احتفى منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء بتاريخ 21 ذي الحجة 1433هـ الموافق 6 نوفمبر 2012م بالشاعر الكبير جاسم الصحيح في أمسية شعرية بعنوان: “مطالعات شعرية: أمسية وقراءة في ديوان الشاعر جاسم الصحيح”.
الأمسية التي قدمها الشاعر محمد الخباز وحضرها حشد كبير من الأدباء والمهتمين بدأت بكلمة لعضو إدارة منتدى الثلاثاء الثقافي الأستاذ موسى الهاشم، الذي أكد في البداية على أن المنتدى يحرص على تنظيم عدد من الأمسيات الشعرية في كل موسم لما للشعر من أهمية ثقافية، لذا فمن الطبيعي أن يستضيف علماً من أعلام الشعر وهو الشاعر جاسم الصحيح، الذي تألق كشاعر متميز على المستوى العربي وهو من مواليد الأحساء ونال جوائز عديدة في مسابقات شعرية عربية.
بعدها قدم الشاعر “جاسم المشرف” سطور من دراسة نقدية له في ديوان الشاعر جاسم الصحيح، حيث أكد على أن الشاعر يمثل ظاهرة شعرية ملفتة كانت وما زالت في طليعة المشهد الشعري، مضيفاً أن الحيرة تأخذ الإنسان حين يبدأ الولوج في إبداع الصحيح. حيث تميزت قصائده بالوحدة الموضوعية المتماسكة، واللغة الأنيقة المتفجرة حيوية ونماء. وأوضح المشرف أن ديوان “والنا له القصيد” يتألف من 35 قصيدة تتناول مواضيع مختلفة. بعدها ترجل فارس الأمسية الشاعر جاسم الصحيح متحفاً الحضور ببعض قصائده ومنها قصيدة “شحاذ الأسرار”:
وحدي هنا ..والشارع المختون
والوقت هذا الأبتر العنين
وهنا المدينة لاتضيف لجوهري
معـــنى بــه يتجدد التكوين
لي من مصير القمح دائرة الرحى
فكــأن قلبي حبـــه المطحون
أتبعها الصحيح بقصيدة ألهبت حماس الحضور بعنوان: “ما لم يقلهُ (لقمان) الحكيم لابنه” وهي مهداة إلى ابن الشاعر الصحيح (أحمد) بعد وفاة والده:
منذ هُيِّئْتُ لكْ
منذ فاضتْ
مياه الحقيقة من منبعي
وسَقَتْ جدولَكْ
كان ماضيك لي..
كان ضوءاً
بصيصاً وكنتُ أحاولُهُ كوكباً في فَلَكْ
وفيما يراه النبيُّون
كنتُ رأيتُكَ تفتح آفاقَ روحي وتعرج بين سماواتِها كالمَلَكْ
وفيما يراه المحبُّون
كنتُ رأيتُ على شُرفة الشوق كم نجمة عانقتْكَ
وكم قمرٍ قَبَّلَكْ فاغتفرْ لي إذا غالبتني عليك الليالي
وطَشَّتْ على طَبَقِ الضوءِ ملعقةً من حَلَكْ
لعلِّي اعتقلتُكَ في هيئتي أو سجنتُكَ في قامتي
أو لعلِّي اكتشفتُ مداك الجميل ولم أكتشفْ أَجْمَلَكْ!
ليجنح الشاعر الصحيح بالجمهور من خلال قصيدة بعنوان “الأرض.. فقاعة الأحزان” قال فيها:
في الشعر ما يكفي من الإيمان
لأكون للدنيا ( مسيحاً ) ثاني
أصغي لصوت الألوهة كلما
قرعت بأنخاب الهوى كأسان
كل الكلام مموه بدخانه
إلا كلام الحب دون دخان
الحب حلفني بأن لا أترك الـ
تفاح مصلوبا على الأغصان
في داخلي بن يصارع سكرا
كيما تزيد حلاوة الفنجان
مازال يكتشف اللهيب مجازة
في الشاعر المشبوب ملء كياني
شجر الغضا يمتد عمر لهيبه
بعداد ما يحوي من الأشجان!
لي – كل حين – في القصائد غزوة
وأعود .. ما بلغ الفتوح حصاني
ما نفع بوصلة تشير إلى المدى
لكنما بمؤشر سكران ؟!
بعدها قدم الشاعر فريد النمر ورقة نقدية بعنوان: “كيميائية” اللغة و “دي إن أيه” القصيدة في ديوان “وألنا له القصيد” للشاعر جاسم الصحيح. حيث قال النمر أن نصوص الديوان تمتد في فترة بين عام 1421هـ وحتى 1432هـ مما يُجمعنا على إن الديوان كما يبدو كان صديقاً وفياً وربيباً لتجربة الشاعر على الأقل منذ ” أولمبياد الجسد” حتى ديوانه الأخير”ما وراء حنجرة المغني”.
من هنا يتضح لنا إن الشروع في استيعاب تجربة ممتدة بكيميائية شعرية متحركة , يتطلب ديناميكية استيعابية بحجم ما تكتنزه التجربة وكيميائية الرؤية المتسعة والمتغيرة طرداً في ذات الشاعر التي ما إن تهدأ على ضفة الاكتشاف حتى تلج ضفة أخرى تنقب في عتمتها نحو إضاءة جديدة بحجم ما انكشف لذات الشاعر القلق لتجعل المتتبع في لهثه دائمة ومضنية.
وبين النمر من خلال الديوان حجم الذات الصارخة بالحقيقة الفلسفية المتحولة والملتفة على غصون القصيدة بحجم ثمار الشك التي تزهر بين عين السؤال الباحث عن ماهيته المتجذرة بذاتٍ متشجرة بالاكتشاف المتتابع.. وفي قصيدة أخرى بعنوان “لو كشف الغطاء ” في تماهي التجلي.
كما كانت هناك ورقة نقدية للشاعر علي مهنا ركز من خلالها على أسلوب الشاعر الصحيح البلاغي، وتخلل الأمسية كذلك نبذة تعريفية بمنتدى الكوثر الأدبي بالقطيف قدمها الشاعر زكي السالم، كما تم عرض معرض تشكيلي للفنانة رملاء الحلال.
المحاضرة الكاملة: