ضمن فعالياته للموسم الثقافي الثاني عشر، استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء 13/4/1433هـ الموافق 6/3/2012م ستة من شباب الوطن في ندوة للحديث عن “الشباب وقضايا المشاركة: التحديات والآفاق”، وتناولت الندوة ثلاثة محاور رئيسية هي: واقع مشاركة الشباب في الشأن العام، معوقات مشاركة الشباب، آفاق ومجالات المشاركة.
وعرف مدير الندوة الأستاذ محمد الخباز الشباب المشاركين وهم: محمد الغانم (كاتب وموظف أهلي، خريج جامعة اركنساس في العلاقات الدولية)، مصطفى العبد الجبار (رئيس اللجنة الإعلامية لمهرجان القطيف – واحتنا فرحانة)، باقر آل قريش (خريج هندسة بترول من أمريكا ومشارك في الحوار الوطني)، داليا السنان (خريجة إعلام ومخرجة تلفزيونية)، إيمان الشايب (طالبة أدب فرنسي بجامعة الملك سعود بالرياض، ومشاركة في مهرجان القطيف)، فاطمة النمر (طالبة تمريض وناشطة اجتماعية).
في بداية الندوة تحدث الأستاذ محمد الغانم عن تعريفه للعمل الاجتماعي التطوعي بقوله أنه تخصيص جزء من الوقت للعمل في مجال النفع العام من دون ان يعود على الفرد أي منفعة مادية، موضحا أننا الآن بدأنا نلاحظ تغيرا ملموسا حول إقبال الشباب على العمل الاجتماعي قياسا بالفترة السابقة. وبين أن النسبة العددية للإقبال على الأعمال التطوعية هي في إزدياد، لكنها تعتبر صغيرة على مستوى المجتمع، مضيفا ان الكثير من أبناء المجتمع لا زالوا منكفئين عن المشاركة في الأعمال التطوعية. وقال الغانم ان الأعمال التطوعية بحاجة إلى فكرة في البداية، ومن ثم سيأتي الدعم المادي لها، مؤكدا ان المعوق الأساسي لمشاركة الشباب هي النظرة السوداوية التي تحول دون القيام بأية مبادرة.
أما باقر آل قريش فقال في بداية مداخلته أنه مع المتغيرات التي تجري في العالم وتطورات الربيع العربي أصبح الشباب هم من يبادر ويقود المجتمع، مع محدودية الفرص المتاحة أمامهم، مضيفا أن كل شاب بحاجة إلى موجه يرشده نحو الهدف، والتطوع في الشأن العام، مؤكدا ان الكثير من الشباب بحاجة لمن يحتضنهم. وعن المعوقات التي تواجه مشاركة الشباب في الشأن العام قال آل قريش: ان الهم الحياتي والشخصي هو أبرز عائق أمام الشباب فهو يفكر في حياته الخاصة وصنع مستقبله فقط.
بدوره قال مصطفى العبد الجبار أن الشباب أصبحوا يتداخلون مع الفعاليات الإجتماعية خصوصا بعد التداخل الفكري بين الشباب والجيل السابق، مما أنتج العديد من الأفكار والفعاليات. وأضاف ان عدد المتطوعين في محافظة القطيف يعتبر كبير جدا، وهذا يظهر من خلال المشاركة في المهرجانات التراثية التي تقام في المنطقة. وأكد العبد الجبار ان ما ينقص المجتمع هو وجود مركز يحتضن المتطوعين الشباب من أجل تحفيز الشباب على العمل وإقامة الدورات والأنشطة المختلفة، مضيفا أننا نضع بعض المعوقات الوهمية أمامنا، كما أن هناك أناس هم ضد الأفكار الجديدة مما يجعلهم يرفضون أي تجديد خوفا على مواقعهم التطوعية.
الأستاذة داليا السنان قدمت نبذة عن تجربتها في العمل بجائزة القطيف للإنجاز، وقالت إن تجربتها أثبتت أنه لم يعد هناك حاجز أمام المرأة للعمل وطرح الأفكار والمبادرات. وأشارت إلى أن جائزة القطيف للإنجاز كانت فرصة أبرزت طاقات وكفاءات عديدة، وهي فرصة مناسبة لإبراز الوجه الآخر للقطيف. ونصحت المخرجة داليا السنان الشباب بأن لا ينتظروا أحدا ليقدم لهم الفرصة، بل أن عليهم أن يبادروا هم لأخذ هذه الفرصة، مؤكدة أن جائزة القطيف تطرح هذه الفرصة أمام جميع الشباب من اجل العمل والتطوع فيها.
أما إيمان الشايب فقالت أن هنالك إقبال كبير من قبل المرأة للمشاركة في الشأن العام، وقالت أن المجتمع بحاجة لبث دماء جديدة فيه، موضحة أن الشباب يملك إمكانيات كبيرة، لكن الإصرار هو الذي يكسر حاجز الخوف والتردد لدى الشباب، والآن هنالك طاقات شابة جديدة ومتحمسة أكثر من أي وقت مضى، كما أن الإعلام أصبح له دور كبير وقوي في التعبير عن الرأي.
وقالت فاطمة النمر أن الصورة لم تتبلور بشكل واضح لحد الآن أمام مشاركة المرأة خصوصا وأنها تعيش في مجتمع منغلق وهنالك قيود إجتماعية كثيرة، لافتة إلى أننا بحاجة إلى مشاركات سياسية وإعلامية أكثر مما هو قائم الآن، مطالبة الجيل السابق أن يشجع الشباب على الدخول والمشاركة في مختلف الأعمال التطوعية.
في بداية المداخلات تحدث الأمين العام لجائزة القطيف للإنجاز المهندس عبد الشهيد السني عن خبر حصول لجنة التنمية الأهلية الإجتماعية بالقطيف على إقامة مركز للتطوع، وهذا أمر مشجع للشباب الراغبين في المشاركة، وأضاف أن جائزة القطيف للإنجاز تتميز بوجود مجموعة كبيرة تعمل بروح الفريق الواحد، وأن هذا هو أحد مجالات المشاركة للشباب مشيرا إلى أن باب التطوع تم إقفاله في الجائزة بسبب كثرة الطلبات. أما الكاتب ميثم الجشي فأشار إلى أن المرأة لم تأخذ دورها في المجتمع، بل يحتاج إلى جهد كبير لتحصل عليه مطالبا أياها بتنوع الأدوار.
أما الأستاذ حسن العيد فقال أن الواجب على قيادات المجتمع أن يمكنوا الشباب في أخذ دورهم، كما تساءل الناشط الحقوقي وليد سليس عن أسباب إنعزال الشباب وعدم التواصل مع نظرائهم من مختلف المناطق في المملكة، مؤكدا أن تعليق المشاركة والتفاعل على تغير الظروف أمر لا مبرر له. وقالت الأستاذة إيثار القاو أن جزءا كبيرا من ثقافة العمل التطوعي هي في لذة العمل نفسه، وهذا ما يفقده الكثير لعدم دخولهم في هذا المجال، مطالبة بالإهتمام بالأطفال وتربيتهم على ثقاقة العطاء والمشاركة.
الناشطة الاجتماعية فوز الضامن قالت أن مسئولية تغييب الشباب عن الأعمال التطوعية والإجتماعية تقع على الشباب أنفسهم بصورة كبيرة، كما أنه من مسئولية القيادات الإجتماعية أيضا، وأشارت إلى الحاجة إلى أن تكون المشاركة مستمرة ودائمة وليست مؤقتة، موضحة إلى أن بعض المتصدين لا يريد أن يعطي دورا حقيقيا للجيل الجديد. وقال مهدي الزاهر أن الشباب هو من يستطيع أن يصنع له موقعا ومكانة، فمؤسس الفيس بوك والكثير من الإبداعات العلمية المحلية والعالمية هم شباب ومنهم من لديه براءات إختراع من أبناء منطقتنا على الرغم من الصعوبات والمعوقات. أما عبد الله السعد وهو احد مؤسسي إحدى لجان العمل التطوعي فقال أن هنالك عقبات أمام مشاركة الشباب ناتجة عن محدودية المساحة للعمل وكثرة القيود التي ينتج عنها حالة من التذمر لدى الشباب.
رئيس جمعية تاروت الخيرية السابق الأستاذ عبد الرؤوف أبو زيد قال إن العمل التطوعي بحاجة إلى إنكار الذات، واصفا مشاركة الشباب بأنها إنفعالية ووقتية في معظم الأحيان وليست تفاعلية. أما محمد الدهان المشرف على دورة كافل اليتيم بتاروت فأوضح أن المطلوب هو بناء قيادات شابة وأن على الشباب إنتزاع دورهم، لأن المتطوعين الموجودين لن يتنازلوا عن دورهم ببساطة. وقال عضو اللجنة المنظمة بالمنتدى الأستاذ زكي البحارنه أنه ينبغي عدة قراءة المعوقات من خارج العمل، فمظم المعوقات ناتجة من بيئة العمل ذاتها، والمشاركة في الشأن العام تكشف للإنسان ذاته أمام نفسه قبل الآخرين. كما أشار الأستاذ سلمان الرمضان الرئيس السابق لجمعية الفلك إلى أن عدد المشاركين في الأعمال التطوعية هو في تناقص ليس في بلدنا فقط، موضحا أن الإنسان الكفؤ يمكن أن يحتل الموقع الذي يرغب فيه متجاوزا كل معوقات التهميش. وأوضحت زينب السادة أن ما ينقص الشباب هي الجرأة في المشاركة والنظرة الإيجابية للآخر.
وفي الختام تحدث راعي المنتدى المهندس جعفر الشايب مشيرا إلى أهمية تفهم حماس بعض الشباب، ونقدهم المباشر لبعض القضايا وأداء المؤسسات، ولا ينبغي أن يكون ذلك حائلا دون الإستماع لهذه الآراء مهما كانت حادة وجريئة. وأضاف أن النظرة إلى الشباب عادة تكون قاصرة، وفي المجتمعات المتقدمة تقام برامج خاصة لتمكين الشباب من القيادة ولإشراكهم في الشأن العام والمؤسسات المختلفة، وهذا ما ينقص مجتمعنا مما يقلل فرص مشاركة الشباب وبالتالي ينتج لدى الشباب انحرافات وسلوكيات خاطئة أو غير موجهة.
وفي نهاية اللقاء تم تكريم المشاركين في الندوة من الشباب وتسلميهم شهادات التقدير على مشاركتهم.
المحاضرة الكاملة: