا أن ذلك لم يمنعه من تكوين أواصر وصلات صداقة مع زملائه من مختلف مناطق الوطن، حيث بادر بدعوتهم لرحلة للقطيف والتي ساهمت في تجاوزه للخوف من العدو الوهمي المتخيل. واستشهد الفنان زمان جاسم بحادثة عززت شعوره بالأمان الدخلي، وذلك أبان عام 2007م حيث اوضحت له راعية المعرض و هي من الاسرة المالكة عن توجهها لدعوة فنانين أحدهما من القطيف والآخر من مكة وذلك تجاوزا لحالة الطائفية.
كما لم يغفل الفنان عن الاشارة الى دور لجنة الفن التشكيلي بالقطيف التي ساهمت في تعميق روابط الصلة والتقارب بين مكونات المجتمع السعودي من خلال اقامة معارض تلامس القضايا الإنسانية, حيث أن المعرض الذي اقيم تضامنا مع كارثة حريق القديح عام 2000م اثبت فعالية الفن في الجمع بين مختلف الافراد تحت مظلة معرض خيري لصالح المتضررين في الكارثة. وشدد الفنان زمان على أهمية تكثيف التعاون بين الفنانين، مشيرا الى التفاعل الكبير الذي لقيه معرض وقفة بين ساحلين و الذي اقيم لصالح متضرري كارثة السيول في جدة، وشارك فيه 60 فنانا وفنانة ، مؤكدا على أن مثل هذه المعارض تعمل على تغيير بعض المفاهيم السلبية في المجتمع، فقد تناول الإعلام وقفة بين ساحلين وقتها بالكثير من الاستحسان وكتب جاسر الجاسر في صحيفة الجزيرة متحدثا عن وطنية أهل القطيف و مشجعا على المبادرات الانسانية الرائدة التي يعد الفن إحداها كما أنه مجال خصب لإيصال رسائل تضامن و تكاتف اجتماعية ابعد ما تكون عن العنصرية والتمييز.
وتحدث الفنان محمد المصلي عن تجربته في معرضه الأخير “الاخر” والذي أقيم مؤخرا في الرياض وجسد فيه الفنان الاخر بطبق ستالايت حوله لعمل فني ينشئ من خلاله صلة وقناة تربط الإنسان بأخيه الانسان بعيدا عن تشوهات الفهم والممارسات الاجتماعية السائدة وحثا على التعايش والقبول . وكما بدأ الفنان حديثه برهان اختتمه برهان، حيث أنه يراهن على الفن معتبرا إياه مصدرا للرزق.
وقد استضاف المنتدى على هامش الأمسية المهندس نوري الشبيب من مواليد ام الحمام وحاصل على درجة الماجستير في الهندسة الكهربائية الالكترونية التطبيقية وهو رئيس مهندسي المشاريع بالجبيل واحد المكرمين من قبل لجنة التكريم الأهلية بالقطيف العام 2013م حيث تحدث عن تجربته في اختراع جهاز احساس ومراقبة حالة التنفس باستخدام الالياف الضوئية البلاستيكية واللذي حصل به على افضل بحث علمي مقدم في المؤتمر العلمي الخامس والعشرين في التطبيقات الطبية الالكترونية في اليابان.
في بداية المداخلات تحدثت الفنانة التشكيلية كريمة المسيري عن تجربتها مع الفنان زمان في تقديم ورشة في الطائف والتي سادتها الشفافية والعطاء، حيث لم يبخل في التعريف باسرار مهنته للمشاركين، وأشاد الكاتب والروائي فوزي صادق بالفنان زمان جاسم معبرا عن جاذبيته الفنية وشخصيته الخفية التي تطلق أشعة من الألوان. فيما تحدث الفنان محمد الدرازي عن رؤيته للفن خلال رحلته لأوزبكستان، مشيرا الى اهتمام الدولة هناك به ولافتا النظر للحاجة إلى نشر الفن واخراجه من القاعات المغلقة. أما الفنانة خلود المسيري فاقترحت فكرة إقامة معارض فنية دورية منتظمة تحت مظلة مجلس التعاون. وأوضح الأستاذ يوسف شغري أن الفن هوحالة اكتشاف تشبه عملية الاختراع لأي شيء اخر واصفا تجربة زمان بالتجربة المهمة.
كما قدمت الأستاذة سلمى المحسن كلمة شكر للفنان زمان جاسم على عطائه الكبير. فيما بين عضو لجنة المنتدى الأستاذ زكي البحارنة مدى التألق الذي يناله الفنان بعصاميته واخلاصه لقضيته الفنان تجعل منه متألقا ومخلصا لقضيته، قائلا بأن الفنان زمان جاسم تجاوز محليته وانطلق في تجربة وطنية بعيدة.
وانتهت الامسية بحديث راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب، الذي أكد على أن الأحداث تخلق مسارات مهمة في حياة الإنسان، وينبغي تحويلها إلى مؤثرات واتجاهات ايجابية وفاعلة، كما هو الحال بالنسبة للفنان زمان جاسم اللذي حول هاجس الخوف من الآخر الى شعلة انطلاق نحوه ، وأن الفن قد يكون من أهم الوسائل لإيصال الأفكار والقضايا للآخر لما له من الفاعلية والدور الإيجابي لملامسته للأبعاد الإنسانية بصورة أكبر.
المحاضرة الكاملة: