القى الأستاذ محمد علي الناصر بمنتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء 21 ذو القعدة 1427هـ الموافق 12 ديسمبر 2006م محاضرة تحت عنوان”المقتنيات الأثرية في المنطقة”، حضرها ثلة من المهتمين والمتابعين لتراث المنطقة وآثارها. وأدار الندوة الكاتب الأستاذ ذاكر حبيل عضو اللجنة المنظمة للمنتدى التي بدأها بالتعريف بالمحاضر الذي درس القران ومبادئ الخط على يد والده ثم اتجه إلى الدراسة الدينية في النجف الاشرف، وحضر عند علماء وأساتذة الحوزة العلمية فيها، وله العديد من المؤلفات في مختلف الدراسات، وقد اهتم بالتراث جمعا وتاريخا ودراسة، وكتب عن تاريخ بلدة القديح ما يقارب سبعة كتب منها “تاريخ القديح” و “أعلام القديح”، وطبع أول مؤلف له في علم التوحيد تحت عنوان “الله الخالق القدير”، كما أن له مجموعة من الدواوين الشعرية المطبوعة.
وقد قدم مدير الندوة الأستاذ ذاكر آل حبيل تعريفاً لمعنى المقتنى الأثري من خلال المقاييس العالمية لمعنى التحفة الأثرية وهي تلك القطعة القديمة ذات القيمة الفنية، مشيرا الى أن جمع التحف يعد هواية عند الكثيرين من ابناء المجتمع في المنطقة منذ القدم. ووضح أن المتاحف تعرض مجموعاتها الأثرية من التحف لقيمتها المميزة، أو لأهميتها التاريخية، وتختلف الآراء في تحديد الزمن الأدنى، الذي يؤهل تحفة ما للدخول في عداد التحف، ولكن معظم المعنيين باقتناء التحف يشيرون الى أنه لا بد أن يتجاوز عمر القطعة الاثرية 100 عام لتكون تحفة، وأن يكن القدم هو الدافع الوحيد للاقتناء. كما وضح أن أكثر ما يهم جامعي التحف هو ما تثيره لديهم من إحساس جمالي، أي أن تكمن جاذبيتها في طرازها الفني وتكوينها الزخرفي، ويجمع البعض على تفضيل العمل اليدوي للتحف على الصناعة الآلية.
ونوه مدير الندوة على الأهمية التي يوليها منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف لتسليط الضوء على مجاميع المهتمين بهواياتهم المحددة، لإعطائهم الفرصة للتعبير عن ذواتهم وكفاءتهم في مجال الاهتمام، وللتعارف فيما بين المهتمين ضمن دائرة الهواية نفسها، وتمنى مدير الندوة أن تشهد بلادنا الحبيبة قريباً ولادة نظام الجمعيات الأهلية لكي يأخذ الجميع فرصته في مزاولة نشاط اهتمامه بكل يسر وحرية.
ثم استهل المحاضر الأستاذ الخطيب محمد علي الناصر حديثه بتعريف التراث ضمن المعنى القرآني مؤكد عليه من خلال الآية الشريفة “ويأكلون التراث أكلا لما” سورة الفجر. وقام بعد ذلك بالتعريف بالتراث بالمعنى الحضاري مشيراً إلى أنه كل ما أعطتنا إياه الحياة عبر الأزمنة سواء كان علمياً أو ثقافياً أو تراثيا أو غير ذلك، مشيرا الى أهمية جمع التراث وما يتضمنه من أمور كثيرة هادفة وقيمّة، وأكد على مدى أهمية الثقافة والعلم التي يجب أن يتحلى بهما المقتني إضافة إلى حصيلته الفكرية الواسعة ومعلوماته القيمّة تجاه المقتنيات الاثرية، وإلا فعليه أن يرجع لذوي الاختصاص من كفاءات علمية، وخبراء في هذا المجال، ليبينوا القيمة الاعتبارية والمادية فضلاً عن صحتها وزيفها وغيرها من أمور الفحص الدقيق لهذهه المقتنيات.
و أشار المحاضر إلى أجزاء أخرى من التراث وعددها أجمالا؛ وألمح كذلك إلى أن فئة من الناس تعتبر التراث مقتصراً على المخطوطات والمجوهرات بيد أن التراث يأتي من مخلفات ما تركه الملوك والعلماء والأدباء والشعراء في أزمنة قديمة وغابرة. بعد ذلك ذكر المحاضر بأهمية المعرفة الأولية بمعايير الاقتناء خصوصاً حين الركون إلى أحد طرق الاقتناء، وهو التبادلية فيما بين المقتنين أنفسهم حيث أن عدم المعرفة الكافية، أو الجهل بقيمة المقتنى يؤدي إلى خسارة معنوية ومادية فادحة، يعرفها ذوي الاهتمام في هذا الاختصاص.
وفي كل النقاط التي ذكرها المحاضر طعمّها بمزيد من الأمثلة والقصص الشخصية، من خلال مواقفه هو مع مقتنياته، الذي تداخل فيها النجاح بالإخفاق، والمضحك بالمبكي، لكنها جميعاً أعطتنه الخبرة التي أحتاجها لخوض التجربة بكل جدارة وثقة كما قال.
وفي نهاية كلمته، ذكر الأستاذ الناصر جملة من المشكلات التي تعترض جامعي المقتنيات الاثرية سائلاً زملائه في ذات الهواية، أن يكثفوا الاتصال فيما بينهم، بل ويحددوا لهم مكاناً وزماناً مناسبا للالتقاء وتبادل المعلومات في فنهم، كما في الأماكن الأخرى، وفي البلدان المتطورة التي أدركت القيمة الحضارية لهذه الهواية، وسهلت للهواة كل السبل لكي يظهروا ما لديهم، ويتواصل الناس مع تراثهم الإنساني العام.
بعد ذلك أعطى مدير الندوة الفرصة لجمهور الحاضرين للتداخل وطرح الأسئلة، والتي جاءت متفاعلة جداً مع الموضوع، وصبت في مجملها على المشكلات التي يعانيها الهواة في هذا المجال الحيوي الحضاري، وكان من أهمها معرفة المزيد من المعايير من لدن ضيف المنتدى الذي كان بحق ضليعاً بها، كما دارت كثير من الأسئلة حول الدور الرسمي لمساعدة مقتنيي التراث على مستوى المعلومة والتوثيق للمقتنى، وسبل الحصول على ترخيص جلب المقتنيات من الخارج، وتسهيل عملية دخوله بيسر، فضلا عن كيفية الحصول على رخصة فتح متحف شخصي؛ والذي أجاب عليها الأستاذ زكي آل سيف والأستاذ نزار عبد الجبار باستفاضة، وهما من منسوبي المتحف الإقليمي بالدمام.
المحاضرة الكاملة: