الميلاد يقرأ ملامح وأبعاد التطور الثقافي في منتدى الثلاثاء‏

4٬677

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف الأستاذ والباحث زكي الميلاد مساء الثلاثاء 16/6/1430هـ، الموافق 9/6/2009م وذلك لتقديم قراءة نقدية عن ملامح وأبعاد التطور الثقافي في المملكة. والميلاد من مواليد القطيف، باحث متخصص في الفكر الإسلامي، ومستشار أكاديمي في المعهد العالمي للفكر الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية. منحه الإتحاد العالمي للمؤلفين باللغة العربية لقب (دكتوراه إبداع) على مجموع المؤلفات والأبحاث والكتابات والأعمال الفكرية الأخرى. شارك في الكثير من الندوات والمؤتمرات والحلقات الدراسية والفكرية والأكاديمية في عدة عواصم ومدن عربية وإسلامية وغربية.

وهو عضو في العديد من اللجان والجمعيات والهيئات والمنتديات، مثل الجمعية العمومية للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في طهران, المنتدى العالمي للوسطية في الأردن، اتحاد كتاب العرب في سوريا، الجمعية التركية العربية للعلوم والثقافة والفنون في أنقرة، المنتدى العربي للحوار والمواطنة في بيروت، وغير ذلك، كما أنه عضو الهيئة الاستشارية لعدد من المجلات الفكرية العربية المعنية بقضايا الفكر الديني العاصر والدراسات القرآنية والاجتهاد، كمجلة تفكر السودانية، مجلة الحياة الطيبة، مجلة المعارج، مجلة نصوص معاصرة، مجلة إسلامية المعرفة، وجميعها في بيروت. له من المؤلفات ما يزيد على ثلاثة وعشرين مؤلفا خاصا وعشرين مؤلفا مشتركا، فضلا عن عشرات المقالات والدراسات والأبحاث المنشورة في أكثر من ستين دورية ومجلة وصحيفة عربية وأجنبية، وله مقال أسبوعي في جريدة عكاظ.

وقد أدار الأستاذ محمد الشيوخ الأمسية، فقدم لها بحديث أشار فيه لصعوبة رصد جميع ملامح تحولات المشهد الثقافي في المملكة، خصوصا في الثلاثة عقود الماضية؛ لما حدث فيها من تحولات كثيرة ساهمت فيها عوامل داخلية وخارجية، يستدعي رصدها متابعة دقيقة ومستمرة. وبسؤاله عن العوامل التي جعلت النسق الثقافي في المملكة يتغير بشكل دراماتيكي وسريع تاركا الإجابة للضيف.

بدأ الأستاذ زكي حديثه بإثارة موقعية منطقة القطيف من المشهد الثقافي السعودي العام، مشيرا للتطورات الثقافية التي شهدتها في العشر سنوات الماضية واعتبارها التطورات الأهم في تاريخ المنطقة الثقافي ككل؛ مراهنا على إشارة التاريخ بأخباره ودراساته لذلك مستقبلا.

ووثق الميلاد لرؤيته تلك بالإشارة لثلاثة ملامح أساسية لمشهد القطيف الثقافي، تمثل أولها في عدد المجلات والدوريات الثقافية التي قدمت أقلاما نخبوية بلورت لروافد معرفية تجاوزت حد التاريخ والأدب، متسائلا عن محافظة أخرى – وليس مدينة كبرى – توازي إصداراتها الثقافية إنتاج القطيف بما يتضمنه ثقافيا وأدبيا وتاريخيا وفقهيا؛ مشيدا في ذلك بمجلتي الواحة والكلمة حيث تجاوزتا عقدا كاملا أثبتتا فيه القدرة على التجدد الفكري والتطور المستدام بزخم وحيوية.
الملمح الثقافي الثاني الذي أشار له الضيف مثله في ظهور عدد كبير من المنتديات الثقافية الأهلية؛ التي فتحت للمثقفين منبرا استطاعوا من خلاله التعريف عن أنفسهم، فتمكنوا من بلورة إطار للتواصل البناء والحوار الفاعل بين شريحة بلغت في بعضها أرفع المستويات العلمية كالدكتوراة في مختلف المجالات الفكرية والمعرفية والإنسانية؛ داعيا المجتمع للالتفات والالتفاف لهذه الشريحة وحولها، وموازاتها برجال الدين.

وأشار الميلاد للتحدي الذي تواجهه المنتديات الثقافية في قدرتها على التجدد والتطور الذي يمكنها من المحافظة على زخمها لتجاوز حالة التماثل في ظل الكثرة الكمية. الملمح الثالث والأخير أشار فيه المحاضر للتقدم الكمي والنوعي اللافت في التأليف والنشر، مشيرا لما كشفه من خطاب فكري جديد واكب به مستجدات العصر، فتواصل بانفتاح مع المعرفة الإنسانية بمختلف روافدها، ساعد على ذلك الزيادة المطردة للمؤلفات من حيث كما وكيفا.

وتحدث المحاضر عن الأثر الذي أحدثته هذه الملامح في الحد من المشاكل الثقافية التي بقيت قائمة لفترة طويلة محدثة أثرها الشديد على المنطقة، مشيرا لأربع من تلك المشاكل؛ فتحدث عن مشكلة التبعية الثقافية للخارج الثقافي والتي  ظلت المنطقة بها متأثرة  فترة من الزمن نتيجة ضعفها الثقافي، الصورة التي تغيرت؛ حيث لم تعد بتلك الشدة التي كانت عليها.

وتحدث عن مشكلة الجمود الثقافي الذي فقدت فيه المنطقة حيويتها وديناميتها فترة من الزمن ففقدت القدرة على العطاء والإبداع، كذلك تحدث عن مشكلة التهميش الثقافي على مستوى الداخل والخارج، الأمر الذي أدى للمشكلة الرابعة، وهي مشكلة الانفلات الثقافي التي أعجزت المنطقة عن مواكبة التطورات الفكرية والتفاعل معها، قبل أن تتحول كليا لمنطقة أكثر تواصلا وحضورا في المجال الوطني؛ ملفتة الأنظار لها في هذا الشأن، حتى تجاوزت المحلية إلى المستويين الخليجي والعربي، ليختم حديثه بأن القطيف رغم ما حققت من إنجازات ثقافية إلا إنها لا تزال في نقطة البدء.

بعد ذلك بدأ الحضور بتقديم مداخلاتهم؛ فتحدث الأستاذ فؤاد نصر الله عن التطور الإلكتروني كملمح مهم من ملامح التطور الثقافي المحلي؛ فأشار للمواقع الإلكترونية وأثرها في نشر الوعي والثقافة كونها خرقت حاجز الرقابة، متجاوزة في ذلك حد المكان والزمان، وتحدث عن عراقة المنطقة ثقافيا كأساس استند عليه أبناء المنطقة في انطلاقتهم نحو العلم والمعرفة، معللا حالة التبعية التي أشار لها المحاضر بالظروف الصعبة التي واجهتها المنطقة وحالت دون ترجمة أبسط المشاهد الثقافية كطباعة كتاب أو مجلة.

وأشار الأستاذ أبو السعود للوضع العلمي والثقافي الذي تميزت به القطيف، والذي  جعلها منذ خمسينيات القرن الماضي مركزا دينيا وثقافيا عرف بالنجف الصغرى التي ضمت من العلماء والشعراء والمثقفين عددا كبيرا امتد أثرهم لوقتنا الحاضر، وألفت الانتباه إلى عدد من المجلات التي كانت تصدر آنذاك رغم وجود الرقيب الذي أثر ولا يزال على التطور الثقافي. ثم نوه  بحضور المرأة الثقافي الذي لا يمكن تجاهله في هذا الحديث، خصوصا مع تزايد إصداراتها الثقافية والأدبية والدينية، ومساهماتها الفنية.

الأستاذ وجدي المبارك بدأ من حيث انتهى المحاضر حديثه حين أشار إلى أن القطيف رغم ما حققت من تطور ثقافي إلا إنها لا تزال في نقطة البدء، فعلل ذلك بحصر الثقافة على شريحة المثقف لا عامة الناس، وحصر اللغة النقدية في الجانب الديني، مقابل تغييبها في بقية جوانب المجتمع.

الأستاذ حسين العلق تحدث عن حاجة القطيف لطرح جريء يكسر حاجز الكلاسيكية العاجزة عن ملامسة جروح المجتمع ومعالجتها، ودعا مفكري القطيف الذين لا يُشك في كفاءاتهم الفكرية للتصدي لذلك باستعداد لتلقي ردود الأفعال على المستوى الشعبي والنخبوي.

“المشهد السياسي الثقافي العام في المملكة هو مشهد ثقافي ليبرالي، بينما المشهد الثقافي في المنطقة لا يزال يلتزم طائفيا ودينيا”. هكذا عبر الأستاذ عبد الله العبد الباقي في بدء مداخلته؛ معللا ذلك بالخصوصية ووجود دوافع وأسباب أشار لها بمداخلة العلق، وتحدث عن الشباب كقطب من أقطاب المشهد الثقافي، وعن الفاصل الكبير بينهم وبين من سبقهم ممن أسوا لهذا المشهد، داعيا إلى إعادة النظر في مدى الأثر الثقافي الذي خلقه هؤلاء الشباب فيما بينهم عبر تقنيات التواصل الحديثة؛ كتقنية الفيس بوك، والأبردة الالكترونية وما شابه ذلك، مما لا يعتبره الجيل السابق صورة من صور المشهد الثقافي.

في ختام الأمسية أكد راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب على أهمية قراءة المشهد المحلي في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية وغيرها وتقييمها لخلق تحولات مفصلية قادرة على مواجهة التحديات التي تواجهها المنطقة اليوم، وأكد على ضرورة مواجهة التحديات التي يواجهها المشهد الثقافي. ومنها ترسيم أهم فعالياته من قبل القائمين عليه، ثم تمدين مواده فعالياته التي تسيطر عليها الصبغة الدينية.

 

لمشاهدة الصور إضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد