استضاف “منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف” مساء الثلاثاء الماضي 1/1/1424هـ ضمن برنامجه الأسبوعي الأستاذ عبد الله آل عبد الباقي في حديث حول “تطورات الأزمة الأمريكية – العراقية وانعكاساتها على المنطقة”، واستعرض في حديثه المآزق الدولية والإقليمية والمحلية الناتجة عن هذه الأزمة واحتمالات سير الأحداث المستقبلية تبعا لها.
وبدأ الأستاذ عبد الله آل عبد الباقي بدراسة الوضع الدولي بعد انتهاء الحرب الباردة وما آلت إليه الأمور من أحادية القطبية الدولية وبروز دور أمريكا وهيمنتها عبر موقفها من الاتفاقيات الدولية التي تراجعت عن بعضها والمناداة بالعولمة وإعادة السيطرة والهيمنة على مناطق عديدة في العالم، وجاءت أحداث أيلول/ سبتمبر لتعزز هذا الطرح، ولتجد لها متعاطفين في دعوتها لمحاربة الإرهاب والإطاحة بطالبان مع أنها لم تنهي هذا العمل كاملا وبصورة نهائية لحد الآن، وقد عمل اليمين المتطرف على استثمار هذه الأطروحات لأبعد مدى من خلال إثارته لموضوع ضرب العراق دون أي مبرر بأحداث سبتمبر ودون الرجوع إلى الأمم المتحدة، ولكنها مع الضغوط الدولية أذعنت لذلك مراهنة على عدم تجاوب العراق مع القرار 1441 القاضي بالتفتيش، ثم بدأ الحديث عن علاقة العراق باحتضان الإرهاب وخاصة محاولة الربط بينه وبين تنظيم القاعدة على الرغم من تعاونه مع المفتشين الدوليين.
وأكد المحاضر على أن توجه الولايات المتحدة يهدف إلى السيطرة على منابع النفط سواء في بحر قزوين أو الخليج لأن ذلك من نتائجه التحكم الكامل في نمو الدول الصناعية المنافسة في اوروبا وآسيا التي تقف بشكل جاد ضد هذا المخطط وشاهد ذلك المظاهرات المليونية (27 مليون) في 15 فبراير في كل أنحاء العالم، وتساءل المحاضر عن إمكانية حدوث استقطاب عالمي جديد في هذه المرحلة تقوده روسيا وفرنسا والصين، وأكد عن أن هذا الوضع قد وضع أمريكا في مأزق حقيقي فتراجعها عن الحرب سيكون انتحارا سياسيا بعد كل هذه الحشود والتعبئة العسكرية والسياسية واذا قامت بالحرب بدون غطاء شرعي دولي من الأمم المتحدة فإن ذلك سيضر بدورها الدولي ويحجم من موقعية الأمم المتحدة في القضايا الدولية.
أما على المستوى الإقليمي، فلا زالت المنطقة تعيش حالة تردد في هذا المجال، فالبرلمان التركي حسم موضوع انتشار القوات الأمريكية على أراضيه، والعالم العربي يعيش في مأزق واضح منذ قيام الإنتفاضة وجاءت أحداث سبتمبر والأحداث الحالية لتكشف المزيد من العجز العربي، وقد خلخلت أحداث أيلول/ سبتمبر التحالفات التقليدية بين أمريكا والعالم العربي وجعلت أمريكا تلح في المطالبة بالإعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها، ولكن موقف معظم الدول العربية كان مخالفا لتوقعات أمريكا فهي لم تحصل لحد الآن على تغطية عربية صريحة من هذه الدول لذلك بدأت بالتلويح بمشروع تنحي صدام عن الحكم كمخرج للأزمة حتى تتجنب الحرب.
ومحليا فإن تطورات الأحداث يفترض أن تنعكس على المنطقة على صورة تغييرات باتجاه مزيد من الانفتاح السياسي والمشاركة الشعبية ومعالجة الأوضاع الإقتصادية، ودعا المحاضر جميع الأطراف إلى تعزيز الوحدة الوطنية في مثل هذه الظروف الحرجة انطلاقا من الشعور بالمسئولية والبحث عن القضايا والمشاريع المشتركة كمذكرة الرؤية والسعي باتجاه المساواة وحرية التعبير.
تبع ذلك نقاش مستفيض من قبل حضور الندوة الذين أضافت مداخلاتهم وتعقيباتهم على المحاضرة أبعادا جوهرية تتعلق بمستقبل الوضع في المنطقة ودور أمريكا المستقبلي والبعد الثقافي في هذه الهجمة الغربية وأسباب اختيار العراق كمنطلق للهجمة الأمريكية وأخيرا دور المثقفين والإصلاحيين في المساهمة في الحد من آثار هذه الأزمة.