منتدى الثلاثاء الثقافي .. ساحة فكر وملتقى حوار

3٬250

احتفل منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف قبل أيام بتكريم طاقمه الإداري و ذلك بمناسبة مرور اثني عشر عاما على انطلاقته. و كعادته أبى إلا أن يشاركه ذلك الإحتفال الرائع جميع رواده من أبناء المجتمع و خصوصا النخب الثقافية و الإجتماعية. لم أتشرف بمعرفة المنتدى عن قرب خلال السنين الأولى من عمره لا لشيء إلا لظروف دراستي في الخارج، إلا أنني حظيت بالإنطلاق من خلاله بعد رجوعي في مطلع العام 2007. حيث بدا لي رافداً مهماً من روافد الفكر و الثقافة التي من خلالها يستطيع الفرد أن يرتقي بنفسه و بفكره في فضاءات متعددة.
بعد انقطاع عن الوطن دام ست سنوات متواصلة، كان الرجوع إلى أرض الوطن و الإنصهار في المجتمع من جديد أمر ليس باليسير كما يتيخيله البعض خصوصا لشخص لا يهوى الإنعزال و الإنكفاء على الذات. لذلك كان التعرف على منتدى الثلاثاء من خلال راعيه أستاذنا الكبير المهندس جعفر الشايب فرصة ذهبية. من خلال أمسياته الأسبوعية المتنوعة، أعطاني المنتدى الشعور بالإرتباط المتواصل بالمجتمع، بل بالوطن في معناه الأشمل و احياناً بالعالم كفضاء أرحب نعيش فيه،فمن خلال ما يطرحه ويناقشه من موضوعات و ما يلامسه من هموم و من خلال من يستضيفهم من وجوه و شخصيات ذات مكانة فكرية أو اجتماعية أو سياسية يشعر أي مرتاد لهذا المنتدى المتميز أنه يعيش في قلب الحدث و في قلب الفكر و في وسط الآراء المتعددة و التوجهات المختلفة حيث لا مكان للإنتقائية أو العصبيات الفكرية التي تقود إلى التخلف و الإنحطاط الفكري. فهناك يُضرب الرأي بالرأي و الفكرة بالفكرة و تقارع الحجة بالحجة إلى أن يولد الوعي و تبنى الأفكار الجديدة المبنية على أسس صالحة.
يلحظ من يرتاد منتدى الثلاثاء بأن المكان يتسع للجميع على اختلاف توجهاتهم و مشاربهم الفكرية و العقائدية، فترى رجل الدين و الليبرالي و المتدين و الشيوخ و الشباب و مؤخرا السيدات بشكل رائع لا يخدش مشاعر من يتحفظ على وجودهن. هناك مكان للجميع بل منبر لكل رأي مهما ذهب يميناً أو يساراً أواختارالوسط. ثمة روح تسود في المنتدى و هي روح التركيز على نقاط الإلتقاء و الهموم المشتركة. تلك الروح العالية كان لها انعكاس واضح في تحويل ما يمكن أن يكون سجالا إلى حوار هادفمبني على قواعد فكرية تخدم الوطن و تساهم في بناءه.
من يتابع مسيرة المنتدى منذ اليوم الأول لانطلاقته يجد فيه روحاً تذوب في حب الوطن، تنظر لأطرافه المترامية كمجتمع واحد حيث لا تفرقة عنصرية أو مذهبية أو قبلية و ذلك يتضح جلياً من خلال من يستضيفهم من شخصيات و ما يلامسه من قضايا و هموم. بل ساهم المنتدى في رأيي بشكل كبير و مباشر ولا يزال في حالة الحوار و التواصل الوطني بين مختلف النخب المكونة لهذا النسيج المتعدد في المملكة.
نجح المنتدى نجاحاً رائعا خلال سنواته الماضية في تلبية الكثير من الإحتياجات الفكرية و معالجة الكثير من الهموم و القضايا الإجتماعية و الحقوقية و لم يستثني في ذلك أحد. فالمرأة و همومها و الشباب و قضاياهم كانو حاضرين في كلّ موسم. بل كان نقطة انطلاق لكثير منهم حيث أن ساحته المفتوحة و تشجيعه المستمر كان و لا يزال عامل دعم و تحفيز للكثير من الطاقات لاكتشاف طاقاتهم و قدراتهم و تنميتها تنمية تخدم المجتمع و تنطلق في فضاء الوطن.
كلّ هذه الصور الجمالية الرائعة التي أهداها منتدى الثلاثاء للوطن و للقطيف لم تكن لتكون إلا بالروح العالية التي يتمتع بها راعيه المهندس جعفر الشايب، حيث أن من يعرفه جيداً يعرف أن روحه التي تنفتح على الجميع و تقبل الجميع و تعمل بجد و إخلاص في سبيل هذا الوطن و هذا المجتمع انعكست بشكل واضح على شخصية هذا المنتدى و طريقة عمله. أتمنى لهذا المنتدى الرائع ممثلاً بالأستاذ الشايب التطور و الإستمرار و دوام النجاح.

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد