ندوة حوارية حول الشباب واتجاهات التدين

321

أكد باحثان في الفكر والثقافة أن تنوع أنماط التدين في المجتمع لا يتناقض مع أزلية الدين وضرورته، فقد استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 7 جمادى الأول 1445هـ الموافق 21 نوفمبر 2023م ضمن برنامجه الثقافي الأسبوعي كلا من الأستاذ بسام المسلمي والأستاذ علي الغاشي في ندوة حوارية شبابية تحت عنوان “الشباب واتجاهات التدين: قراءة ومراجعة”، وأدار الندوة الأستاذ السيد أحمد الحسن. وحل المستشار الدكتور عبد الرزاق الشيخ ضيف شرف في الندوة حيث سلم المشاركين الدروع التقديرية.

وبدأت فقرات اللقاء بمجموعة من الفعاليات الثقافية والفنية المصاحبة قدمتها عضو إدارة المنتدى الأستاذة هدى الناصر، فتم عرض فيلم تراثي محلي قصير “المربعانية”، يحاكي عادة تقديم الطلبة الهدايا لمعلم القرآن الكريم كل يوم أربعاء. وتم بعدها القاء الفنانة ايمان شاكر كلمة لها حول تجربتها الفنية مستعرضة أعمالها المعروضة في قاعة المنتدى، كما تم تكريم الطالب المتفوق ريان السدرة، حيث ألقى كلمة حول إنجازاته ومسيرته التعليمية ودور اسرته في دعمه ومساندته. وأخير تحدث المؤرخ يوسف أل بريه عن تجربته في اعداد كتاب “ديوان الكاشون” الذي صدر مؤخرا وهو يحكي حياة وشعر أحد شعراء المنطقة، ووقع على الكتاب بعد ختام الفعاليات.

افتتح مدير الندوة الأستاذ السيد أحمد السادة بمقدمة حول التدين مفرقا بين الدين والتدين الذي عرفه بأنه الكسب الإنساني للاستجابة لتعاليم الدين وتكييف الحياة بحسبها في التصور والسلوك، موضحا أن هذا الفرق بينهما يفضي لتعدد في الاتجاهات والمسلكيات والآراء بسبب اختلاف افهام الناس للدين واختلاف سعيهم للتحقق من هذا الفهم. وعرف ضيوف الندوة وهما الاستاذ بسام علي المسلمي وهو باحث وكاتب يعمل على كتابة رسالة الدكتوراة في اللسانيات التطبيقية في جامعة الملك فيصل، وحصل على ماجستير في اللغة العربية من جامعة اليرموك في الأردن، وعلى جائزة وزارة التعليم العالي للتفوق في الاداء الأكاديمي لعدة سنوات، وهو كاتب في مجال التعليم والفكر في صحف ومجلات عربية، ونشرت له دراسة “الازدواجية والثنائية اللغويتان في الدول العربية: المفهوم والأسباب والآثار (دراسة مقارنة)”. وكذلك الأستاذ علي خضر الغاشي وهو طالب في كلية الحقوق بجامعة الملك فيصل، وفي الحوزة العلمية الدينية، ومهتم بالأبحاث الفكرية والكلامية والدراسات القانونية، حاز على جائزة القطيف للإبداع، فرع الناشئ المنجز، كما فاز في مسابقة حفظ القران الكريم المقامة في المسجد النبوي الشريف، وصدر له “بقية الله، قراءة في نظرية المخّلص” و “الانسان في ثنائية العلم والدين”.

استعرض الأستاذ بسام المسلمي في ورقته التي قدمها أنماط التدين في الوسط الشبابي وتأثير البيئة الفكرية على تشكل نمط التدين لديهم، واصفا ابرز الاتجاهات التي تسود بين الشباب وأسباب تشكلها، وصنف اتجاهات تدين الشباب لثلاث مجموعات فئة تبتعد كليا عن الدين وتراه معيقا للتقدم والتطور ويمكنها الحياة بعيدا عنه، أي أنه لا يمثل لها ضرورة حياتية، وفئة أخرى ترى أن هناك ممارسات وسلوكيات من قبل المتدينين تتناقض مع القيم الدينية ويتطلب ذلك اصلاحا ومراجعة من أجل التوافق بين القيم والسلوم من خلال التجديد والتنوير وانضاج مثل هذا المشاريع التوفيقية، والفئة الثالثة وهي المنسجمة مع الواقع ولا تفكر في أي رؤية أو توجه جديد وانما تتقبل وتتعايش مع الواقع دون أي تحفظ.

وأوضح أن الحالة الدينية المتشددة التي لا تتقبل طرح الأسئلة قد تكون من بين العوامل المؤثرة في رسم بعض هذه الاتجاهات المعارضة للدين مطالبا بالمزيد من الحرية في معالجة الإشكالات التي يتعرض لها أحيانا الشباب في ظل تعرضهم لصدمات حضارية أو أسئلة شائكة.  وأضاف أن بعض الفئات الشابة تبدي تذمرا من الحالة الدينية السائدة وانزعاجا من ضيق أفق ومجال النقد في المجال الديني سواء كان فكريا أو سلوكيا او رمزيا، وتعبر عن ذلك بكيل النقد المباشر للحالة الدينية ومحاولة الانفكاك عنها بحثا عن بيئة أكثر تحررا وأوسع أفقا. وأشار إلى أنه في حين أن بعض عناصر هذه الفئة تناقش وتنتقد التدين أو الممارسات الدينية بشكل علمي، فإن بعض عناصرها الأخرى لا تستند إلى رؤية فكرية وعلمية واضحة، وإنما جاء انتقادها ردة فعل معادية لما هو سائد من أنماط للتدين التي ضاقت بها ذرعا لأنها أبعد ما تكون عن تلبية حاجاتها، فانتقادها جاء صرخة وتعبيرا عن حالة رفض للتشدد وبيئاته التقليدية المحافظة.

من ناحيته أكد الأستاذ علي الغاشي على موقعية وأهمية الدين في حياة الانسان منذ الأزل، وأن ذلك في حالة استمرار وتصاعد، نافيا الادعاء بقلة وضعف حالة التدين لدى الشباب، مستشهدا بمقولات لمفكرين غربيين وبنماذج محلية لحضور الشباب في مختلف الفعاليات والمناسبات العبادية والدينية. وأضاف أن من أسباب نشوء التصور الخاطئ حول نفور الشباب عن الدين هو تنميط علامات التدين وعدم ادراك الحقائق المتعلقة بالشباب، مؤكدا على أن هناك تخلقا لحالة جديدة من التدين تتناسب والظرف التاريخي المعاش، وشدد في كلمته على عدم الانتقائية في الاستشهادات المتعلقة بالحالة الدينية، وضرورة وضع معايير واضحة ومحددة عند دراسة وتقييم الحالة الدينية.

وعرج في حديثه عن أبرز الإشكاليات المطرحة في مجال التدين ملخصا إياها في إشكالية واقع الحالة الدينية ذاتها التي يمكن التعبير عنها عن تناقض القيم والسلوك وخاصة في ظل نشوء تيارات واتجاهات متشددة، مشيرا إلى أن الحالة الدينية ما هي الا تعبير عن الواقع الاجتماعي والفكري وهي ليست حالة مقدسة، وان مصدرها هو وجود فجوة بين الانسان المتدين وتعاليم الدين. وأوضح أن الإشكالية الثانية فهي القراءة الدينية الانتقائية التي تركز على أبعاد معينة وتقدم معالجات نقدية منقوصة وليست شاملة وفيها اقحام غير المتخصص في أصول تحليل واستنباط المسائل الدينية، مطالبا بأن تعتمد القراءة الدينية التجديدية على ترميم الثغرات وسدها، بل والتقدم من خلالها بدلا من أن تشكل أزمات مفهومية ومعرفية شائكة. وبين أن الإشكالية الثالثة هي تنميط الحالة الدينية عبر احكام انطباعية غير محققة على أسس علمية لتشمل كامل شريحة المتدينين، مضيفا أن هذا من شأنه خلق حواجز لدى البعض تجاه حالة التدين.

بدأت مداخلات الحضور برأي طرحه الأستاذ علي الحرز حول السياقات الطبيعية لمسيرة التدين في حياة البشر متسائلا عن أهمية وجود عنصر التميز لتبني معتقد ما دون غيره، وانتقد الأستاذ نادر البراهيم الطرح التقليدي المكرر الذي لم يقدم حلولا لتخلف المجتمعات المتدينة ولم يطرح برامج لمواجهة التخلف مشيرا إلى أن الاخلاق ليست غيبية وانا هي سلوك بشري. وتساءل الأستاذ سعيد ارهين في مداخلته حول طرح اتجاهات التدين وكان ذلك يوحي بالقبول بها جميعا، بينما من المفترض أن الدين حدد سلفا الاتجاه الصحيح وأن مقياس الدين بمعنى القرب او البعد عن الدين بحاجة لدراسات معمقة. وطرح الشيخ حسين ال رمضان فكرة مفادها ان اختلاف نماذج وانماط التدين تعود الى البيئة التي ينشأ فيها الانسان، ولهذا يحدث الاختلاف في التدين بين جيل واخر، مشيرا إلى ضرورة الانعتاق من الحالة القدسية السائدة. وتساءل الأستاذ موسى الشايب عن مسببات تنميط التدين وعلاقة الدين بالتقدم والعلوم.

وفي كلمته التي ألقاها في ختام الندوة، تحدث ضيف الشرف الدكتور عبد الرزاق الشيخ عن الدور الكبر الذي يلعبه المنتدى في المشهد الثقافي الوطني مشيرا إلى حالة المأسسة التي يعيشها والانفتاح على جميع الأطياف والاتجاهات الفكرية والمناطقية. وأكد في كلمته على أهمية تناول موضوع التدين في الوسط الشبابي في الوقت الذي نواجه فيه تيارات تشكيكية تستخدم أساليب متعددة للوصول لشبابنا والتأثير عليهم.

التغطية الإعلامية

 

لمشاهدة كافة الصور اضغط هنا

 

لمشاهدة الندوة كاملة على اليوتيوب:

 

كلمة المعرض الفني (إيمان شاكر) الأسبوع الثاني:

 

كلمة المكرم الطالب ريان السدرة (تكريم شخصيات):

 

كلمة الكاتب يوسف آل ابريه (ديوان الكاشون):

 

كلمة الأستاذ عبد الرزاق الشيخ (ضيف الشرف):

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد