في لقاء حقوقي توعوي حضره نخبة من المهتمين بالشأن الحقوقي والأسري، نظم منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 19 جمادى الأول 1444هـ الموافق 13 ديسمبر 2022م ندوة احتفالية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان تحت عنوان ” تكوين الأسرة بين الحقوق والواجبات” قدمها الدكتور مهدي الطاهر، وشملت عرض فيلم قصير حول المناسبة، وتكريم الشخصية الحقوقية لعام 2022 الناشطة رباب الدوسري.
في بداية اللقاء، قدم عضو المنتدى الأستاذ علي ال فسيل بكلمة حول مناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان، وتحدثت بعده الفنانة التشكيلية لطفية الجديبي عن مسيرتها الفنية عبر استعراض محطات في مسيرتها في الفن التشكيلي متناولة الأعمال التي عرضتها في معرضها الفني الذي أقامته في المنتدى، ومؤكدة على ان الفن الهام يستمده الفنان ممن سبقه وانعكاس لتجاربهم الفنية عليه. وتحدثت الأستاذة رباب الدوسري التي تم تكريمها كشخصية حقوقية لعام 2022 عن تجربتها في العمل الحقوقي من خلال عملها في الجمعيات والمبادرات الإنسانية والحقوقية داخل المملكة وخارجها، مؤكدة على أن ممارسة العمل الحقوقي خلق انعطافة في حياتها لتغيير مجال دراستها للقانون الدستوري، وأنها استلهمت الكثير من القصص والتجارب الحياتية المهمة، شاكرة المنتدى على هذا الاهتمام البارز بالمجال الحقوقي وتكريم العاملين فيه. كما تحدث الكاتب علي الماجد أيضا عن مسيرته الأدبية واهتماماته بالكتابة في مجال الرواية البوليسية، بالإضافة الى الجانب الإداري والتقني، موضحا أن الهندسة ودقتها تدفع بالكاتب الى البحث عن المعالجات والحلول والابداع في التعبير عنها، ووقع احدى رواياته وهي “فتاة من السماء”.
في بداية الندوة، تحدثت مديرتها الأستاذة رؤى أمان عن مناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان وأهمية الاحتفال به واسترجاع التاريخ الحقوقي وما أنجزته البشرية في المجال الحقوقي طوال العقود الماضية، وقدمت ضيف الندوة المحاضر الدكتور مهدي الطاهر الحاصل على دكتوراه علم نفس التعلم، وهو عضو هيئة تدريس بقسم التربية وعلم النفس، وعمل مشرفا لقسم التربية وعلم النفس فيها، كما أنه يعمل حاليا مديرا لمركز خدمة المجتمع، وهو مؤسس مركز رفاه للإرشاد الأسري، وعضو مجلس إدارة جمعية مساندون وجمعية انتماء وطني. وألقت عضو المنتدى الأستاذة جنان العبد الجبار كلمة المنتدى في هذه المناسبة والتي أكدت فيها على أهمية الاحتفال بالمناسبة الحقوقية العالمية ودور المنتدى في تكريم الشخصيات الحقوقية الفاعلة سنويا، واهتمامه بتفعيل المناسبات الحقوقية العالمية من خلال مختلف النشرات والاصدارات، وعقد ندوات حقوقية متخصصة، واستضافة شخصيات بارزة في هذا المجال من أجل نشر الوعي الحقوقي في المجتمع.
بدأ المحاضر حديثه حول أبعاد موضوع تكوين الأسرة بين الحقوق والواجبات، حيث عرف الواجب بوصفه التزام الشخص تجاه الآخرين وتجاه مجتمعه ووطنه ضمن علاقة متوازنة مع الحقوق، وأوضح أن الحقوق ينبغي أن تكون ضمن إطار قانوني محدد حيث يضمن القانون حقوق أفراد المجتمع في داخل الدولة، ومؤكدا على الحاجة الماسة لثقافة حقوقية، توضح للإنسان ما له وما عليه، وتوجهه إلى الالتزام بما عليه أولاً. وانتقل للحديث حول المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان ومن أبرزها الحرية والكرامة والمساواة وحظر التمييز، وأوضح أن من تطبيقات مبادئ الحرية في هذا المجال الحق في بناء الاسرة والحق في الاختيار في الزواج والطلاق والإنجاب وفي مجال الاستقلال الشخصي. وأوضح أن هناك عدة صور للتمييز تقوم على النوع الاجتماعي والجنس واللون والاصول العرقية والقبلية، والجنسية، واللغة، والدين.
وشدد الدكتور الطاهر على أن التشريعات الدولية تهتم كثيرا بمبادئ المساواة بين الأفراد المساواة بين الأفراد، والحفاظ على الكرامة المتأصلة في البشر، وحظر جميع أشكال التمييز كوسيلة لاحترام هذه المساواة والحفاظ عليها، مؤكدا على أن هذه المفاهيم تمتد للأسرة وأفرادها. وأوضح أن مجمل القوانين تهتم بمبدأ مراعاة حق الحياة الأسرية، وبمصالح الطفل العليا وحقه في الحفاظ على هويته وجنسيته واسمه وصلاته العائلية. وحول الحق في الحياة الأسرية، عدد المحاضر أبعاد ذلك من المواثيق الدولية ومن بينها حق الفرد في الزواج وتكوين أسرة، والحق في الانتماء والعيش معا، والحق في إنجاب الأطفال، وحق الوالدين في تربية أبنائهم ورعايتهم، وحق الأطفال للعيش مع والديهم، موضحا أن هناك مسئولية على الدولة والمجتمع لضمان حماية الأسرة.
وتحدث الدكتور مهدي الطاهر حول دور الدولة والمجتمع في حماية الأسرة بالقول أن الدولة هي الجهة التي تعنى بوضع أنظمة وقوانين تتعلق بحماية الأسرة وكذلك أنها معنية بتنفيذ هذه القوانين أيضا، وخاصة تلك المتعلقة بالحماية من العنف الأسري بأشكاله المختلفة كالاستغلال، وإساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو الجنسية او التهديد به، موضحا أنه من الناحية الاجتماعية هناك ممارسات قد يرتكبها شخص ما تجاه شخص اخر متجاوزا بذلك حدود ماله من ولاية عليه أو سلطة أو مسؤولية أو بسبب ما يربطهما من علاقة أسرية أو علاقة اعالة أو كفالة أو وصاية أو تبعية معيشيه. وعدد في نهاية محاضرته مظاهر انحدار تطور الأسرة في عصر ما بعد الصناعة ومن بينها انخفاض حالات الزواج، وتأخر سن الزواج، وزيادة في حالات الزواج غير الرسمي، وزيادة في عمل المرأة والنزعة الفردية، وظهور اتجاهات النسوية والإنسانوية والشذوذ.
بدأت مداخلات الحضور بمشاركة من الأستاذ عبد الرسول الغريافي حول مدى حدود الحرية والاستقلالية التي أعطيت للأبناء بناء على التطورات القانونية والاجتماعية وتأثير ذلك على العملية التربوية التي أصبحت أكثر تعقيدا بسبب تساعر المتغيرات القائمة، موضحا أن من نتائج ذلك فقدان السيطرة على الأبناء من قبل الوالدين وقد تؤدي لحالة من الانفلات. وطرح الأستاذ فؤاد الجشي تأثير التقنية على الأساليب التربوية للأبناء لكون هذه المستجدات خلقت حواجز ذهنية بين المربين والمتلقين مما ينتج فجوة تربوية بينهما من ناحية الفهم والظروف، ويؤدي بالتالي إلى اختلاف نمط سلوكيات الأسر تجاه أبنائهم حيث أن الأسرة أصبحت في خطر من حيث كيانها الجامع. وعقبت الأستاذة عالية آل فريد بالقول أن الزام المرأة بالمساهمة في نفقة الأسرة قد تؤدي إلى نتائج سلبية على الأسرة من حيث زيادة الخلافات الأسرية، مشيرة إلى ضرورة التدرج في طرح القضايا الحقوقية بما يكفل تماسك الأسرة وحمايتها من الهزات المتلاحقة.
واستوضح الأستاذ صادق العليو حول الاتجاهات الحديثة القائمة في العلاقات الأسرية وخاصة تلك القادمة من مجتمعات أخرى وتأثيرها على الأسرة المحلية، متسائلا أيضا حول التهديدات التي تواجها الأسر المهاجرة لمجتمعات أخرى لغرض العمل أو الدراسة وخاصة مع اختلاف الأنظمة والقوانين المتبعة. وتداخلت الأستاذة جنان العبد الجبار حول فكرة مدى تأثير وخطورة الطلاق العاطفي والطلاق الرسمي أو الفعلي على الأسرة عندما تكون فيها أطفال، وتساءلت عن النوعين يكون أفضل لحماية الأطفال من الآثار والاضطرابات النفسية. وطرحت الأستاذة هدى القصاب في مداخلتها اشكال التهديدات المتعددة التي تؤثر على كيان الأسرة ومن بينها التغيرات المتسارعة التي طرأت على وضع المرأة والانتقال من العقلية الذكورية المطلقة إلى الاستقلالية التامة، موضحة أن ذلك يتطلب وعيا وفهما من قبل الرجل، ومواكبة الخطاب الديني الذي لا يزال موجه ضد المرأة مما يخلق توترات نفسية وعنف داخل الأسرة.
وتحدث في نهاية الندوة ضيف الشرف الشيخ صالح الابراهيم رئيس مركز البيت السعيد حول ابرز التحديات التي تواجه الأسرة المعاصرة ونماذج من القضايا والحالات التي تمر عليهم وكذلك الارشادات العامة لتحسين الأوضاع الأسرية ومعالجة مشاكلها.
لمشاهدة المحاضرة كاملة على اليوتيوب:
كلمة الفنانة لطفية الجديبي:
كلمة الكاتب علي الماجد:
كلمة المكرمة الأستاذة رباب الدوسري:
كلمة ضيف الشرف الشيخ صالح الابراهيم: