منتدى الثلاثاء يستعرض الدور الثقافي لمكتبة الاسكندرية

829

ضمن برنامج ندواته الثقافية للموسم الحادي والعشرين، نظم منتدى الثلاثاء الثقافي ندوة “مكتبة الإسكندرية والدور الثقافي” مساء الثلاثاء 11 رجب 1442هـ الموافق 23 فبراير 2021م وأدارها الأستاذ عيسى العيد، وتحدث فيها الدكتور سامح فوزي كبير الباحثين ومدير مشروع إحياء الذاكرة والحوار المعاصر بمكتبة الإسكندرية، بمشاركة مجموعة من المتابعين والمهتمين بالشأن الثقافي.

وتحدث مدير الندوة في البداية عن أهمية ودور مكتبة الإسكندرية في المشهد الثقافي عربيا وعالميا، مستعرضا جانبا من تاريخ تأسيسها ودورها على مر القرون سواء في مرحلتها القديمة او في الوقت المعاصر. وعرف بضيف الندوة الدكتور سامح فوزي الحاصل على الدكتوراة في الإدارة العامة، ودرجة الماجستير في التنمية السياسية من جامعة ساسكس ببريطانيا، وهو مدير مشروع إحياء الذاكرة والحوار المعاصر ورئيس تحرير مجلة ذاكرة مصر المعاصرة، كما أنه كاتب في عدد من الصحف، وروائي صدرت له روايتان، وله العديد من الكتب والمقالات المنشورة باللغتين العربية والإنجليزية في مجالات المواطنة والتنمية والديمقراطية ورأس المال الاجتماعي.

بدأ المحاضر حديثه بالتنويه والإشادة بالتعاون القائم بين مثقفي المملكة العربية السعودية وبعض مراكزها البحثية وبين مكتبة الإسكندرية، شاكرا منتدى الثلاثاء الثقافي على إتاحة هذه الفرصة للحديث من خلال برامجه عن دور المكتبة وبرامجها، ومنوها باهتمام إدارة المكتبة للتفاعل مع هذه المناشط الثقافية الأهلية في مختلف الدول العربية. وتحدث في البداية عن مدينة الإسكندرية باعتبارها امتدادا للحضارة اليونانية واعتبار المكتبة أحد منتجاتها، مشيرا إلى الخلافات التاريخية حول نشأة وتأسيس المكتبة التي كانت مكانا للإبداع والفنون والحوار الفلسفي منذ عهد بطليموس الأول، وتعرضت للحريق عام 47 قبل الميلاد. وأشار إلى أن الإسكندرية تعتبر المكان الأول الذي بدأت فيه الدعوة المسيحية وعاشت فيها مختلف الثقافات والأديان في جو م التنوع والتعددية.

وأضاف أن المكتبة الحديثة بدأت عام 2002م بدعوة من عدد من الشخصيات الثقافية والاجتماعية، وهي ليست مكتبة تقليدية وإنما نموذج للمكتبة العصرية التي تقدم مختلف العلوم والمعارف عبر محاكاة المكتبات العصرية التي تهتم بالبحث الأكاديمي والإبداع الفني. وقال إن المكتبة اهتمت بالرقمنة والتواصل الالكتروني منذ نشأتها، وأن جميع المعاملات داخل المكتبة تتم الكترونيا ولديها نظام الكتروني متكامل للتوثيق ولفهرسة والارشفة، وعرض جولات افتراضية لداخل المكتبة وخارجها أيضا، والعديد من المشروعات الرقمية، مضيفا أن في المكتبة حوالي 200 ألف كتاب متاح للمطالعة والاستعارة إضافة إلى الرسائل الجامعية التي يمكن الاطلاع عليها أيضا، موضحا أن المكتبة تنظم العديد من الفعاليات الثقافية والفنية والدورات التأهيلية في مجالات متعددة.

وأشار المحاضر إلى أن المكتبة عملت على التعاون مع مؤسسات ومراكز ثقافية عربية ودولية، وتنظم معارض موسمية ودائمة، وتوجد فيها مكتبة للطفل ومكتبة أخرى للنشأ، ولذوي الاحتياجات الخاصة وخاصة فاقدي البصر، وقسم للصوتيات والسمعيات، وحصلت المكتبة على جميع كتب ووثائق محمد حسنين هيكل ومكتبات أهم المشاهير في مصر. وأوضح أن قطاع التواصل الثقافي يضم المتاحف والمعارض والفنون وينظم مهرجان الصيف للموسيقى والفنون، وللمكتبة بيت أثري تابع لها في القاهرة وقصر المنيف في أسوان، ومركز توثيق التراث الحضاري في القرية الذكية.

وبين الدكتور سامح فوزي أن المكتبة أنشأت “سفارات المعرفة” في مختلف الجامعات المصرية لتوفير جميع خدمات المكتبة لطلبة الجامعات دون الحاجة لتحمل مشقة السفر للمكتبة ذاتها، كما أن لديها مركزا لحفظ وترميم المخطوطات يقوم عليه فريق مدرب ويقدم خدماته لمختلف الجهات داخل مصر وخارجها، مضيفا أن المكتبة أنشأت عدة مراكز بحثية متقدمة من بينها: مركز أبحاث التنمية المستدامة، ومركز أبحاث الدراسات الإسلامية، ومركز الدراسات القبطية، ومركز الدراسات اليونانية العليا، ومركز الأنشطة الفرانكفونية.

وحول موضوع النشر، أوضح المحاضر أن المكتبة أسست إدارة للنشر وفق المعايير العالمية المتعارف عليها، وأصدرت سلسلة عن مشايخ الأزهر وعن شخصيات الكنيسة القبطية، وتصدر مجلة “ذاكرة مصر” لتوثيق التاريخ المصري، ومجلة “ذاكرة العرب”. وأوضح أن المكتبة عملت على مشروع إعادة نشر كتب التراث الإسلامي التي تتعلق بالبناء الفكري والفكر الديني بمراجعة باحثين متخصصين في هذه المواضيع، وأعادت نشر حوالي 70 كتابا ضمن هذه السلسلة من أمهات الفكر الإسلامي المعاصر لكتاب ومؤلفين وشخصيات إسلامية من مختلف الدول والخلفيات الفكرية والدينية والمذهبية، وتم تشكيل لجنة علمية متخصصة من مثقفين وباحثين عرب لاختيار هذه المؤلفات وكتابة مقدمات جديدة لها. وخلص للقول أن المكتبة لديها العديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية والبحثية، مشيرا إلى مشروع القبة السماوية التي تعنى بعرض المنجزات العلمية بطريقة إبداعية متطورة.

وأشار إلى أن المكتبة تعمل على تفعيل موضوع الحوار وربطه بقضايا ومواضيع معاصرة ومرتبطة بالواقع الاجتماعي وفي اتجاهات متعددة، فقد نظمت مؤتمرات حول مواجهة التطرف والإرهاب، والقضايا التنموية على مستوى العالم، والسياسات العامة وتطوير المجتمعات، وأن هناك إعداد لمنتدى السياسات العامة الذي سيفتتح قريبا، موضحا أن المكتبة مؤسسة عالمية على التراب المصري وهي ترعى التنوع والإبداع وحرية الفكر والاسهام في الثقافة العالمية. وأكد الدكتور فوزي على أن المكتبة مهتمة بالتواصل الثقافي عربيا ودوليا، فلديها العديد من الاتفاقيات مع مختلف المؤسسات وتعمل على تبادل الخبرات والاصدارات والتعاون مع العديد من الجهات العربية والدولية، وأنها تهتم بتبادل الخبرات مع هذه الجهات بحثيا وعمليا حيث قدمت المكتبة دعما لبعض المكتبات التي تضررت في العراق بعد العمليات الإرهابية هناك.

وحول مجال الترجمة، أكد المحاضر على أن المكتبة أعطت اهتماما بالغا بأعمال الترجمة إلى اللغة العربية عبر برنامج متخصص بالحضارات الإنسانية المختلفة. وأضاف أن الاستثمار الرقمي في المكتبة هيأ لها القدرة للتعامل مع الرقمنة بفاعلية كبيرة وخاصة في ظل تفشي جائحة كورونا وذلك من خلال التواصل مع المستفيدين والمتابعين وتنظيم ندوات افتراضية بمشاركة خبراء دوليين، واستمرار إقامة الدورات التعليمية والتدريبية المتعددة. وأنهى الدكتور سامح فوزي حديثه بالقول بعد مرور عشرين عاما، هناك اتجاه لعمل تحديث شامل للبنية الأساسية في المكتبة لمواصلة التطوير فيها ومواكبة المستجدات التقنية وأدوات الاتصال، والتواصل الفعال مع مختلف المستفيدين من خدمات المكتبة.

وفي بداية المداخلات شكر الأستاذ جعفر الشايب المشرف على المنتدى مشاركة الأستاذ فوزي وتعاون المكتبة مع المثقفين والمراكز البحثية في السعودية متسائلا عن تأثير تباعد القراء التقليديين عن زيارة المكتبات والحضور فيها والاكتفاء بالقراءة عن بعد الكترونيا وانعكاس ذلك على زوار المكتبة والمستفيدين من خدماتها، كما طرح أهمية موضوع التعاون الثقافي مع المكتبات والمراكز البحثية في العالم العربي وضرورته في تبادل الخبرات والتجارب وتطوير المراكز المختلفة.

وتساءل الأستاذ أحمد الخميس عن الدور المعرفي الذي تلعبه المكتبة عربيا، وتركيز اهتمامها على الخصوصية الثقافية المصرية وصيانة الذاكرة المصرية، مطالبا بالمزيد من الانفتاح والتواصل والتغطية لقضايا الهوية العربية بشكل عام. وطرح بعض المشاركين أسئلة تتعلق بتنوع الأنشطة الثقافية والفنية الترفيهية التي تنظمها المكتبة وسبل جذب الجمهور للدائرة الثقافية والاهتمام بالشباب مما يعطي تنوعا في الجمهور المتفاعل مع أنشطة المكتبة.

 

التغطية الإعلامية

 

لمشاهدة المحاضرة الكاملة:

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد