منتدى الثلاثاء يناقش إشكالات دراسة التاريخ

474

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي الباحث في التاريخ الدكتور فائز الحربي في ندوة تحت عنوان “مناهج دراسة وقراءة التاريخ” وذلك مساء الثلاثاء 15 ربيع الأول 1444هـ الموافق 11 أكتوبر 2022م، ركزت على أهمية دراسة وتحليل التاريخ بصورة موضوعية بعيدا عن التخيلات والمغالطات التي تعيق فهم التاريخ بصورة علمية دقيقة، بحضور نخبة من المختصين والمهتمين بدراسات التاريخ، وأدارها الأستاذ عيسى العيد.وبدأت فعاليات الندوة بعرض فيلم توعوي قصير الصحة النفسية بمناسبة اليوم العالمي للصحة الذهنية، وصاحب الندوة معرضًا فنيًا للمصور الفوتوغرافي عبدالله القصاب الذي ركز في أعماله على البيئة الطبيعية في القطيف مستعرضا تجربته الفنية في هذا المجال، وتم تكريم بطل لعبة المبارزة الطالب أحمد الطريفي لفوزه في الجولة الذهبية في بطولة المملكة للمبارزة تحت سن ١١ عام، وحصوله على المركز الأول لهذا العام. واستعرضت الكاتبة فاطمة آل عباس كتابها “كان كالبدر” متحدثةً عن تجربتها في الكتابة ووقعت كتابها في نهاية الندوة. وحل الأستاذ علي حجي السلطان كضيف شرف في الندوة حيث سلم المكرمين دروع التقدير وألقى كلمة في نهاية اللقاء.

وافتح اللقاء مدير الندوة الأستاذ عيسى العيد بكلمة حول أهمية دراسة التاريخ والاشكالات الواردة في هذا المجال من حيث كثرة المغالطات وضرورة القراءة الموضوعية للتاريخ ومعاييرها، مشيرا إلى أن التاريخ مرتبط بمختلف العلوم، وقد بنيت مناهج دراسة التاريخ على أسس علمية لمواجهة التزييف والقراءات المغلوطة.وعرف الضيف الدكتور فائز الحربي بأنه حاصل على درجة الدكتوراة في التاريخ الحديث من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وعمل مستشار بحوث التاريخ والأنساب بدارة الملك عبد العزيز، ومديرا لمركز حمد الجاسر الثقافي، وهو كاتب سابق في صحيفة الجزيرة، وباحث في التاريخ المحلي، وصدر له أكثر من ٧٠ كتابًا في التاريخ المحلي والأنساب والسير، ونشر أكثر من ٢٠ بحثا محكّمًا، وحصل على عدة جوائز من بينها جائزة الملك سلمان بن عبد العزيز في حفظ المصادر التاريخية، وجائزة جمعية الوراق، وجائزة أمين مدني في تاريخ الجزيرة العربية.

بدأ الدكتور الحربي محاضرته بتعريف التاريخ لغة وهو معرفة الزمن واصطلاحا وهو معرفة الزمن وما فيه من أحداث، مشيرا إلى أن مجال اهتمام التاريخ هو الانسان حيث أن هناك تاريخ للأمم والأعلام والسير وما في مثلها.وأشار إلى أن التاريخ مرتبط بكل العلوم حيث أن لكل علم تاريخ، ويطلق عليه “أساس العلوم”. وأكد أن دراسة التاريخ تفيد الإنسان في معرفة الأمور والقضايا على حقيقتها وبالتالي فهم الأبعاد والمؤثرات والنتائج المتعلقة بها، مبينا أن الدراسة في التاريخ تم الاتجاه لها لتحقيق الكثير من المرويات وما لحق بها من قضايا اشكالية ومن بينها الوضع في الأحاديث، أما في العصر الحديث فيعتبر التاريخ أحد المراجع المهمة في النزاعات والخلافات الحدودية وغيرها، كما أن القصص التاريخية تعتبر أحد أسانيد تحقيق بعض المفاهيم والحوادث والمواقف.وأضاف أن التاريخ يلعب دورا مهما في ابراز الأعمال الجليلة والذميمة التي يقوم بها الانسان على مدى تاريخه، من أجل أخذ الدروس والعبر منها.

وواصل الدكتور الحربي في حديثه حول المصادر الأولى للتاريخ مشيرا إلى النقولات الشفهية والنقوش الحجرية ثم الكتابة، وبعدها التصوير والصوت الذي اعتبره قفزة مهمة في دراسة التاريخ وتطوير مناهجه، معتبرا أن بعض جوانب التاريخ مهمة لمعرفتها والاطلاع عليها لكونها تشكل رديفا موازيا لتعزيز الحالة الايمانية وكذلك فيما يرتبط بالتاريخ الوطني.وأكد على ضرورة اعتماد معايير واضحة لتحديد دقة المؤرخ والتي تأتي على رأسها العلم والأمانة والفطنة حيث يشمل ذلك ضمانة لمصداقية المؤرخ ودقة تحقيقاته، موضحا أن الخلل في فهم ودراسة التاريخ قد يكون ناتج عن المؤرخ أو المتلقي الذي لا يفهم سياق الحدث التاريخي.واستعرض الدكتور الحربي مناهج دراسة التاريخ مشيرا إلى أبرزها وهي المنهج الروائي المعتمد على النقل من الرواة دون التركيز على النص أو الحدث، والمنهج الاخباري الذي يعتمد على نقل الخبر دون اشتراط مصدر الاسناد، والمنهج المرحلي الذي يعني بمرحلة تاريخية معينة، والمنهج الجغرافي الذي يركز على منطقة جغرافية محددة، ومنهج الحوليات وهو الرصد التاريخي الشامل لكل عام.

وانتقد الدكتور فائز الحربي بعض مناهج دراسة التاريخ وخاصة تلك التي تهتم بالنقل عن مصادر سابقة واعتمادها دون تحقيق او تحليل للنصوص أو الحوادث الواردة، مشيرا إلى الاهتمام بالوثائق الذي برز مؤخرا في العصر الحديث يعتبر انتصارا لدقة وجدية التحقيق، وخاصة ما يتعلق بالوثائق العثمانية والبريطانية والمحلية فيما يرتبط بتاريخ المنطقة.وأكد على وجود حالة العبث في التاريخ القديم والحديث حيث أن هناك بعض المصادر التاريخية مزورة أو متلاعب بها، كما أن بعض المؤرخين يسيئون قراءة ودراسة الوثائق ويوجهونها حسب ميولهم، ويسيئون قراءة الوثائق التي يراها بأنها جزءا أساسيا من دراسة التاريخ وأن تدقيقها والأمانة في نقل محتواها يعتبر ركنا أساسيا في مصداقية المؤرخ. وأنهى محاضرته بالتأكيد على ضرورة الاهتمام بعلم التاريخ في مختلف المؤسسات التعليمية والمراكز البحثية، وتهيئة باحثين مؤهلين في التاريخ يواجهون الخرافات والأكاذيب، مؤكدا على أن تجربة النهضة الاوروبية انطلقت في ظل مراجعة وتنقيح تاريخها، ولذا فإنه ينبغي تنقيح التاريخ من الشوائب التي علقت به وهيمنت على المثير من مفاصله.جاءت أول مداخلات الحضور من الأديب والمؤرخ عدنان العوامي الذي عرض نماذج من بعض الوثائق مشيرا إلى ضرورة التمييز بين المخطوطة والوثيقة مطالبا بأهمية تدقيق الوثائق التاريخية وخاصة تلك التي تتعارض مع وثائق أخرى ومع أحداث تاريخية معروفة.

وتساءل الأستاذ علي الحرز عن مدى تأثر المؤرخين والباحثين العرب بالمناهج الغربية كمدرسة الحوليات الفرنسية، معترضا على توجه كثير من المؤرخين العرب بتمجيد كل منهم موطنه باعتباره أنه أصل الحضارة دون الاعتماد على أدلة علمية دقيقة.وتحدثت الاعلامية الدكتورة روعة صالح عن موقعية منتدى الثلاثاء الثقافي في المشهد الوطني ودوره في جمع النخب المثقفة من مختلف المناطق وضمن أبعاد مختلفة معتبرة إياه نموذجا يحتذى به في العمل الثقافي المتواصل.وعقب الباحث في التاريخ الأستاذ جلال الهارون على المحاضرة بأنها شملت مواضيع عامة، مؤكدا على ضرورة التأكد من مختلف الأطراف ذوي العلاقة بكل وثيقة وخاصة إذا ما كانت الوثيقة خلافية وذلك للموضوعية في دراستها.وطرح الأستاذ أحمد السعدي تساؤلا حول الدعوة لإعادة كتابة التاريخ في ظل التعارض والاشكالات الموجودة والتي تصل إلى حد التعارض في المرويات ونقل الأحداث وتفسيرها، كما تساءل الأستاذ صالح العمير عن موضوع عمر الصحابي سلمان الفارسي والتناقضات في ذلك ومصدرها وأسبابها.

وتناول الاستاذ خالد الخالدي في مداخلته موضوع توثيق التاريخ الشفهي الذي بدأت فيه بعض دول الخليج مبكرا بينما تأخر توثيقه لدينا في المملكة مشيرا إلى الدور الذي تقوم به دارة الملك عبد العزيز وديوانية التراث الشعبي في هذا المجال.واشار الأستاذ علي الغراب في مداخلته الى ضرورة التوافق بين المؤرخ المحلل والقارئ الواعي من أجل الوصول إلى مستوى ناضج من القراءة الواعية للتاريخ، موضحا أن الظروف السياسية والاجتماعية تلعب دورا مهما في الاخراج النهائي للمادة التاريخية. وطرح الأستاذ احمد المغيصيب تساؤلا حول سبل تحقيق قصص الانبياء من مصادر تاريخية علمية موثوقة، مشيرا إلى أهمية اعتماد مصادر تاريخية موثوقة يمكن الرجوع لها والاعتماد عليها، وهو ذات التساؤل الذي طرحه الاستاذ علي آل ناصر.

وفي نهاية اللقاء تحدث ضيف الشرف الاستاذ علي السلطان بكلمة حول المنتدى ودوره الثقافي على الصعيد الوطني والعربي وأهمية استمراره بفاعلية في استقطاب النخب المثقفة من مختلف المناطق، كما أشاد بالمحاضرة ومحتواها العلمي مؤكدا على أهمية دراسة التاريخ بموضوعية وحيادية.

 

لمشاهدة كافة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

لمشاهدة المحاضرة كاملة على اليوتيوب:

 

كلمة الفنان عبد الله القصاب:

 

كلمة الكاتبة فاطمة آل عباس:

 

كلمة المكرم أحمد الطريفي:

 

كلمة ضيف الشرف الأستاذ علي السلطان:

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد