ضمن برنامج موسمه الثقافي الثاني عشر، جدد منتدى الثلاثاء ذكرى رحيل رائد المنبر الحسيني الشيخ عبد الرسول البصارة، حيث استضاف المنتدى مساء الثلاثاء 2/3/1433هـ الموافق 14/2/2012م الأستاذ عبد الرؤوف أبوزيد والأستاذ عبد الإله التاروتي للحديث حول المنبر الحسيني في منطقة القطيف بشكلٍ عام وحول شخصية الفقيد ودوره بشكل خاص. بدأت الأمسية بتعريف موجز لدور المنبر الحسيني في حفظ هوية المجتمعات المنتمية إلى خط أهل البيت عليهم السلام، ودوره في تصحيح ثقافة المجتمعات. وقد ربط مدير الندوة الأستاذ زكي البحارنة هذا الدور المحوري برمز من رموز المنبر الحسيني في المنطقة الشيخ عبد الرسول البصارة، الذي عُرف بالتزامه الديني وإحيائه شعائر أهل البيت عليهم السلام، كما تبوأ موقعاً متقدماً في مجال الخطابة الدينية بسبب ما كان يمتلكه من قدرات ومواهب وإبداع وحس فني وجمالي.
ألقى راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب كلمتهُ مؤبناً ومعزياً رحيل هذا الرجل، والذي بفقده فُقدت مدرسةً في الخطابة والتثقيف والتربية المنبرية، وقد أشار الشايب إلى الدور الفعال الذي لعبه فضيلته رحمه الله في توعية المجتمع ومواصلة نهج تربوي ثابت من خلال رعايته لجيلٍ من الخطباء ودعمه وتشجيعه لهم واحتضانه لمجاميع شبابية عبر تدوير البرامج الثقافية والمتابعة المستمرة لكل ما هو جديد. وأكد الأستاذ عبدالباقي البصارة على الدور الفاعل لأخيه الراحل، وما تركه للعائلة من إرث كبير، واسم رفيع مما جعله علماً معروفاً بين الجميع بفضل السمعة الحسنة والشهرة الكبيرة التي حظى بها اسمه طوال سنوات عمره المديدة، والتي تسلم بها عرش المنبر الحسيني لقرابة نصف قرنٍ من الزمن. وشكر المنتدى والقائمين عليه على إقامة هذه الندوة وتخصيصها للفقيد.
وأستعرض الأستاذ عبد الرؤوف أبوزيد الجانب الثقافي في حياة البصارة، موضحاً الفرق بين الثقافة العامة للمجتمع والثقافة الفرعية التي تميز جماعة محددة، وكان المثال على ذلك، ثقافة المرحوم كخطيب، ففي هذا الجانب قاد البصارة دوراً ريادياً، واستطاع أن ينتقل بالخطابة نقلة بارزة وكبيرة في منطقة القطيف، فقد تميزت خطابته بعدة جوانب وهي الذوق في اختيار النص وطريقة إلقاءه المميزة، والتعليق على قصائد النص، والنقد، وأخيراً الجانب التكاملي، فقد كان منبره متكاملاً ومتكاملاً بين العقل والعاطفة. وأشار أبوزيد إلى طريقة الشيخ البصارة في استهلاله مجالسه، والتي كان يبدؤها ببعض الأبيات المميزة المختارة وليس أي نص، كقصيدة الشيخ حسن التاروتي والتي كان يقرأها بتميز، وهي من روائع الشعر العربي وهي:
اللراعبية بالأجرع صبابة وجدٍ فلم تهـــجعِ
أم استوجدت وأتت مورداً تمضمض منه ولم تكرعِ
أجارتنا ليس دعوى الأسى بأن تخضبي الكف أو تسجعي
إلي حمامة جرع الحــمى فليس الشجي كمن يدعي
فإمـا استطعتِ حنيـــناً له يلف الحــــنايا وإلادعي
ودمع إذا فار تنوره دماً لم أقل يا جفونــــي أقلعي
وتكلم الأستاذ عبد الإله التاروتي حول جانب من حياة الشيخ البصارة منها ذهابه إلى العراق وهو محمل بهذا الزاد الثقافي، لما يتعلق في الداخل المحلي استطاع أن يمايز بين الثقافتين وينتج طوراً مبدعاً ورائعاً اختطه لنفسه. بعد ذلك، قدم الأستاذ عبد العزيز الجابري من سلطنة عمان، التعازي في الفقيد الغالي والخطيب الكبير. وذكر للحضور عن لقاءه بالشيخ البصارة منذ سنوات، وجلوسه معه، وتعلمه منه عن طريق الاستماع، وعن طريق الهاتف، كما شهد له بأنه رجل معطاء. وأيضاً شارك الأستاذ فتحي القصاب بالحديث حول جانباً آخر من شخصية المرحوم البصارة، وهو علاقة الأب الروحي مع أهالي منطقة مياس بالقطيف.
وأجاب الخطيب حسين الفضل على بعض الاستفسارات حول الفقيد، وكان من بينها تجاربه في الخطابة وتتلمذه بين يديه. وأضاف الأستاذ عبدالباري الدخيل مشاهداً جمعته بالخطيب البصارة، وكيف كان معلماً ومرشداً وموجهاً له في تلك الفترة، مما جعله شخصاً مُقرباً ومحبباً ومنبعاً للثقافة والمعرفة. وفي الختام شكر مدير الندوة الحضور على تفاعلهم و مشاركتهم في حفل تأبين هذا الرائد الكبير، الذي رافق المنبر الحسيني مدة طويلة، بذل الكثير من أجل الصعود به وبالفعل أوجد نقلة في تاريخ الخطابة المنبرية في المنطقة.
المحاضرة الكاملة: