القضاء الجعفري ورؤى المستقبل

3٬714

ألقى الشيخ محمد العبيدان المرشح لتسلم مسئولية القضاء في محكمة الأوقاف والمواريث بالقطيف محاضرة بمنتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء 30 شوال 1427هـ الموافق 21 نوفمبر 2006م تحت عنوان “القضاء الجعفري ورؤى المستقبل” حضرها جمع كبير من المتابعين لهذا الموضوع من علماء دين وشخصيات اجتماعية وثقافية.

وأدار الندوة الكاتب الأستاذ ذاكر حبيل عضو اللجنة المنظمة للمنتدى التي بدأها بالتعريف بالمحاضر الذي تفرغ للدراسة الدينية بعد إنهائه دراسته الأولية في مسقط رأسه بلدة القديح بالقطيف واتجه للدراسة في مدينة النجف الأشرف بالعراق وانهى فيها مرحلة المقدمات والسطوح، حيث حضر الدروس الدينية عند ثلة من أساتذة الحوزة العلمية فيها، كما درس الفقه والأصول وعلم الرجال والفلسفة في الحوزة العليمة بمدينة قم المقدسة في إيران، وله العديد من الكتب والتحقيقات والتقريرات الفقهية والاجتماعية.

استعرض المحاضر في بداية حديثه الآيات القرآنية التي تعالج موضوع الحكم والقضاء مؤكدا على أهمية هذا الجانب في التشريع الإسلامي لأنه يتعلق بضمان حقوق ومصالح الناس، وفصل في حديثه أركان الحكومة من خلال فصل السلطات الثلاث (التشريعية، التنفيذية، القضائية) ودور كل منها في حفظ واستقرار النظام العام وقدرتها من خلال هذا الفصل على تحقيق التنظيم والاستقرار الاجتماعي. ونوه في حديثه إلى موقعيه السلطة القضائية بصفتها جهاز يقوم بحل الخلافات والمنازعات التي تنشأ عند تطبيق القوانين وتنفيذها ولمراقبة سير أداء السلطة التنفيذية وكذلك للحد من إي تجاوزات للقانون يقوم بها أفراد المجتمع.

وأشار الشيخ العبيدان إلى ان هذا التقسيم كما هو موجود في الدول الحديثة لم يكن قائما في بداية عهد الرسالة الإسلامية حيث اقتصر على سلطتين هما التنفيذ والقضاء واجتمعتا كليهما لدى الحاكم الإسلامي إلى ان تبلورت تدريجيا باتجاه الفصل في العهود الإسلامية اللاحقة وفق مقتضيات الزمان وما تتطلبه من تحقيق المصلحة العامة. ,أشار إلى ان هنالك مناصب ثابتة للرسول (ص) كالنبوة والقضاء والحكم، أما من بعده من الأئمة (ع) فمناصبهم تقتصر على الحكم والقضاء. ووضح المحاضر رأي فقهاء الشيعة في موضوع القضاء والذي يقضي بأنه امتداد لدور الإمام المعصوم أو من ينوب عنه من الفقهاء المجتهدين، محددا أنواع القضاة بثلاثة هم: القاضي المنصوب من قبل الإمام أما نصبا خاصا بالاسم أو عاما بالصفة، وقاضي التحكيم الذي يتراضى به المتنازعان، والقاضي الاضطراري وهو ما يمارسه عموم القضاة في المجتمعات الشيعية الآن.

وتحدث المحاضر عن موقعيه حكم القاضي معرفا إياه بأنه ليس فتوى شرعية وأنه عبارة عن فصل الخصومة بين متنازعين وإصدار حكم في مورد النزاع ولذا فإنه لا يشترط في القاضي درجة الاجتهاد ما دام حكمه ليس فتوائيا. ولخص دور القاضي في بعدين هما إحقاق الحقوق كالقضايا المالية و الحوال الشخصية والنزاعات وكذلك أجراء الحدود كفصل الخصومات والمحافظة على النظام. ثم انتقل المحاضر بعد ذلك للحديث عن شروط ومؤهلات القاضي حسب الفقه الشيعي ومنها: الإسلام، البلوغ، كمال العقل، الإيمان، العدالة، طهارة المولد، الذكورة، والمعرفة بالإحكام.

انتقل الحديث فيما بعد عن تاريخ القضاء الجعفري في القطيف حيث استعرض المحاضر القضاء الذين تبؤوا هذا المنصب منذ تأسيس المملكة إلى الوقت الحاضر، ولخصها المحاضر في خمسة ادوار تاريخية. الأول مع بداية العهد السعودي عام 1331هـ حيث تأسست أول محكمة مشتركة للسنة والشيعة في القطيف وكان على رأسها الشيخ علي أبو عبد الكريم الخنيزي، والثاني عندما تأسست أول محكمة سنية عام 1344هـ وعين فيها السيد إبراهيم من علماء دارين، والثالث عندما فصلت المحكمتان وتحولتا إلى جهتين مستقلتين عام 1362هـ، والرابع مع تحديد صلاحيات المحكمة الجعفرية لتقوم بدور الأوقاف والمواريث والأحوال الشخصية، والخامس مع ترسيم القضاء الجعفري في عهد الملك خالد عام 1404هـ بإلحاقها بصفة رسمية بوزارة العادل.

وأشار الشيخ العبيدان في حديثه إلى واقع المحكمة في هذه المرحلة ووجود مسودة لائحة تنظيمية للمحكمة من المفترض ان تقنن عمل المحكمة وعلاقتها بالمحكمة الكبرى، إلا أنها سلبت صلاحيات القاضي وفيها العديد من المصطلحات الغير واضحة والقضايا الخلافية التي تحتاج إلى تفسير وتوضيح دقيق حيث ينبغي ان يشارك المختصون من علماء دين ورجال القانون في صياغتها ومراجعتها.

وجاءت مداخلات الحضور متسقة مع محاضرة الشيخ العبيدان وخاصة فيما يرتبط بالوضع الحالي والمستقبلي للمحكمة، فتحدث بعض الحضور حول موضوع الأوقاف الجعفرية وضرورة تفعيله ومعالجة مشاكله، وتساءل البعض عن أوجه الخلاف الفقهي في القضاء بين المدرستين السنة والشيعية حيث أجاب الشيخ العبيدان على ذلك بصورة مفصلة ذاكرا بعض الأمثلة والقضايا محل الخلاف كحكم الطلاق مثلا وضرورة وجود شاهدين في الفقه الشيعي واحتكم التعصيب وما إلى ذلك مشددا على ضرورة مراعاة هذه الأحكام. وفي نهاية اللقاء شكر راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب المحاضر والحضور على هذا التفاعل الايجابي في الطرح والمناقشة مؤكدا على ضرورة الاهتمام بمعالجة هذا الموضوع المزمن والتعاون من قبل المهتمين من علماء الدين والمسئولين.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

المحاضرة الكاملة:   

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد