أكد استاذ النفد والنظرية بجامعة الملك سعود الدكتور عبد الله الغذامي أن التشدد الديني يقود إلى انتشار حالة الإلحاد بسبب الشدة المفرطة، وأن النقاشات والكتابات حول الإلحاد تراجعت في السعودية منذ عام 2017م عندما سادت حالة الاعتدال والتوازن وخفت حالة التشدد في المجتمع.
جاء ذلك ضمن الندوة الحوارية مع الغذامي التي نظمها منتدى الثلاثاء الثقافي مساء أمس الثلاثاء وسط مشاركة واسعة وثرية من مثقفين وأكاديميين من مختلف الدول العربية، وأدارها الإعلامي عبد العزيز العيد مدير القناة الثقافية سابقا، واستمرت المناقشات في الندوة لأكثر من ساعتين متواصلتين.
وقال الغذامي عن كتابه محل النقاش، أنه يتنبع سبعة نماذج من العقول الكبار – مؤمنين وملحدين – ناقشوا بعضهم في قضايا فلسفية حول الخلق ومعنى الوجود والمصير بعد الموت. ويكشف الكتاب حال الحجج بين الفريقين.
وأوضح أن الفريق المؤمن يطرح براهين على إيمانه بوجود الخالق، بينما الطرف الملحد لا يطرح حججا تنفي وجود الخالق ويجنح من الإلحاد إلى اللاأدري.
وأوضح المحاضر أن الإيمان والإلحاد هما تعبير عن الإرادة الحرة التي يمتلكها الإنسان وأنها تستوجب أن يكون الفرد مسئولاً عن أعماله ويحتكم للقانون، مؤكدا على أنه لا يصح اتهام أحدٍ بالإلحاد إذا لم يعلن ذلك بنفسه لأن ذلك يعد بهتاناً.
وحول نظرية التطور، قال الغذامي أنها لا تزال نظرية ولم تصل لأن تكون قاعدةً أو قانوناً على الرغم من مرور 200 سنة عليها، وهي نظريةٌ لا تتناول الخالق بل الخليقة، واعترف داروين بعجزه واطلق عليها ”اللغز العلمي“.
وأضاف أنه لا يوجد هناك تناقض بين الدين والعلم، وينبغي العمل على المصالحة بين المتدينبن والعلماء، موضحاً أن أهم عنصر في الفلسفة هو عدم تسليم العقل للآخرين، وضرورة طرح الأسئلة للبحث عن أجوبةٍ جديدة، وقد لا يكون تعليم الفلسفة في المدارس نافعاً إذا كانت طريقة التعليم تلقينية.
ورداً على سؤال حول علاقة العنف بالدين، رد الدكتور عبد الله الغذامي أن العنف البشري قد يأتي من كل الأطراف سواء من المتدينين أو من غيرهم وسببه إرادة التدمير لدى البشر، وأن العلمانية لا تعني الكفر بالدين بل عزل الدين عن الفضاء السياسي العام.
وقال أن المستشرقين لديهم موقف استعلائي ضد العقل الشرقي بوصفه عاطفياً، وهي نظرية خطيرة لأنها لا تعلن عن عنصريتها، وتسللت هذه النظرية عند بعض العرب في تفريقهم بين العقل الآري والعقل السامي.
وختم حديثه بالتأكيد على أن تجديد الخطاب الديني أمر حتمي وضروري، وسيحدث هذا التجديد وعلينا أن نكون مساهمين في ذلك، مؤكداً على أن الدين علاقةٌ بين الإنسان وربه، وأي تدخل من أي طرف في هذه العلاقة يسبب في برمجتها حسب هواه.