الأستاذ حسين شبكشي
مع الانفتاح الثقافي المميز، الذي تشهده بلادنا هذه الفترة في المجالات الثقافية المختلفة بشكل مبهر ويدعو للبهجة والتفاؤل، بعد سنوات من العزلة الظلامية بسبب الغلو والتشدد بكافة أشكالهما، نستذكر المبادرات الأهلية في المجال الثقافي، التي كانت على شكل صوالين أدبية منتظمة تقدم فيها جرعات ثقافية وفكرية. وفي هذه الأيام يحتفل منتدى الثلاثاء الثقافي في المنطقة الشرقية من بلادنا الحبيية، بمناسبة مرور عشرين عاماً على تأسيسه، قدم فيها عدد مهم من الندوات والمحاضرات والكتب لمحاضرين من مناطق المملكة المختلفة في مواضيع منوعة ومفيدة تعكس ثراء التنوع الفكري والثقافي الموجود في السعودية. وكرس المنتدى خلالها قيماً مهمة مثل الانتماء الوطني، والتعايش، والتسامح، وأدب الحوار، وقبول الآخر والانفتاح على الأفكاربشكل عام. وبينما اندثرت بعض المجالس الأدبية الأهلية بسبب وفاة مؤسسيها أو ظروفهم الصحية والمالية، اعتمد منتدى الثلاثاء الثقافي على الفكر المؤسسي والمعتمد على العمل الممنهج، الذي ضمن له الاستمرارية بغض النظر عن ظروف مؤسسه. وانعكس العمل الممنهج المدروس على تطور ملحوظ في المضمون المقدم وفي نوعية الضيوف المدعوين، وحصل تطور ملحوظ ومؤثر وفعّال لانتشار مواد المنتدى المقدمة بسبب حسن استخدام واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة على المنصات المختلفة لها. وأثبت المنتدى مع الوقت أنه ذو جدوى اقتصادية جادة ومحترمة، لكل من كان يشكك أو يقلل من فرص وأهمية وإمكانية الاستثمار في مجالات الثقافة. منتدى الثلاثاء الثقافي، الذي بدأ بمبادرة فردية وشخصية من قبل الاستاذ جعفر الشايب، أصبح اليوم مؤسسة ثقافية ناجحة ومميزة، تواكب تماماً الحراك الثقافي الاستثنائي الذي تشهده السعودية. ويبقى الأمل قائماً أن يفتح نجاح منتدى الثلاثاء الثقافي شهية آخرين لتقليد هذه التجربة المهمة لاظهار وبشكل مؤسسي عناصر الثراء الثقافي المتنوع.