حدوث العالم من وجهة نظر علمية

3٬687

في محاضرة هي الأولى من نوعها بين محاضرات منتدى الثلاثاء الثقافي ألقى الدكتور خالد سليمان اليحيا مساء الثلاثاء بتاريخ 22/ذي الحجة/1428هـ، الموافق 01/ يناير/2008م، محاضرة بعنوان (حدوث العالم من وجهة نظر علمية) قدمها الأستاذ ذاكر آل حبيل حيث بدأها بتعريفه للمحاضر الذي يعمل استشاري فيزياء العلاج الإشعاعي في مركز الأورام بمستشفى سعد التخصصي، وقد عمل سابقا أستاذا للفيزياء في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وهو حاصل على بكالوريوس فيزياء مع مرتبة الشرف الأولى من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وماجستير الفيزياء الطبية من جامعة مكغيل الكندية ودبلوم فلسفة العلوم من نفس الجامعة وأيضا على دبلوم تاريخ العلوم من جامعة تورنتو الكندية ودكتوراه مع مرتبة الشرف في الفيزياء الطبية من جامعة مكغيل الكندية.

( كل شيء رقم) نظرية لفيثاغورس الإغريقي، الأب الأكبر للرياضيات، انطلق الضيف من فكرتها بادئا حديثه بتأثير (الرقم) في حساب حركة الكون، مستشهدا بتوقف المدمرة يوركتاون عام 1997م على سواحل فرجينيا عن العمل، بسبب (صفر) زائد كان في شفرة برنامج التحكم في المحركات نسي المهندسون حذفه، فنادته ذاكرة البرنامج وقسمت عليه ما مقداره 10000حصان من القوة لتنتج صفرا، الأمر الذي تسبب في مشكلة اعتبرها الرئيس الأمريكي وقتها خطرا على الأمن القومي.

وتعمقا في أثر الأرقام، تحدث اليحيا عن العلاقة الغريبة بينها وبين الأشكال في اعتقاد فيثاغورس الذي آمن بقداسة «الشكل الخماسي» لاحتضانه «المالانهائية» بالربط بين رؤوسه لينتج خماسيات أخرى بأطوال يحكمها «تناسب» بدأ بالاستدلال عليه من خلال إدراكه للسلم الموسيقي واللعب بالوتر ليرسم بعد ذلك رؤيته التي روج لها بأن الكون في جميعه قائم على التناسب، تتمركز الأرض في وسطه، لتدور حولها الكواكب في أفلاك محددة بقوانين متناسبة. وأشار اليحيا إلى إشكالية فيثاغورس مع الأعداد الصماء – الأعداد الحقيقية في علم الرياضيات الحديث- حيث قوضت حسابات «الشكل الرباعي» عقيدة التناسب التي نادى بها، والتي أخفاها مع طلابه حتى كشفها طالبه «هيباسوس» فأغرقه لتشويهه نظريته الجميلة بسواد الحقيقة المرة.

انتقل المحاضر بعد ذلك لقضية تبني شيخ الفلاسفة أرسطوطاليس نظرية فيثاغورس الذي لم يتحسس من الأعداد الصماء قدر تحسسه من «الصفر» الذي رفض اعتباره رقما لعدم تأثيره في محصلة الجمع مع أي رقم آخر. وهذا مارفضه أرخميدس الذي أكد قوة الصفر الذي رغم فراغ مضمونه، إلا أنه قادر على تدمير أبسط العمليات الرياضية كالقسمة والضرب، فضلا عن أن النسبة له تعد كارثة حيث لا مجال للتناسب. وبذلك اضطر أرسطو لأن يخير نفسه بين الصفر والمالانهاية، فاختارها على العدم الذي كان يراه متمثلا في الصفر. ونتيجة لاختياره ذاك قال «بمالانهائية» وأنه قديم بلا انتهاء، فقال بنظرية خلقه وأثبت بذلك وجود إله خلقها من العدم وذاك ما راق للرهبان الذين تبنوا نظريته.

تحدث اليحيا بعد ذلك عن تحول النظرة للصفر في العصور الوسطى إلى الإيجابية في عصور التنوير حيث أصبح مفتاح الثورة العلمية القادمة مضعضعا ثقافة الإغريق الفلسفية بلغة الفن التي سيطر الصفر فيها على لوحاته إذ اعتـُمد نقطة التلاشي التي تنطلق منها أبعاد اللوحة، فحول بذلك اللوحة الفنية من مساحة مسطحة الأبعاد إلى انعكاسات هي أقرب للحقيقة. وإذ لا يزال الحديث للدكتور اليحيا، تحدث عن محاولات العلماء في وضع تفسير لتاريخ الكون، فكان أن نظر آينشتاين بما وافق أرسطو سابقا في قدم العالم، لكنه ارتكب اكبر خطيئة في تاريخه العلمي بتعميم نظرية التناسب على الكون، والتي كان من نتائجها عدم استقراره، الأمر الذي يضعه بين خيار تدميره بفعل الجاذبية، أو مواصلة تمدده لتنطفئ نجومه بعد احتراق وقودها ويظلم بذلك الكون ويتجمد عند درجة الصفر المطلق. ولأن هذه المعادلة تخالف ما ذهب إليه من موافقة أرسطو أضاف جزئية لمعادلته لضبط جاذبية الكون، بعد ذلك عرج المحاضر على اكتشاف الفلكي «هابل» عام 1920م لنجوم تبعد أكثر من مليون سنة ضوئية عن مجرتنا، خلاف ما كان سائدا عام 1900م من أن الكون فارغ إلا من مجرة درب التبانة.

وأكد الدكتور اليحيا أن العلماء اليوم يقولون بامتداد الكون إلى 15 مليار سنة ضوئية، وهو اكتشاف كان له دوي هائل، فهناك كون أكبر بملايين المرات مما كان يتصوره الإنسان، كون تتحرك مجراته بسرعة هائلة قاس «هابل» سرعتها باستخدام ظاهرة دوبلر التي أكدت له أن الكون آخذ في التوسع مع مرور الزمن، حتى جاءت في الستينيات مجموعة من الفيزيائيين قالت بنظرية الانفجار الكبير للكون على أساس دراسات تحدث عنها المحاضر بشكل شبه مفصل ليصل بالحضور إلى النتيجة التي أعلنها أولئك العلماء للانفجار وتم إعلان جنازة نظرية ثبات الكون لتكون في عداد الخرافات بالرغم من صعوبة تجرع فكرة الكون المحدود الحدوث. وفي ختام حديثه استخلص الدكتور اليحيا أن العطل الذي أصاب كمبيوتر مدمرة يوركتاون لهو مجرد ظل باهت لقدرة الصفر الهائلة في قلب المعركة الفكرية لدى العلماء والفلاسفة.

وقد حضر الندوة جمع حاشد من المثقفين والمهتمين شاركوا في إثراء الحوار بمداخلاتهم التي تطرقت إلى عدم الولوج في تاريخ الصفر العربي عن طريق الخوارزمي وكونها المرحلة الهامة في وصول الغرب لما هم عليه الآن. وتناول الحضور أيضا قضايا تساءلوا فيها عن الحد الذي توصل إليه علماء الفيزياء في معرفة الخلفية التي وصلت في النهاية إلى القول بالانفجار الكبير وإن كانت هناك ملامح لبرمجة تحدد مستقبل الكون. وأثار بعض الحضور تساؤلا حول إمكانية استفادة المملكة من الطاقة النووية لخدمة الإنسان في المجالات السلمية، وكذلك عن اكتشاف حياة خارج كوكب الأرض. وقد أجاب الدكتور عن تلك الأسئلة جميعا شاكرا في ختام الأمسية منتدى الثلاثاء متمثلا في راعيه الأستاذ جعفر الشايب على استضافته موضحا أن هناك قضايا أخى مهمة في هذا المجال بحاجة إلى عرض ومناقشة.

جدير بالذكر بأن الدكتور اليحيا يعمل استشاري فيزياء العلاج الإشعاعي في مركز الأورام بمستشفى سعد التخصصي، وعمل سابقا أستاذا للفيزياء في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وهو حاصل على بكالوريوس فيزياء مع مرتبة الشرف الأولى من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وماجستير الفيزياء الطبية من جامعة مكغيل الكندية ودبلوم فلسفة العلوم من نفس الجامعة وأيضا على دبلوم تاريخ العلوم من جامعة تورنتو الكندية ودكتوراه مع مرتبة الشرف في الفيزياء الطبية من جامعة مكغيل الكندية.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد