كلمة سماحة الشيخ حسن الصفار في إحتفالية تكريم أعضاء منتدى الثلاثاء الثقافي

3٬367

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهأعوذ بالله من الشيطان الرجيم , بسم الله الرحمن الرحيم, الحمدلله لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله الطاهرين وصحبه الطيبين.
هذه المنتديات هي من أهم مكاسب وإنجازات مجتمعنا في هذه المرحلة الزمنية. في مجتمعنا كانت تحصل هناك لقاءات يمكن القول عنها بأنها عفوية حيث يجتمع الناس ضمن شرائحهم المختلفة, ويتبادلون الأخبار والهموم ولكن لم يكن هناك ملتقى منتظم تجتمع فيه النخبة المهتمة بالشـأن العام. وقد تلمس الأخ الأستاذ جعفرالشايب حاجة المجتمع لوجود مثل هذا النشاط, وبادر لعقد هذا الملتقى, ولعله كان أول ملتقى من نوعه في محافظة القطيف. وكانت هناك شكوك وهواجس في إمكانية استمرار هذا الملتقى بسبب الظروف السياسية والإجتماعية والإنشغالات المختلفة للأستاذ جعفر, ولكني كنت واثقاً من أن هذا الملتقى سيستمر وسيحقق النجاح, وسيشق الطريق أمام هذا النهج وأمام هذا النشاط. وسبب ثقتي لأني رافقت الأخ جعفر في أنشطة سابقة, رافقته في مجال العمل السياسي ورأيت نشاطه ومثابرته وجديته, مع صعوبة الظروف التي كنا نعيشها في الخارج, ولكنه كان يتمتع بحيويه فائقة, وكان مثابراً ونشطاً, يتحدى المعوقات والعراقيل المختلفة.
كمارأيت وعاصرت تجربته في مجال العمل الطلابي في أمريكا ولا ازال أتذكر أول رحلة لي إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنة1980م, حينما بدأنا التفكير مع مجموعة من الاخوة لإيجاد نشاط يهتم بالمبتعثين من أبنائنا هناك. وقاد الأخ الأستاذ جعفرالشايب بمعية عدد من الأخوة والأصدقاء هذا النشاط لثمان سنوات متواصلة, وكان هناك لقاء سنوي أثناء عطلات عيدالميلاد “الكريسميس” يستوجب إعداداً مسبقاً لعدة شهور. لهذه التجارب وأمثالها كنت واثقاً من أن هذه المبادرة ستكون أيضاً ناجحة وستتحول إلى منهج وإلى سنةٍ حسنة في مجتمعنا. والحمدلله إستمرهذا المنتدى, ورأينا آثاره ونتائجه. وماكان لهذا المنتدى أن يستمر لولا تفاعلكم, تفاعل المثقفين والمهتمين بالشأن العام, ولولا جهود الأخوة والأخوات الذين ساعدوا في إدارة هذا الملتقى مع الأستاذ جعفر, فله ولهم ولكم جزيل الشكر.
ولا شك ان هذه المنتديات تقوم بوظيفة مهمة, تتصل بمجال صناعة الرأي والثقافة في المجتمع, مجتمعاتنا تعاني من أزمة صناعة الرأي, وحرية التعبير. هناك أوضاعاً سياسية ودينية ثقافية وإجتماعية, لاتخدم صناعة وإنتشار الرأي. هذه المنتديات تساعدنا على تداول الآراء وإنضاجها وبلورتها ونشرها في المجتمع.
ويمكن القول ان من اهم وظائف هذه المنتديات مايلي:أولاً: التعارف بين المثقفين والمهتمين بالشأن العام, والتعارف الفكري بين ذوي الآراء والإتجاهات والتوجهات المختلفة.هذه هي المهمة الأولى.المهمة الثانية: إنضاج الرأي وبلورته فقد يكون لدي رأي, ولكن كيف أثق أكثر بصوابية رأيي؟ لايتم ذلك إلا إذا شاركني الآخرون في بحث هذا الرأي ومناقشته وملاحظة نقاط ضعفه. لذلك ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام أنه قال: “أضربوا الرأي بعضه ببعض يتولد منه الصواب” وفي كلمة أخرى “من إستقبل وجوه الآراء عرف واقع الخطأ”. حينما يعيش كل واحد منا في صومعته الخاصة به, و يتبنى افكاراً و آراء معينة, فليس من المعلوم أن تكون تلك الآراء والأفكار بالدرجة التي يتصورها هو من الصواب والصحة. هذه المنتديات تساعدنا كثيراً في بلورة وإنضاج افكارنا وآراءنا.
المهمة الثالثة: أن هذه المنتديات تساعد على نشر الفكر والثقافة والآراء الجديدة في المجتمع, من خلال حضورالشباب والناشئين والمهتمين بالشأن الفكري والسياسي والاجتماعي. هذ المنتديات تساعد على إنتشار هذه الآراء والافكار. وأخيراً فإنها تؤسس وتضع أرضية للعمل الوطني والاجتماعي العام على أساس تقارب الآراء, وعلى أساس التوافق في المشاركات فيما يخدم المصلحة الوطنية العامة. إن من المهم جداً ان يأتي الانسان لكي يبحث عن الرأي الآخر, فكثير من الناس يحبون أن يسمعوا مايوافقهم ومايوافق آراءهم, لكن الصحيح أن يكون الانسان أكثر سروراً بإطلاعه على ما يخالف رأيه إذا عرف ما يوافق لرأيه. حينما تسمع رأياً موافقاُ لرأيك فأنت ترى نفسك وترى صورتك ,لاتزداد شيئاً جديداً لكنك حينما تسمع رأياً مخالفاً فإنك تكون قد حصلت على شيء جديد يمكنك من أن تعيد فحص رأيك والتأكد منه اوتطوير الرأي الذي تسمعه. من هنا فإن هذا المنتدى كانت له اثارٌ ونتائج كبيرة في واقعنا الاجتماعي, نسأل الله سبحانه وتعالى ان يوفق الحاضرين وأصحاب المنتديات المختلفة في المنطقة, فالحمد لله أصبحت منطقتنا عامرة بعدد من المنتديات التي هي ولاشك روافد لفكرنا وثقافتنا, ونتطلع إلى أن تكون هذه المنتديات دافعاً لنشاط على المستوى الوطني يمكننا من خدمة مجتمعنا ووطننا ومن القيام بما نتطلع إليه من تطورات واصلاحات على المستوى الاجتماعي والوطني.
اجدد الشكر للأستاذ جعفرالشايب, واسأل الله ان يمنحه العمر المديد والصحة والعافية لمواصلة رعاية هذا المنتدى ولمواصلة نشاطه المدني في مختلف المجالات, كما أشكر الإخوة والأخوات الذين يبذلون جهوداً جبارة في إدارة هذا المنتدى, وفي توثيقه, وآمل أن يبرز هذا التوثيق وأن ينشر حتى يبقى وثيقة فكرية إجتماعية وطنية, وأرجوا ان نتفاعل جميعاً مع مثل هذه المنتديات ونتجاوب معها وأن نرفدها دائماً بالدماء الجديدة. قلت للأستاذ جعفر ذات مرة علينا أن نعمل من أجل مجيء أبنائنا بل أحفادنا من أجل أن يحضروا هذه المنتديات, ولاينبغي أن تبقى هذه المنتديات ضمن عمرمعين, وينبغي أن نجدد فيها الدماء دائماً وابداً. التحدي الكبير امامنا هو مجيء هذا الجيل الجديد من أبنائنا وبناتنا وشبابنا لكي نسمع منهم ولكي يناقشونا ونناقشهم, لكي نستلهم من شبابيتهم وحيويتهم. أسأل الله تعالى أن يوفق الجميع للخير والصلاح وشكراً لكم جميعاً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد