إستراتيجية التأمين الإلزامي على السيارات ورخص القيادة.

212

 

بقلم د. عبد الجليل السيف عضو مجلس الشورى.

4.6% مليون سيارة تم ترخيصها حتى نهاية العام الماضي منها 4 ملايين تسير حالياً على طرقات المملكة.

6.7% مليون رخصة قيادة صدرت خلال 31 سنة الماضية.

5.4% مليون على وجه التقريب عدد قائدي السيارات في المملكة حالياً.

1.5% مليون سيارة أجنبية تمر بأراضي المملكة سنوياً.

عدد السيارات المؤمن عليها لا تزيد نسبتها عن 20%.

305% ألف حادث مروري العام الماضي بنسبة زيادة 9% عن العام الأسبق.

557% ألف سائق شاركوا في الحوادث المرورية العام الماضي بنسبـة زيادة 26% عن العام 1421هـ.

5.4% مليون مخالفة مرورية بنسبة زيادة 135% عن العام الأسبق.

4% من الناتج المحلي الإجمالي تكلفة تقديرية للحوادث المرورية سنوياً.

1.5% مليار ريال حجم الأموال المتداولة في سوق السيارات سنوياً وأن مركز معلومات الجمارك أوضح في تقريره لعام 1999م أن تكلفة واردات السيارات خلال النصف الأول من نفس العام بلغت 5.8 مليار ريال.

فضلت أن أبدأ مقالي هذا بعرض لأرقام هامة تعكس مدى الحاجة إلى تكاتف الجهود لإيجاد عملية تنظيمية شاملة لكل النواحي المرورية فبدون إيجاد تنظيم دقيق لهذا الجانب الحيوي ستعم الفوضى وستتضاعف الخسائر البشرية والمادية والمالية ومع مرور الوقت ستصبح المشكلة المرورية خارجة عن السيطرة بسبب التزايد السريع لعدد السيارات وكذلك عدد ركابها.

وقد تطرقت في مقال سابق إلى أهمية ترسيخ مفهوم السلامة المرورية من خلال تبني أنظمة فاعلة ومؤثرة ومن بينها نظام التأمين الإلزامي التعاوني وهو امتداد طبيعي لما تبنته قيادات أجهزة المرور الخليجية والعربية والدولية وظهر جلياً في توصيات المصادر الرئيسية للتشريعات المرورية مثل نظام قانون المرور الموحد الاسترشادي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والذي يشترط لترخيص أية مركبة أو تجديد ترخيصها للتامين على حوادث المركبة وكذلك مشروع القانون العربي الموحد للمرور الذي يقر التأمين الإجباري على المركبات وأيضاً الإستراتيجية العربية للسلامة المرورية التي أقرها وزراء الداخلية العرب في يناير الماضي وأقرت العمل بنظام التأمين على جميع المركبات.

وسعت القيادات المرورية بالمملكة إلى ترجمة هذه التوصيات إلى واقع عملي عبر برامج توعية مرورية تعليمية وتنفيذية ونظمت خلال العامين الماضيين حملتين ذات بعد استراتيجي واهتمت الحملة الأولى بمحتوى ومضمون أمني مروري شامل يركز على التوعية الشاملة بالقضايا الأمنية والمرورية الهامة والعمل على تأسيس قنوات اتصال ترتكز على بناء الثقة بين رجال الأمن وأفراد المجتمع أما الحملة الثانية فقد ركزت على استمرارية الاستفادة من الحملة الأولى والتأكيد على الجانب الإيجابي منها.

أما الحملة الثالثة التي نحن بصددها الآن وشعارها (اعقلها وتوكل) فهي بمثابة جني لثمار الحملتين السابقتين لترسيخ مفهوم السلامة المرورية وتطويره بما يتماشى مع الجهود والاهتمامات التي تبذلها الدولة في هذا الاتجاه وأيضاً التأكيد على أهمية التأمين الإلزامي التعاوني ضـد الغير على جميع المركبات وعلى رخـص القيادة.

وتأتي هذه الحملة في وقت تشهد فيه المملكة تطورات تنموية واقتصادية وانفتاح كامل على التجارة العالمية مما سيكون له تأثير كبير على حركة النقل حيث من المتوقع أن تزداد حركة عبور المركبات الأجنبية أراضي المملكة بنسبة كبيرة لتصل إلى 1.5 مليون سيارة العام القادم.

وتمشيا مع توصيات أجهزة المرور الخليجية والعربية بالأخذ بنظام التأمين الإلزامي على السيارات فلا بد من الاستفادة الحقيقية من هذه الحملات التي تبنتها المملكة منذ فترة طويلة والتركيز على إيصال رسالة قوية عن أهمية التأمين كأحد الحلول العملية لمعالجة السلوكيات الخاطئة والمستمرة لبعض قائدي السيارات والتي تترك آثار مدمرة إنسانيا ومادياً لذلك صدر قرار مجلس الوزراء رقم 222 بتاريخ 13/8/1422هـ بعدم السماح بدخول المركبة الأجنبية للملكة أو عبور أراضيها ما لم تكن مؤمناً عليها تجاه الغير كما وضع الأمن العام الشروط والقواعد التي يتم بموجبها التنسيق مع إدارات المرور وشركات التأمين العاملة في المملكة لبدء تطبيق التأمين التعاوني على جميع السائقين من المواطنين المقيمين على أن يكون متزامناً مع قرار التأمين على المركبات الأجنبية حتى تتوافر البيئة الجيدة وتستثمر القيادة جهود حملاتها الطويلة.

وللمحافظة على النجاح الملموس الذي تحققه الحملة الثالثة نأمل أن تستمر قوة الدفع التي بدأت بها وأن تكون قوية ومباشرة وتطبق على الجميع دون أي استثناءات وتتميز بلغة تتناسب مع جميع الفئات العمرية مع التركيز على الفئة العمرية الشابة حيث تشير الإحصائيات إلى أن 231 ألف سائق من مجموع المشاركين في الحوادث المرورية التي وقعت العام الماضي وعددها 557 ألف مشارك كانت مسئولية الفئة العمرية من أقل من 18 إلى 30 عاماً وهي حوادث تصنف بأنها الأخطر على الإطلاق إذ يسفر عنها وفيات وإصابات بليغة ومعقدة.

ونأمل أن تدرك الحملة أهمية الوصول إلى المقيمين من مختلف الجنسيات وحثهم على ضرورة المحافظة على أمن البلد واحترام أنظمتها خاصة وأن نسبة المشاركة في الحوادث التي يتسبب فيها المقيمون تبلغ 38% والمخالفات المرورية بلغت 34%.

إن التأمين الإلزامي على جميع السيارات التي تمر بالمملكة ورخص القيادة سيعالج جميع القضايا السلبية الاقتصادية والاجتماعية والتي عانينا منها طويلاً وسيعالج أيضاً قضية هامة وهي تجنب سجن المسئولين عن الحوادث وإبقائهم خلف القضبان لمدة طويلة بسبب عدم قدراتهم على دفع التعويضات وقد أشار سعادة مدير عام الإدارة العامة للمرور من أن قرابة 1500 دية نتيجة حوادث المرور لم يتمكن أصحابها من سداد ما ترتب عليهم من التزامات مادية ونفسية ونأمل أن توفر الجهات المعنية نقاط تأمين في جميع المنافذ الحدودية على مدار الساعة وافتتاح مواقع جديدة للتأمين في أماكن التجمعات الطلابية والعمالية وغيرها بحيث تسهل إجراءات التأمين على الجميع كما يجب الإسراع في إقرار نظام شركات التأمين حتى ولو بصفة استثنائية مؤقتة لتوفير البيئة الجيدة لإنجاح هذا النظام حيث لا يوجد حالياً سوى شركة تأمين واحد في المملكة هي التعاونية للتأمين.

ومع بدء تطبيق نظام التأمين في منتصف شهر رمضان المبارك نتوقع ألا تشكل رسوم التأمين ضد الغير عبئاً على المواطنين والمقيمين ، إذ ستكون في حدود معقولة وفقاً لما أعلنته ونفذته الشركة التعاونية للتأمين حيث لا يتجاوز 360 ريال سنويا للخصوصي من سن 21 عاماً فما فوق ويغطي حتى خمسة ملايين ريال للأضرار والأخرى ، كما سيغطى التأمين في مراحله الأولى الفئات التالية رخص القيادة العمومي والخصوصي ، والدبلوماسية ، ورخص الآليات ، والدراجات النارية ، والتصاريح المؤقتة .. ولتفعيل هذه الإجراءات سيتم ربط شركات التأمين بالحاسب الآلي ليتم من خلاله التعرف والإطلاع على سجل السائق وحجم الحوادث والمخالفات التي ارتكبت في فترة زمنية محددة.

وحيث أن شركات التامين مهيأة ولديها خبراء وفنيين قادرين على معالجة الحق الخاص واستكمال متطلباته النظامية مالياً وفنياً وصولاً إلـى تحديد المسئـولية .. وهذا بدوره سيساعد رجل المرور إلى التفرغ التام إلى مهامه الأساسية وفي مقدمتها الاهتمام بتنفيذ مواد النظام وبتوقيع المخالفة بحق المخالف ومتابعة تنفيذ إجراءات الحق العام وفق ما تحدده لائحة تحديد نقاط كل مخالفة مرورية والإجراءات المترتبة على تلك المخالفة وهذا ما هو معمول به في معظم دول العالم.

ومن هنا تبرز أهمية وجود المحاكم المرورية المتخصصة كمرجعية شرعية للأطراف ذات العلاقة عند وجود اوجه خلاف وبذلك فنحن أمام منظومة متكاملة كل حلقة تكمل الأخرى وبتكامل هذه المنظومة والعمل على تنفيذها نكون قد خطونا خطوة كبيرة إلى الأمام في تحقيق أهداف هذه الحملة.

هذا الموضوع نشر في جريدة عكاظ عدد 13224، تاريخ 05/ 09/ 1423هـ، الموافق 10/ 11/ 2002م.

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد