بحضور عدد من أبرز الفنانين البارزين في الخليج، أقام منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف ندوة حوارية موسعة حضرها جمع كبير من الشخصيات الفنية والثقافية مساء الثلاثاء 24 ربيع الأول 1434هـ الموافق 5 فبراير 2013م تحت عنوان “الفن والسلوك الاجتماعي” وذلك باستضافة الفنان المعروف عبد الناصر الزاير.
أدار الندوة الكاتب المسرحي ورئيس فرقة المخاتير المسرحية حسين آل عبد المحسن الذي عرف بضيف الامسية وهو من مواليد قرية الملاحة بمحافظة القطيف 1379هـ، ويشغل منصب مراقب التخطيط والبرامج في مؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بدولة الكويت، وهو حاصل على بكالوريوس تمثيل وإخراج من المعهد العالي للفنون المسرحية بدولة الكويت. كما رأس قسم المسرح في جمعية الثقافة والفنون بالدمام ، وأصبح مشرفا فنيا في الرئاسة العامة لرعاية الشباب عام 1983م، وقام بالكتابة والتمثيل والتلحين والإخراج للتلفزيون والمسرح والإذاعة في الخليج والدول العربية الأخرى وذلك في العديد من البرامج والمسلسلات والمسرحيات من أشهرها “افتح ياسمسم” و”سلامتك” و”افتح يا وطني” و”أبناء الغد” والمسلسلات الكارتونية : “عدنان ولينا” و”جازورا” و”ميمي الصغيرة”و”زعتور”.
في بداية كلمته قدم الفنان الزاير شكره الكبير لمنتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف وراعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب على إتاحتهم الفرصة له من خلال هذا اللقاء، وبدأ حديثه بالقول أن الفنون بشكل عام تؤثر سلبا أو إيجابا على السلوك الاجتماعي، مضيفا أن الفن هو انعكاس لواقع المجتمع، متسائلا عن دور الفن في تقديم الحلول وليس في طرح المشاكل فقط.وبين الفنان الزاير أن المطلوب هو أن يؤثر الفن على السلوك الاجتماعي كي يعطي قيمته الإنسانية العالية، وليس العكس حيث أنه عندما يؤثر السلوك الاجتماعي على الفن عندها يكون الفن رخيصا. وعرج الفنان الزاير على البرنامج الشهير “سلامتك” حيث مثل بالنسبة للعائلة العربية قيمة عالية من خلال السلوك الانساني في مناقشته لامور تهم العائلة مثل اهمية الفحص الدوري عن الأمراض، والأمور التي تخص المراة والطفل، وهو ما أثر إيجابيا في السلوك الاجتماعي.
وفي المقابل أشار الزاير إلى وجود عدة أمور أثرت سلبا على السلوك الاجتماعي من قبيل ما يحصل في بعض المسرحيات وغيرها من استهزاء وسخرية للذات أو للآخر، وهو ما ينعكس على سلوك المشاهدين الذين يتأثروا بذلك. كما انتقد الزاير بعض المنتجين الخليجيين الذين يقومون بانتاج برامج سلبية من واقع مجتمعاتهم دون أن تقدم معالجات ذات قيمة.
وأشار الفنان عبد الناصر الزاير الى أن من بين المدارس الفنية المهتمة بالتفاعل الاجتماعي تلك التي تنحى الى أن تكون صادمة للمجتمع في طرحها لقضاياه، موضحا أنه لا يميل إلى هذا النوع من المنهجية كونه يقدم أعمال توجيهية وتربوية، مضيفا أنه من الصعوبة أن يقدم الفن بصورة إيجابية وبطريقة ذكية وجذابة أيضا. وقال الزاير أن كثرة القنوات الفضائية أدى لتنوع البرامج المقدمة والتي لم تكن تعرضها القنوات الخليجية الرسمية سابقا مشيرا إلى أن تلك البرامج, وإن كانت تخضع للرقابة، إلا أنها كانت تستثني بعض السلوكيات التي قد تؤثر سلبا على المشاهد.
وعلى هامش الأمسية، استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي مركز نجوم الغوص في القطيف الذين كانت لهم مبادرة للتطوع للمساعدة في إنقاذ ضحايا فيضانات تبوك، فقدم مدرب الفريق الأستاذ علي الدبيسي نبذة عن مركز نجوم الغوص بمحافظة القطيف وابرز نشاطاتهم ومشاركاتهم التطوعية على الصعيدين المحلي والوطني. وقال الدبيسي إن مجموعة غواصي القطيف شاركوا سابقاً في إنقاذ ضحايا فيضانات جدة بالتنسيق مع ادارة الدفاع المدني، بالإضافة لمشاركة حرس الحدود أكثر من مرة في البحث عن مفقودين أو إنقاذ قوارب غارقة، موضحا أن دافعهم في ذلك هو خدمة الوطن والتضامن مع مختلف أبنائه في أي منطقة كانوا.
مع بداية المداخلات قام عضو اللجنة المنظمة بالمنتدى لأستاذ زكي البحارنة بشكر الضيوف من فناني الخليج وهم عبد الناصر الزاير وأحمد إيراج وغازي حسين وجاسم النبهان على حضورهم ومشاركتهم، مؤكدا على أن المنتدى يهتم بالجوانب الفنية لما لها من تأثير مباشر على السلوك الاجتماعي . واوضح أن المنتدى خصص عدة فعاليات في برامجه لاستضافة فنانين بمختلف مجالاتهم الفنية، ويقيم معرضا فنيا أسبوعيا على هامش الندوات، كما أشاد بعطاء هؤلاء الفنانين المتواصل وعملهم الملتزم لخدمة قضايا مجتمعهم.
تحدث بعد ذلك الممثل الكويتي المعروف جاسم النبهان الذي أبدى سعادته لتواجده في محافظة القطيف، مشيدا بالفنان عبد الناصر الزاير الذي سيتم تكريمه مساء اليوم الأربعاء مع مجموعة من المبدعين من محافظة القطيف، مؤكدا أن الفنان الزاير رجل عصامي يملك حس فني وإنساني كبير، ومشيدا بدور المنتدى في تنظيم هذا اللقاء الذي يهدف الى تعزيز العمل الخليجي المشترك.
وشارك الفنان القطري المعروف غازي حسين بمداخلة أبدى فيها سعادته بتواجده في محافظة القطيف التي يعتز بها كثيرا، مؤكدا في سياق عنوان الندوة ان الفن الهادف يفرض وجوده، ومع تعدد الفضائيات ووسائل الاعلام المختلفة لم يعد للرقابة الدور المؤثر كما كان سابقا، لذلك لابد أن يكون الفنان نفسه هو الرقيب الأول على ما يقدمه. وأعرب الممثل الكويتي أحمد إيراج عن شكره لمنتدى الثلاثاء الثقافي لاحتفائه بالفنان عبد الناصر الزاير، مؤكدا أنه في السابق كان يسمع عن المحبة والإعجاب له في منطقة القطيف، لكنه اليوم راى هذه المحبة على أرض الواقع.
وشارك الكاتب فاضل العماني بكلمة أكد فيها أن الفنان عبد الناصر الزاير كان خير مثال في تمثيل المنطقة على المستوى الخليجي، مشيدا بعصامية الفنان الزاير الذي نشأ يتيما، وطرح العماني تعليقا حول مدى تغير دور الفن على سلوكيات المجتمع بعد أحداث الربيع العربي في المنطقة، كما تساءل الأستاذ جعفر النصر عن مدى فاعلية البرامج الفنية المشتركة بين دول الخليج على المستوى الشعبي، وعن محدوديتها.
الإعلامي عبد الباري الدخيل قال أن الفنان عبد الناصر الزاير لم يتملكه الغرور كما هو الحال لدى فنانين آخرين وذلك من خلال تعامله معه في أكثر من موقف حيث أثبت العكس من ذلك، مختتما مداخلته بسؤال عن سبب ترك الجيل القديم للفن الهادف لصالح تجار الفن الجدد. وتساءل الدكتور صالح الزاير عن أهمية أن ننتج أعمالا فنية تكون خالدة من تقدم الزمن كأعمال شكسبير وغيرها التي تأخذ الأبعاد الإنسانية في حسبانها.
المحاضرة الكاملة: