وسط حضور نوعي ضم جمعاً من المثقفين ورجال الدين والشباب، أقام منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء 14 ربيع الأخر 1436هـ الموافق 3 يناير 2015م ضمن برنامجه لموسمه الثقافي الخامس عشر ندوة قيمة مع الدكتور الشريف حاتم بن عارف العوني تحت عنوان “الواقع الديني واتجاهات التمرد فيه”
وقد أدار الندوة الأستاذ محمد الشيوخ، مستعرضاً بعض الأخطاء الصادرة من المؤسسة الدينية، وتداعياتها السلبية على واقع المسلمين في تشويه صورة الإسلام أمام العالم. وعرف المحاضر بأنه حاصل على درجة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية، من جامعة أم القرى بمكة المكرمة، فقد شغل منصب عضو مجلس الشورى لفترتين: من 1426هـ حتى 1434هـ، وهو عضو هيئة التدريس بكلية الدعوة وأصول الدين، بجامعة أم القرى والمشرف العام على اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء وعضو مجمع اللغة العربية في الشبكة الدولية، كما له نتاج علمي يزيد عن أربعين كتاباً وبحثاُ علمياُ منشوراً.
أستهل الدكتور العوني حديثه بتنبيه الحضور بأن ما سيأتي في سياق الندوة من أفكار لا يخص طائفة دون أخرى، بل يعم المسلمين جميعاً. ثم قدم ندوته في ثلاثة محاور أساسية: أولا: لقطات في توصيف الواقع الديني بين ايجابي وسلبي، وبين ما هو ايجابي من جهة وسلبي من الأخرى، ثانياً: التمرد الديني، ثالثاً: التوقعات المستقبلية لواقع التمرد الديني.
وقد فصل في توصيف الواقع الديني بين الايجاب والسلب في ثمانِ نقاط مهمة، وأوضحها تباعاَ كالتالي: أن أصول الدين من العقائد ومصادر التشريع وأصول الفرائض والأحكام محفوظة، والتراث الإسلامي الاجتهادي المتمثل في العلوم الإسلامية الشرعية واللغوية والتاريخية وكذلك الآداب والفنون تصب في خدمة الدين، وفرّق بين ناتج هذه العلوم الاجتهادية اليقينية والظنية الترجيحية، حيث منها الصحيح والسامي وكذلك الهابط القبيح. وكذلك تراكم الاختلاف بعضه فوق بعض وتزايد بمشاركة الكثير من العاملين في الحقل الديني، وهو ماراكم الجهل البشري. وقد تطرق إلى قضية التراث الاجتهادي وما ورثه من صراعات عقائدية وفكرية هائلة، والتدخل الجائر للسلطات الحاكمة في تلك الصراعات، وكذلك تحدث بوضوح عن ضمور العقل الإسلامي في العصور المتأخرة، حيث أن المرحلة تأرجحت بين غياب العقل وحضوره حضوراً ضعيفاً وفوضوياَ. وقد عرّج بحدثه حول الصدمة الحضارية منذ عصر الاستعمار وأثرها على العالم الإسلامي، وكذلك استغلال الغرب لواقع الصراع الديني الإسلامي في تمزيق وتفريق الجماعات والطوائف الإسلامية.
ثم استعرض الدكتور التمرد الديني، والذي عرفه بآنه رفض قاطع معلن لأمر ديني سائد تصعب مخالفته، وقسمه إلى نوعين: محمود ومذموم، مستعرضاً كليهما تعريفه وأشكاله. وقدم أسباب التمرد المذموم بأنها: الواقع الإسلامي المأزوم والضعيف والمهدد، الضعف العلمي لدى غالب المتصدرين للعلوم الشرعية، العجز والضعف في الحوار العقلاني لدى كثير من العلماء من أجل الإقناع، مظاهر الغلو والتطرف والتشدد الذي يقدم بأسم الدين وهو براء منه، ممارسة الكهنوت بأسم الدين، عدم القدرة على التعايش بين الطوائف الإسلامية، وضعف الوعي ونقص الثقافة لدى عامة المتمردين، وكذلك تأثير عداوة أعداء الإسلام وخططهم المسوسة في نشر الشبه والشكوك لضمان استمرارية الصراع.
وعن رؤيته المستقبلية لواقع التمرد الديني، فرأى الدكتور العوني أن المستقبل القريب لا يبشر بخير مع كل محاولات السعي للإصلاح، لكن الأمل بالله أقوى. وشدد على أن محاسبة الإنسان لن تكون على النتائج بل على البذل والعمل من أجل نصرة الحق والعدل.