في أمسية شعرية وجدانية حملت عنوان “النصوص الوجدانية بين القراءة والتحليل”, رفرف جمهور منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف حول الشاعرين سعود عبد الكريم الفرج وفريد عبد الله النمر, حيث أدار الأمسية الشاعر ياسر الغريب في مساء الثلاثاء 29 محرم 1432هـ الموافق 4 يناير 2011, فقدم للحضور تعريفاً للشاعر فريد النمر حيث ذكر أنه من مواليد العوامية, حاصل على شهادة الدبلوم العالي لأجهزة المرحلات, بدأ اهتمامه بالأدب والشعر منذ صغره, درس الشعر والعروض, وهو عضو في رابطة تمائم الأدبية, والفائز بالمركز الرابع في مسابقة خديجة الديلمي الأولى بالبحرين 2010م, من مؤلفاته: “النص الأدبي بين ثقافة النص وبيئته” , ديوان “على نمط الأسفار” و ديوان “عشق في زجاجة”, كما عرف للحضور الشاعر سعود الفرج, حيث ذكر أنه من مواليد العوامية, وعضو اتحاد الكتاب العرب سابقاً , ورابطة تمائم الأدبية, ويعد من أعلام الأدب في محافظة القطيف, شارك في مهرجان فأس الأول للإبداع الشعري بمدينة فاس المغربية عام 2010م , وقد صدر له العديد من الدواوين نذكر منها “بوح الشعور”, “ربما أمل” و “وجه المرايا”.
استهل الغريب الأمسية بمقولة للناقد المعروف الدكتور عبد القادر القط أشار فيها إلى ” أن الحركة في الشعر ايجابية تقوم في جوهرها على فرحة الفرد باكتشاف ذاته, بعد أن ظلت ضائعة مقهورة, وتطلعه إلى المثل الإنسانية العليا إلى حرية وكرامة وعدالة وعفة وعشق للكمال والجمال”, ورحب بضيوف الندوة وحضورها من الأدباء والشعراء والمثقفين.
افتتح الشاعر النمر الأمسية بمقطوعة يرحب فيها بالعام الجديد فيقول:
عام يمر على الأوداج نابضه ** قيثارة العمر والمكتوب ينهمر
حتى إذا ذوبت أنغـــام فرحتنا ** تذاكـــــرتنا نجوم الوقت والقدر
يا ذروة الضوء لا تنسي حقيقتنا ** فإن ما بيننا كم يـولد القـــــــمر
هذه سنابلك الأولى تجردنــــــا ** إن الزجــاج بباقي العمر ينكسر
ففي السطور قراءات ستخبرنـا ** يـــــوما بأن الهوى الفضي يعتذر
وفي قصيدة الشاعر النمر “غيمات على فم البحيرة” تنضح قريحته الشعرية الشاعرية حيث السفينة تبحر من عيني معشوقته, وحيث هي تحتل مدينة العشق بأكملها فيقول:
مرفأي عينيك المضيئة وحدتي ** هل تسمحي للعشق رسي سفينتي
لأداعب المرساة من بحري الذي ** بالأغنيات يشد موجة غربتـــــي
بعدها حلق الحضور فوق واحة القطيف مع الشاعر سعود الفرج في قصيدته ” واحة الجمال” التي استهلها بقوله:
يا خـط يا كيتــوس يا أحلى قصيــــــدة ** يا زارتي الشماء والمدن التليدة
يا واحتي الخضراء والجزر النضــيدة ** لازلت شامخة بأنوار العـــقيدة
وقد عبر الحضور بالتصفيق الحار لمقطوعته الثانية التي عنونها بــ “شواطئ العشق” وقال فيها:
يوم التقينا بمرج كنت أسألكم قلتم ** تصبر فحتى الصبح ينحسر
بشاطئ الوعد قد عاد اللقاء نغماً ** حيث الشموع رنت يزهو بها القمر
هناك إذ جن من عشق ومن وله ** وراح يسكر من شوق به البصر
والذي أصر أن لا تخمد نيران الهوى فيها فسجّر نهايتها بــ :
هل أسأل القلب يا دنيا أناشدها ** أهكذا الحب يمضي, والجوى خطر؟
وخلال الأمسية تنقل الحضور بين قراءات الشاعرين في نصوص وجدانية متنوعة شملت: “غيمات على فم البحيرة” , “كنه الشك على الأشياء” , “نافذة تعشق الريح” , “وطني يحيرني الكلام” , و “قيثارة على شفة التوت” إلى “لا تحزني”, ” أخفيت” , “ولادة متعسرة” , “ويشهد الليل” , “الصمود” , “اللعبة أخطر” , “بالحب نسمو” , “سافرت” , لكنه الوجد” و “يا نوارس الحب”, اللاتي غازلهن الضحك وألهبهن صفيق الحضور.
ثم فُتح المجال للحضور بالمداخلات حول سؤال أثاره مدير الأمسية يتعلق بحال الشعر في زمن العولمة, فطرح الأستاذ وليد المطاوعة تساؤلاً حول تجديد المفردة فيما يتعلق بالوجدان وتأصيله في الأبيات الشعرية, مستفهماً حول مدى حاجة الشعر الوجداني إلى تطوير المفردة وكذلك الإيقاع , فذكر الشاعر فريد النمر أن نبش اللغة المبتكرة هو هاجس الشعراء, أما بالنسبة للإيقاع فأن الإيقاع هو الصوت الداخلي للقصيدة فمتى ما أحدث تناغم بين الشعر والمستمع كان للقصيدة النجاح الكبير.
ثم طرح الأستاذ علي الشيخ تساؤلاً حول قول أحد النقاد أنه كي يكون النص مبدعاً يجب أن تكسر العلاقة الضمنية بين المؤلف والقارئ, كما تساءل حول مقولة “أن القصيدة غير المثقفة هي قصيدة غير ناضجة ” محاولاً استيضاح تلك المقولة. فبادر الشاعر فريد النمر بقوله أن الثقافة المقصودة هي ثقافة البعد الثالث أو البعد غير المقروء بحيث تنضح القصيدة بمعاني جديدة وأفكار متصلة وثقافة بناءة, ثم أحال السؤال إلى مشكلة ثقافة النص, وعبر عنها أنها مشكلة خطيرة غير ملتفت لها. وأوضح الشاعر سعود الفرج أن القصائد الوجدانية تنطلق من معاناة الشاعر, فالمتلقي ليس له وجود في القصيدة, وقد يتوقف أيضاً على ثقافة المتلقي.
وقد رافق الأمسية تقديم لوحات للفنانة التشكيلية الأستاذة رقية التاروتي, وهي من مواليد القطيف, عضو المنتدى النسائي بالقطيف, وجماعة الفن التشكيلي في نادي الفنون بالقطيف, ومدربة رسم وفن تشكيلي من المرحلة المتوسطة وحتى الجامعية, شاركت في العديد من المعارض داخل المملكة وخارجها.
ثم اختتمت الشاعرة نهى آل فريد المداخلات حيث ذكرت أن أصدق ما يكون الشعر هو حينما تكون الكتابة في حال الانعتاق من قيود الوعي إلى حرية اللاوعي, هذه اللحظة هي الفيصل في أن تكون كاتباً ناظماً أو كاتباً شاعراً, متسائلة حول قصائد الحب اليوم ما إذا كانت نتاج انعتاق الوعي أم اللاوعي, مشيرة إلى أن هناك نسبة قليلة من الشعراء الذين يقرؤون شعرهم الغزلي على نصفهم الآخر. أقر الشاعر سعود الفرج أنه يلقي قصائده على نصفه الآخر, بل ويستشيره ويأخذ برأيه أحياناً, وكذلك الشاعر فريد النمر ولكنه أضاف أن ما يحده فيما يطلعه نصفه الآخر أو المحيطين به بشكل عام هو مدى الاهتمام بما يلقى عليهم.
في نهاية الأمسية قدم راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب شكره الجزيل للشاعرين وللحضور كما طلب من الجميع تقديم مقترحاتهم التي تسهم في تطوير الحركة الأدبية في المنطقة على وجه الخصوص.
المحاضرة الكاملة: