ضمن مسار برنامجه للموسم الثقافي الثاني والعشرين حول قراءة تحولات المشهد الثقافي في السعودية، نظم منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الاثنين بتاريخ 26 ربيع الأول 1443هـ الموافق 1 نوفمبر 2021م ندوة تحت عنوان “مسلسل رشاش: قراءة ثقافية – ايكولوجية” شاركت فيها الدكتورة سماهر الضامن الأستاذ المساعد بقسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود، وأدارتها الأستاذة مريم الخضراوي، وحضرها لفيف من المثقفين والمهتمين بالفنون والمسرح.
وقبيل الندوة، ألقت الأستاذة غالية آل معالو كلمة تعريفية عن اللجنة الصحية بجمعية تاروت الخيرية كفريق عمل تطوعي يعنى برفع مستوى الوعي الصحي في المجتمع، وأوضحت أن من أنشطة اللجنة برنامج “ايلاف” للمتزوجات والمقبلات على الزواج، و”فريق عشتار” للمشاة بهدف التشجيع على رياضة المشي للنساء، وتنظيم حملات التبرع بالدم عبر برنامج “بنك حياة”، و”ملتقى الحج” للتوعية الصحية في موسم الحج، وكذلك إصدارات “وقفات صحية” كرسائل توعوية أسبوعية من قبل مختصين.
كما تحدث الكاتب المسرحي الأستاذ عباس الحايك عن تجربته في الكتابة المسرحية، معرفا بكتابه “حارسة الماء” موضحا أن الكتاب يحتوي على خمس مسرحيات كتبها في فترات متفاوتة، وقدمت على خشبات مسارح عربية، فأولها نص مسرحية “حارسة الماء”، وهي مسرحية تتناول حكاية قرية أصابها الجذب فلا مطر ولا ماء، سوى بئر يقال أنها مسحورة، ولا تستطيع الشرب من البئر إلا الحارسة المنبوذة التي يحذر عراف القرية من الاقتراب منها، والنص الاخر هو (أم الخير) وهو يتناول حكاية سطوة الكبار على الصغار، وثالث نصوص الكتاب هو نص (كونتينر) وهو يحكي عن قضية اللاجئين، والنص الرابع كان بعنوان (مجرد أرقام)، أما النص الأخير فهو بعنوان (ذاكرة صفراء) وهو عن الذاكرة التي تثقل حياتنا، ترافقنا ولا تعطينا فسحة للهروب من آثارها، من بقاياها التي انطبعت في خلايانا.
بدأت مديرة الندوة بالحديث عن أبرز لقطات مسلسل “رشاش” ومقاطع من المفردات والجمل الدلالية المستخدمة فيه، موضحة أهمية التحول الدرامي الذي قاده هذا المسلسل في المشهد الفني في المملكة، ومشيرة إلى ضرورة تناوله بقراءات نقدية متعددة ومن مختلف الجوانب من أجل العمل على تطوير الأداء الفني في الدراما السعودية. وعرضت جزء من سيرة المحاضرة الدكتورة سماهر الضامن الحاصلة على درجة الدكتوراه في الأدب المقارن والدراسات الثقافية من جامعة آر كنسا بأمريكا، وجائزة هدسن للدراسات الإنسانية عن أفضل فكرة بحثية لرسالة الدكتوراه، وسبق لها أن حصلت على تمويل نشر كتاب “نساء بلا أمهات” الصادر من نادي حائل الأدبي وجائزة التفوق العلمي من كلية الآداب للبنات بالدمام، وهي تعمل حاليا أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية بجامعة الملك سعود بالرياض.
بدأت المحاضرة بالقول أن من أهم ميزات مسلسل “رشاش” الارتهان بالواقعية تجاه البيئة التي احتضنته، مع أن ذلك أوقعه في العديد المحاذير الثقافية والاجتماعية والسياسية التي تحاشى الاحتكاك بها، وأن الإعلان التحذيري الذي يسبق عرض المسلسل يدلل مرحلة جديدة في تصنيف المنتج السينمائي المحلي. وانتقلت للحديث حول أبرز قضايا المسلسل وهي تقديم الشر أو العنف في الأعمال الدرامية، موضحة أن الكثيرين يعتقدون بأن تقديم العنف قد يجر إلى القبول به اجتماعيا أو التأثير على المشاهدين بصورة سلبية، معترضة على ذلك بالقول أن متابعة هذا النوع من المحتوى لا يزيد من حالة العنف، بل أن هناك بعض الدراسات تشير إلى العكس من ذلك تمام حيث أنه لا يولد لدى المربين أي قلق من العنف أما المشاهدين فلديهم اتجاهات مختلفة، وأن الهدف التجاري هو الذي يحكم معادلة الإنتاج الفني في أغلب الأحيان.
وقالت الدكتورة سماهر الضامن في معرض حديثها أن سبب الاقبال الكبير على مشاهدة هذا العمل الدرامي هي في تمكنه من استثارة نزعات ومشاعر عميقة ودفينة لدى المشاهد، وأن المسلسل كان ناجحا في تقديم “البطل النقيض” مما يدفع أحيانا للتعاطف معه، وأن هذا النجاح أتى من حسن اختيار الممثل وإجادته لأداء دوره منن خلال الملامح والحركية وتقديمه كشخصية حساسة ومرهفة، وقدرته على توظيف مهاراته لأغراض شريرة. واعتبرت أن الحلقة الثالثة من المسلسل هي من أفضل الحلقات حيت تميزت بقمة الحساسية المرهفة ومشهد المطاردة الطويلة والذي يتطلب جهدا كبيرا، مشيرة إلى أن ارتهان المسلسل بالواقع أدى إلى تغلب جانب الشر على الخير، مما دفع العاملين فيه إلى اختراع شخصية “فهد” الضابط المثالي الملتزم وإبراز دوره لتمثيل جانب الخير.
وانتقلت الدكتورة سماهر الضامن للحديث عن منهج النقد الايكولوجي للعمل الدرامي الذي اعتبرته من المناهج النقدية الحديثة التي تركز على التفاعل البشري مع النظام البيئي في الأثر الأدبي، ويهتم بالأرض والحياة كمأوى للإنسان، وأن أغلب الأعمال الأدبية تتفاعل مع البيئة بشكل كبير وواضح بحيث يكون التماس معها ومع الوجود ملموسا وبارزا. وأضافت أن النص الايكولوجي يركز على البيئة كعنصر ديناميكي يؤثر في الشر ويتأثر به، وأن التاريخ البشري ليس معزولا عن التاريخ الطبيعي. وقالت أم أكثر العناصر اللافتة في مسلسل “رشاش” صورة الصحراء لكون الكاتب والخرج أجانب مما أحدث حالة من التحديق في جماليات الصحراء ولعب كثيرا على الإضاءة لإبراز جماليات المكان والفارق الزمني، وأشارت إلى أن هناك ارتباط وانسجام كبير بين شخصية رشاش والصحراء برزت واضحة في المسلسل، وذلك جعل البر عنصر حي متحرك.
وأنهت حديثها بالقول أن هناك ثلاث فئات برزت من خلال هذه القراءة، أولها الفئة المنسجمة مع البيئة والمتفاعلة معها سلوكا وفكرا وتعبيرا حيث أنها كانت منسجمة مع البيئة وظروفها ومتطلباتها، والفئة الثانية التي انتقلت للمدينة وانفصلت عن بيئتها الأصلية واتخذت من حيز المواطنة بيئة جديدة لها وتتميز بتقبلها لأشكال التحضر مما يجعل كلماتهم محسوبة وتعبيراتهم في جمل قصيرة وقليلة وأظهرهم المسلسل برتابة متناهية، والفئة الثالثة هي المرأة التي عكست حالة الانفصال عن الحياة وبرزت بصورة باهتة لأبعد حد فلا تمارس أي مهارات مهمة أو دور حقيقي. وقالت أنه محاكمة العمل بالدقة التاريخية فإنه لم يعكس المرحلة بشكل دقيق، مع أنه نظرا لنجاحه والاقبال عليه فسيتم العمل على انتاج المزيد من مثل هذه الأعمال الدرامية.
وبدأت المداخلات بمشاركة من الفنان محمد السنان حيث تساءل عن قدرة المسلسل في ابراز العوامل التي تشكل سلوكيات شخصيات العمل أم أنه تغافل عن ذلك لأسباب معينة، وطرح الأستاذ ميثم السلطان تركيز منصات الأفلام الجديدة على مخاطبة جيل الشباب وليس كل أفراد العائلة كما كان سابقا مما يعني تغييرا في التوجه والمحتوى. وانتقد الأستاذ عبد الباري الدخيل ضعف الرقابة على اللهجة المستخدمة في مسلسل “رشاش”، متسائلا عن مقارنة هذا العمل مع أعمال درامية أخرى انتجت محليا خلال الفترة الماضية، واعتبر الكاتب المسرحي عباس الحايك أن مسلسل “رشاش” يشكل نقلة نوعية في الدراما السعودية، مع أن هناك عدة مشاكل في صناعة الشخصيات إضافة إلى مشكلة اللهجة التي جاءت نتيجة الترجمة من النص الإنجليزي للمادة إلى اللغة العربية الفصحى، مضيفا أن المسلسل لم يتمكن من عكس الجانب المدني للحياة في السعودية بشكل مناسب.
وعلق الفنان المسرحي ماهر الغانم أنه تمت إضافة أحداث كثيرة في السيناريو كي يتوافق مع الوضع المحلي، وهو ما أكده الفنان علي السنان من كون النص مكتوبا باللغة الإنجليزية ويحدث فارق كبير في الأداء بالعربية وخاصة باللهجة المحلية. واعترض الأستاذ عدنان الشعلة على فكرة أن عرض العنف لا يؤثر في المشاهد موضحا أن بعض الحركات والألفاظ تنتقل من متابعة الأحداث العنيفة في الأعمال الدرامية وأن الشخصية الشريرة عادة ما تكون محبوبة. وأيد الشاعر طلال الطويرقي فكرة ان العين الغربية أو الخارجية تنظر للصحراء من زوايا جمالية مختلفة عنا وهو نوع من أنواع التسويق السياحي. وأشار الأستاذ علي الحرز إلى أن هناك مفارقات بين القراءات المختلفة والعمل الدرامي.
المحاضرة كاملة:
كلمة الأستاذ عباس الحايك:
كلمة الأستاذة غالية جاسم (اللجنة الصحية بتاروت):