في سعيه لنشر الوعي في المجتمع ومواكبة مختلف التطورات القائمة، استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 10 ربيع الأول 1442هـ الموافق 27 أكتوبر 2020م الصحفي والكاتب في الشأن الأمريكي ياسر الغسلان في حوار شامل حول الانتخابات الأمريكية، متناولا ابرز القضايا المطروحة في الحملة الانتخابية للمرشحين وأوجه الاختلاف والاتفاق في برنامجيهما ومواقفهما من معالجة تداعيات جائحة كوفيد 19 والقضايا الاقتصادية. وأدار الحور الدكتور محمد الحماقي الذي تحدث عن خصوصية الانتخابات الأمريكية الحالية داخليا وخارجيا، وأبرز القضايا المطروحة فيها، وتميزها من ناحية التباين الحاد في المزاج الأمريكي حيالها، وعرف بالمحاضر بأنه إعلامي سعودي، عمل في مجال الاعلام والصحافة منذ 1990م وكانت بداياته مراسلا صحفيا في فريق هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيطالي، كما عمل في العديد من الصحف السعودية وهو مؤسس ورئيس المركز العربي للدراسات الامريكية في واشنطن، وشارك كمتحدث في العديد من اللقاءات والاحتفاليات والمناسبات داخل المملكة وخارجها، كما صدرت له العديد من الكتب منها: إعلام. كم، العودة إلى الإمام، أركان المثلث، السعودية أمريكا والحرب على الإرهاب.
بدأ الأستاذ الغسلان حديثه بالقول أن الانتخابات الأمريكية لم تعد شأنا نخبويا، بل أصبحت هما عالميا نظرا لتأثيرها على العديد من القضايا العالمية وليست المحلية، مع أن العوامل المحلية هي التي تعمل على حسم اتجاه الانتخابات. وأضاف أن جائحة كوفيد 19 أصبحت ترمومتر الانتخابات الامريكية الحالية في مقابل تراجع عوامل الاقتصاد والصحة والعلاقات الخارجية التي كانت دوما القضايا الرئيسة في أي انتخابات سابقة، وذلك للتصاعد الكبير في أعداد ضحايا الجائحة وكون التعامل معها جاء متأخرا، وأصبح تعاملا سياسيا مما يعني تغليب الاقتصاد على صحة الناس. وواصل في حديثه حول الجائحة بأن الرئيس الحالي (ترامب) وعد بأنه إذا فاز سيمنح اللقاح للجميع، بينما يسعى المرشح الديمقراطي لتحويل الدفة لصالحه من خلال الوعد بالموازنة بين الاقتصاد والصحة، وتأكيد الاعتماد على آراء العلماء والمختصين في رسم السياسات، وتغليب المساعدات الفدرالية.
وفي المجال الاقتصادي، أوضح الغسلان في حديثه أنه بينما يهتم الديمقراطيون بقضايا المناخ والبيئة والطاقة البديلة وتنمية بدائل لصناعة النفط، ويعدون ببناء اقتصاد قوي، يولي الجمهوريون اهتماما أكبر بصناعة النفط. وعلق أن ترامب استفاد من النمو الاقتصادي قبل الجائحة والذي كان امتدادا لمرحلة أوباما وتحسن سوق العمل، وهو يعتمد على أداء سوق الأسهم كمؤشرات للنمو الاقتصادي، ويعد بأنه لن يرفع الضرائب، مضيفا أن بايدن يطالب زيادة الضرائب على الدخول المرتفعة. وأكد على أن ترامب لديه مشكلة مع القوانين والاتفاقيات التي وقعها سلفه أوباما، ومن بينها النظام الصحي (أوباما كير)، والاتفاق النووي الإيراني، واتفاقيات التغيير المناخي.
وأشار المحاضر إلى أن الرئيس ترامب قد تمكن من توسيع قاعدة الحزب الجمهوري، فالمحافظون والاعلام اليميني يرحبون بإجراءات الهجرة وقوانين الإجهاض التي اتخذها، كما أن الانجيليين يساندونه لتمكنه من تحقيق اختراق في العلاقات العربية الإسرائيلية الذي جاء كورقة انقاذ له في حملته الانتخابية، بينما تقف ضده مختلف القوى والجماعات الليبرالية. وأوضح أن قاعدة ترامب الرئيسة هم الانجيليين وينظرون له كممكن لنبوءة عقائدية، مضيفا أنه من الناحية الفكرية يصنف ترامب ليبراليا إلا أنه ولدواع انتخابية يضع نفسه في القالب الجمهوري المحافظ، وأن خطابه مبتكر بمزيج من الشوفينية والليبرالية، مضيفا أن بايدن يصنف ليبراليا معتدلا، وهو تاريخيا في منطقة الوسط وكثير من أصدقائه جمهوريين، ولدواع انتخابية فهو يسعى لأن يكون بين الوسط ويسار الوسط.
واستعرض الغسلان توجه كلا المرشحين في السياسات الخارجية، مع تأكيده على أن السياسة الخارجية لا تؤثر كثيرا في الانتخابات الرئاسية، فقد تأتي في المرتبة السادسة أو السابعة من حيث أولويات الناخبين، موضحا أن ترامب يرى في الصين عدوا وكان يسعى للتعاون معها وتغير توجهه بعد انتخابات الكونجرس عام 2018م حيث اقتنع بأن الصينيين لا يمكن المراهنة عليهم وأصبحت ردات فعله قاسية لمواجهة الصين. وأوضح أن بايدن يرى في الصين منافسا يمكن التعاطي معها، وأن العلاقة معها تكون من خلال الحوار حتى لا تدخل أمريكا في مواجهة مع الصين حيث أن لديها عوامل قوة كثيرة تخدمها.
وواصل الأستاذ ياسر الغسلان حديثه حول السياسات الخارجية، وخاصة ما يتعلق منها بالشرق الأوسط، فأوضح أن ترامب يعتمد على سياسة المحاور بهدف تكريس اعتماد جميع الأطراف على الولايات المتحدة، بحيث يلزم الدول المعنية بدفع فواتير الدفاع عنها، وتغليب المصالح المالية التكتيكية وليست الاستراتيجية البعيدة، كما تتركز سياسته على مواجهة ايران وخلق التوتر من وجودها والعمل للوصول لاتفاق أفضل معها بما يضمن مصالح أمريكا، وأنه سيستمر في التفاهمات مع تركيا، ودعم دول الخليج بالسلاح، وقد يسحب القوات الأمريكية في الخارج. وأضاف أن بايدن يتجه في المقابل لوضع الطلبات ثم التفاوض عبر التأكيد على حقوق الإنسان ودعم الحراك المدني، ومواجهة الأنظمة القوية وخلق حالة من عدم الاستقرار مركزا على العودة للاتفاق النووي مع ايران بشروط جديدة، ومعالجة الملف اليمني، وإعادة رسم العلاقة مع دول الخليج مع الإبقاء عليها كشركاء وحلفاء استراتيجيون، موضحا أن سياسته في المنطقة ستعتمد على مخرجات الاتفاق مع ايران.
وأنهى الجزء الأخير من حديثه حول قراءة إنجازات مرحلة ترامب على الصعيد الداخلي وتحديدا فيما يرتبط بقدرته في توسيع قاعدة الجمهوريين، فبينما حقق أمام جمهوره العديد من الوعود فإن الجمهوريين السياسيين لم تعد لجيهم القدرة على مواجهته حيث تمكن من اختطاف الحزب الجمهوري ليصبح أكثر ايمانا بمفهوم الطائفية. وأوضح أن ترامب يتعامل مع مختلف القضايا السياسية كالاضطرابات ضد العنصرية بطرق جديدة وغير تقليدية فهو قادر على تقديم الفكرة واثارة الجدل بطريقة مقصودة لأنها تطرب قاعدته، مشيرا إلى أنه أقرب أن يكون شخصية تلفزيونية من كونه رئيسا، وأن الاعلام لا يحب اللعب على أعصاب الناس وخاصة عندما تأتي من رئيس، ولهذا برزت عدة إشكالات بينه وبين معظم مراسلي وسائل الاعلام وخاصة المتلفزة.
وتداخل بعض المتابعين للحوار حول عدة قضايا طرحت في الندوة، فأشار الأستاذ حسين هويدي إلى أن ترامب أحدث شرخا في قيم الديمقراطية الامريكية بسبب خطابه العنصري، وارتفاع مستوى الجريمة والانقسام الحاصل في الشعب الأمريكي متسائلا حول مدى تأثير القضايا الخارجية على الانتخابات الأمريكية. وطرح الإعلامي الأستاذ ميرزا الخويلدي رأيه حول دور المؤسسات السياسية في عملية الانتخابات وضمان استمرار الديمقراطية في أمريكا حيث أنها تشكل مجتمعة منظومة محكمة يمكن أن تواجه أية تصرفات فردية وغير منضبطة، مضيفا أن الاعلام ساهم في ابراز ترامب وسياساته المضطربة وبالتالي أثر في التشكيك في قدراته. وأضاف الأستاذ أمين الصفار بعض أوجه الخلل في التصريحات المتسرعة لترامب وخاصة في التشكيك في نزاهة الانتخابات والتسرع في اطلاق التصريحات حول النتائج المتوقعة، أضافة إلى إشكالات السياسة الخارجية كالتوتر في العلاقة مع دول الاتحاد الأوروبي.
المحاضرة كاملة: