منتدى الثلاثاء يقيم أمسية شعرية (في رحاب المصطفى)
وسط أجواء مفعمة بالحب والوفاء نصرة للحبيب المصطفى محمد (ص) وفي ظل حضور لفيف من أدباء وناشطي المنطقة بوقفة ثقافية استثنائية امتزج فيها الفكر والعاطفة في لحظات نبوية سامقة أقام منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف أمسية شعرية بعنوان ( في رحاب المصطفى ص) إيمانا منه بهذه القضية التي شغلت العالم. وقد نظمت الأمسية عشية الثلاثاء 16 ذو القعدة 1433هـ ، الموافق 2 اكتوبر 2012م ، بمشاركة كوكبة من الشعراء من القطيف والأحساء ومملكة البحرين.
قَّدم الأمسية الشاعر أديب أبوالمكارم بكلمة عن مسلسل الإساءات المتتابعة لشخصية الرسول الأكرم (ص) ، ودور الشعر والفن في الدفاع عنه دفاعا عن قيم السماء؛ متطرقا في ذلك لظاهرة الإساءة للرموز الدينية التي عصفت بالعالم خلال الفترات الماضية وردود الفعل التي أنتجتها؛ معززا كلمته بفواصل شعرية لشعراء ماضين ومعاصرين وأقوال لمفكرين تأثروا بشخصية النبي محمد الفذة على مر العصور.
بعد ذلك ألقى عضو اللجنة المنظمة للمنتدى الأستاذ زكي البحارنة كلمة منتدى الثلاثاء الثقافي رحب فيها بضيوف الأمسية من الشعراء القادمين من أماكن متفرقة محييا فيهم الروح المعطاءة ومقدرا لحماسهم للمشاركة في هذه المناسبة، مشيرا خلال ذلك إلى اهتمام المنتدى بتسجيل موقف صادق يشارك عبره بمعالجة حضارية للإساءة إلى الرسول محمد (ص) ضمن منهجه على مدى عمر المنتدى، والذي تميز بمسامراته الفكرية وأطروحاته المتعددة.
وقد بدأ الشاعر ياسر المطوع من القطيف بدفقاته العاطفية في نصه (العشق المحمدي) مستعرضا فيه حرية الرأي التي تشدق بها الغرب تبريرا لإساءتهم لقدسية الرسول، لينتقل بعدها لنص (عشق الأبجديات) وكان مما قال:
“محمد” هبة في أرضهم نزلت ** من السماء فأجلت غيهب الكرب
“محمد” مهبط التزيل خافـقـه ** أكرم بقلب تلقى خاتم الكتب
حرية الرأي سجن بات يمنعهم ** أن يقرؤوا السيرة النوراء عن كثب
ومن مملكة البحرين اعتلى المنصة الشاعر فاضل رحمة الذي وقف على شرفة المعنى ليقوم بدور المتأمل بأنفاس هادئة تتفاعل مع العشق المحمدي بآفاقه الإنسانية المختلفة، وألقى نصين شعريين امتازا بالشاعرية المترفة بحب المصطفى (ص) صادحا بـ:
حبه تمرتي وقهواه تمري ** مالتمري من بدء عمري لقبري
يالهذا الذي تضوع وردا ** في فؤادي فعاد أروع عطر
كان يسقي من كأسه ظمئ الماء ** ويروي من عينه سيل نهر
ياللذي لم يزل إلى الآن مدا ** والمسافات كلها رهن جزر
الشاعر الأحسائي هاشم الشخص بتركيبته التراثية الأصيلة نقل الأمسية إلي أجواء الحماسة بأسلوبه السهل الممتنع الذي يباشر المعنى بألفاظ متناولة بعيدا عن الزخرف اللفظي والتعقيد الصوري، وجال بالحضوربقصيدتي (مات الحياء) و(العدل والأمل)؛ فقال:
رسول الله ما برح القصيدُ ** ومن نجواك يعلو والنشيدُ
وما زال الشعور يقاد عفواً ** وفي ذكراك يبتهج الوجودُ
بيوت الله يهدمها دعيٌّ ** وأقداسٌ يدنسها حقودُ
وقرآن على مرأىً يذرّى ** “وقل يارب مزقني الوليد”
أما الشاعر محمد المرهون من مملكة البحرين فقد قدم قصيدته الملونة بالتراكيب والصور المتجددة، واستطاع أن يتناهي مع بيئته المائية والريفية ليرسم صورة أخرى في الحب النبوي، متعالقا بذلك مع سلسلة من الشعراء عبر الأدب العربي الممتد بأسلوب أدبي رائع شد إليه الحضور:
وعندما الغرب يبدي من إساءته ** شيئا أذاقوه من مر العبارات
وينكرون إذا ما قيل أنهم في ** شأن أحمد من أهل الإساءات
حرية الغرب كانت في إساءته ** وانت حرية تبني الحضارات
مهما أساؤوا فأنت الحب يا قمراً ** في ليل أناتنا يرعى النجيمات
الشاعر علي سعيد المناميين من القطيف نفث تجربته التفعيلية مستثمرا اللحظات العرفانية التي تتخذ من الأعلى مضمارا لها ، وقال في قصيدته (محمد.. اختصار الوجود):
النبض كان محمدا ** صب الصباح مع الندى
من سالف الكون القديم ** هوى الضياء إلى المدى
كان الوجود مسكن ** فإذا بأحمد .. هدهدا
وبلون حُب مُحمد ** مثل القرنفل قد بدا
وحينما جاء دور الشاعر البحريني مجتبى التتان أهدى في مقدمته مقطوعتين جميلتين عن القطيف باعتبارها المكان المستضيف، ليحلق بعدها متأثرا بشخصية النبي محمد التكاملية بنفس ملحمي صاعد ، فصور الرسول (ص) بصورة دين الاسلام المتعاضد، معنونا قصيدته بـ (رسالة الارواح العاشقة):
هذا هو الاسلام دين تعاضد ** ومحبة يحيا عليها المسلم
هذا هو الاسلام دين حمية ** تأبى الإساءة للنبي وتقسم
قسما برب الكون إن محمداً ** سيظل خير الناس مهما قلتمو
سيظل نجماً رغم كل إساءة ** بسناه يشتعل الفضاء المظلم
آخر فرسان الأمسية الشعرية كان الشاعر ناجي حرابة من الأحساء ألقى قصيدته التي مزج فيها الذاتية والموضوعية بجرعة عرفانية مرتبطة بلغة المجرات والماورائيات بلذة النص المكتشف، فخط في رحاب الرسول (ص) قريحته بقصيدة “يس”:
بعث الله رسله كالأزاهير ** لتبني الأنام عن ريحانك
واصطفى أمة الجراح وأهدى ** لأساها ترياقه من زمانك
فإذا الشوك في صدور الصحارى ** ينبت الورد عاطرا من حنانك
يا رسول السلام جف صهيل ** النور فينا أطلق شموس عنانك
وأدر من رحى الأمان الإلهيِّ ** خيول القلوب في ميدانك
وفي خاتمة اللقاء قدم الشاعر ياسر آلِ غريب شكره لمنتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف معتبرا هذه الأمسية تظاهرة ثقافية بزخم نخبوي لحضور هذا الجمع من الشعراء والأدباء والمثقفين، وأدلى بانطباعته النقدية على جناح السرعة، مشيرا إلى القصائد التي استطاعت أن تصطاد لحظة النص المرتبطة بالحدث ودرجة وعيها الشعري.
المحاضرة الكاملة: