تناول عضو هيئة التدريس السابق بكلية التربية في جامعة الامام عبد الرحمن بن فيصل الدكتور خالد النويصر في الندوة الحوارية التي نظمها منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 16 رجب 1444هـ الموافق 7 فبراير 2023م تحت عنوان “التعليم وتحديات المستقبل”، تناول عرضا لنظم التعليم وعلاقتها بالمُتغيّرات الاقتصاديّة والثّقافيّة، والتحدّيات المُستقبليّة التي تُواجهها نُظم التّعليم، وسبل مواجهة هذه التّحديّات من خلال حركة مهارات القرن الحادي والعشرين، ومسوّغاتها. وحل فيها المشرف التربوي بتعليم الشرقية الأستاذ سعيد سفر كضيف شرف بحضور جمع من التربويين والمثقفين في المنطقة.
وقدمت الأستاذة هدى الناصر الفعاليات المصاحبة مرحبة بالحضور، حيث تم عرض فيلم تراثي قصير “يا عين مالية”، تلته كلمة للفوتوغرافية آمنة الحايك التي تحدثت ن مسيرتها في فن تصوير الشارع الذي تميزت به في أعمالها والتي عرضتها في صالة المنتدى. وتحدث بعضها المهندس علي أبو سرير عن مشروع “جولة قطيفية” الذي نفذه مجموعة من الشباب للتعريف بالمواقع التاريخية في محافظة القطيف، وأخيرا استعرض الكاتب تراي علي روايته “المتاهة الرمادية” التي وقع عليها في نهاية الندوة، وشملت كلمته حديثا عن تجربته في مجال الكتابة.
وافتتح الندوة عريفها الأستاذ عبد الباري الدخيل متناولا دور التعليم وأثره على المجتمعات، وأهمية التعرف على التحديات التي تواجهه والعمل على معالجتها وخاصة في ظل التحولات العالمية المتسارعة في مختلف المجالات. وعرف بالمحاضر وهو الدكتور خالد النويصر الحاصل على الدّكتوراه في إدارة التّعليم العالي من جامعة أمّ القُرى بمكّة المُكرّمة، وبدأ حياته الوظيفيّة مُعيداً في كلّية المعلّمين في الدّمام، ومرّ خلال عمله بخبرات وظيفيّة أغنتْ تجربته؛ عميداً، ووكيلاً، ورئيساً لقسم التّربية وعلم النّفس. هذا بالإضافة لعضويّته في مجلس كلّيات المعلّمين، ومجلس جامعة الملك فيصل، ومجلس التّعليم في المنطقة الشّرقيّة، وصدر له مؤخراُ كتابٌ بعنوان “مهاراتُ القرنِ الحادي والعِشرين: التّعليم وتحدّيات العصرِ الرّقميّ“.
بدأ الدكتور خالد النويصر كلمته بالحديث حول التغير في أهداف أنظمة التعليم على مر الزمان، مشيرا إلى أنْ هذا التغير ليس لمسوغات داخلية فحسب، فقد أصبح العالم مترابطا وأن التطوّر الكبير الذي يشهده هذا العصر في تقنيّات المعلومات قلص فعالية أدوات الحصانة والتأثر، دون اعتبارٍ كبيرٍ لعوامل الجغرافيا والحدود السّياسيّة. وأضاف أن الأبعاد الرئيسة لنظم التعليم المعاصرة تتركز في غايات التّعليم ومنها الأهداف العامّة والأهداف الخاصّة؛ الإعداد للمهنة، أي كسب العيش، وسلوك الأفراد وواجباتهم تجاه المجتمع وثقافته، وحقوقهم، وكذلك متطلبات تحقيق الأهداف ومنها طرق التّدريس، أساليب التّقويم، السّياسات والتنظيم الإداريّ، سلم التعليم، والهدف الثالث يتركز حول من يحقّق هذه الأهداف وهم المتعلمون، المعلمون الإداريون، والآباء والأمهات.
ولخص المحاضر أهداف التعليم في عصر المعرفة الذي تحولت فيه المعلومات والمعرفة والتّقنيّات من أركان الحياة؛ في الانتاج والاقتصاد والعمل، وهي تعليم معارف ومهارات وتوظيفها في توليد معارف جديدة، وتوظيف تقنيّات الاتّصال والمعلومات في العمل الجماعيّ والتّعلّم المُستمرّ، وحلّ مُشكلات وابتكار خدمات، والتّفاعل مع ثقافات مُتعدّدة، وتحقيق الأهداف الاجتماعية المشتركة بتوظيف وسائل التّواصل الرّقميّة. واستعرض الدكتور النويصر أبرز التحديات التي تواجهها نظم التعليم بشكل مباشر، وعلى رأسها العوامل الثقافية بسبب الترابط العالمي وأثره، والتطور التفني في وسائل الاتصال وتقنية المعلومات الحديثة، وتعدد وتنوع مصادر المعرفة وأدواتها، تطور دراسات الدماغ والكشف عن طبيعة عملية التعلم، وفهم خصائص المُتعلّمين، والتّعامل معهم، والغموض في سوق العمل وفي طبيعة مهن المستقبل.
وبين الدكتور النويصر أن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (أليكسو) أصدرت في عام 2008م، تقرير “حملة تطوير التعليم في الوطن العربي” تضمنت وصفا للتحديات الداخلية والعالمية التي تواجه الدول العربية في القرن الحادي والعشرين، مشيرا إلى أبرز التحديات العالمية التي وردت فيها، ومن بينها: العولمة حيث أن التقدم الهائل في وسائل الاتصال أفرز تحديات في كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية فأصبح لزاماً على التعليم التعديل للمساهمة في إعداد جيل يملك مبادرات ومعارف في كل المجالات، وتعاظم دور القوى الخارجية في التأثير في السياسات التعليمية المحلية وخططه وبرامجه، وتعدد مصادر المعرفة الذي وقرته وسائل الاتصال وتقنية المعلومات، وتأثير ثورة المعلومات ووسائل الاتصال في أوجه الحياة اليومية للناس، واتجاه أصحاب رؤوس المال للاستثمار في التعليم، وتعرض بعض الدول العربية للاعتداء الخارجي.
وختم محاضرته بالحديث حول سبل مواجهة هذه التحديات من خلال تَطْوير التّعليم بمساهمة جميع فئات المُجتمع بصورة منظمة، وتحسين كفاءة المعلمين في تعلم مهارات القرن الحادي والعشرين التي أكد أنها ليست بديلا عن العلوم الأساسية، وتصميم مناهِج جديدة تختلف في بُنيتها عن المناهِج التّقليديّة، واعتماد مناهج التّدريس القائم على المشروعِ، والاستفادة من تجارب الآخرين عبر انتقاء المناسب منها.
بدأت مداخلات الحضور بمشاركة من المشرف التربوي الأستاذ سعيد سفر حول التحول في طرق التعليم من التعليم إلى التيسير واستبدال كلمة المعلم إلى الميسر مطالبا بالتحول من التعليم بالتلقين الى التعليم بالتدريب نظرا للتحولات المتسارعة وتعدد مصادر المعرفة، وأكد الأستاذ صالح العمير بأننا قد لا نحتاج مستقبلا لمعلم وتعليم بالطريقة التقليدية بسبب التحولات الرقمية المتسارعة، وقد تنتج وسائل أكثر ابداعا وسرعة للتعلم، مشددا على ضرورة تعلم أبناء هذا الجيل من الكبار التقنية الحديثة ولغة الجيل الجديد.
وطرح الأستاذ عبد الرسول الغريافي مداخلة حول أثر التقنيات الحديثة ونتائج ادمان الأطفال عليها حيث اصبح الطفل رهينا لهذه الاجهزة مؤكدا على ضرورة السيطرة على وقت الطفل وتوجيهه صورة مناسبة. وتحدث الدكتور عبد العزيز الحميدي عن الدور الجديد المشترك بين المعلم والطالب حيث أصبح المنجز التشاركي هو العلامة البارزة في هذه المرحلة وليس التلقي من طرف واحد فقط. وطرح الأستاذ عدنان العوامي تساؤلا حول مدى استمرارية تأثير التقنية وتطورها، وعما إذا كانت ستتوقف في يوم ما عند حد معين.
وأكد الأستاذ عبد اللطيف النمر في مداخلته على ضرورة الحاجة للتعلم والتطور من أجل مواكبة هذه التحولات المتسارعة وسد الفجوة الرقمية بين الأجيال، وتناول الدكتور علي الحاجي مدى تأثير الغموض المستقبلي على تركيبة النظام الاجتماعي من سلوكيات وممارسات وقيم، متسائلا عن سبل الكشف والافصاح عن مناطق الغموض المستقبلية كي يتمكن أفراد المجتمع من السير باتجاهات أكثر وضوحا وتحديدا وهدفية. وأشار الدكتور محمد العسكر في مداخلته إلى أهمية التفريق بين التعليم والإدمان حيث أن تعلق الاطفال بالأجهزة لغرض التعليم له آثار سلبية كثيرة على أذهانهم وسلوكياتهم، لذلك يتطلب وضع محددات واضحة للفصل بين الغرضين.
وفي نهاية الندوة، تحدث ضيف الشرف فيها الأستاذ سعيد سفر حيث القى كلمة ختامية شكر فيها مسئولي المنتدى على جهودهم الثقافية المتنوعة والمتواصلة، وأثنى على حسن اختيار المواضيع المطروحة في الندوات، وقدم الشكر لجميع المشاركين في الندوة.
لمشاهدة المحاضرة كاملة على اليوتيوب:
كلمة الكاتب الأستاذ تراي المغيزل:
كلمة المهندس علي أبو سرير مشروع (جولة قطيفية):
كلمة ضيف الشرف الأستاذ سعيد عبد الله سفر: