منتدى الثلاثاء والتميز الحقوقي

285

 

الدكتور ابراهيم بن عبد الرحمن المديميغ

دعيت من قبل منتدى الثلاثاء الثقافي في مطلع عام 2014م لإلقاء محاضرة بعنوان ”قراءة قانونية في نظام مكافحة الإرهاب وتمويله“ الذي كان قد صدر للتو بأمر ملكي كريم، وقد سعدت بتلبية الدعوة واجتهدت في رصد بعض القراءات القانونية على مواد النظام. كانت هذه التجربة الأولى لي للمشاركة في المنتدى الذي كنت متابعا له وأسمع عنه كثيرا، وقد لفت نظري وعي جمهور الحضور وتفاعلهم مع موضوع الحديث بصورة واضحة، مما نتج عنه حوارا ثريا وجادا ونقاشا متبادلا وبناء.

ولطالما تمنيت تكرار الحضور والمشاركة، لولا أن مشاغل الحياة وظروفي الصحية وبعد المسافة مثلت عائقا دون أن أسعد بتكرار الزيارة للمنتدى، ولقاء الإخوة هناك. ودون أن أبالغ، فمن متابعتي وما يردني عن نشاط المنتدى، أستطيع القول إنه يمثل معلما ثقافيا بارزا في ذلك الجزء الجميل من مملكتنا الغالية، بما أفاء الله عليه من حسن التنظيم والوعي والحماس لدى القائمين عليه. فعبر مسيرة العشرين عاما، شارك فيه مئات المحاضرين الذين تناولوا مختلف المواضيع الفكرية والعلمية والاجتماعية والصحية والفنية.

وحسبه إنجازًا، أنه رغم تواضع إمكانياته، قد أقام حتى نهاية موسمه العشرين هذا العام 457 ندوة شارك فيها 763 محاضرا، كما نظم 131 معرضا فنيا، وقام بتكريم 174 شخصية ومبادرة، وعرض 99 فيلما قصيرا وتم توقيع 33 كتابا. وفوق ذلك وأهم، فقد كان للمنتدى باعا طويلا في تعزيز وترسيخ ثقافة الحوار والتسامح وبناء الجسور بين مختلف أطياف المجتمع، ولا عجب أن نال المنتدى في منتصف مسيرته عام 2010م جائزة تكريم وزير الثقافة والإعلام.

ويحسب للمنتدى أيضا اهتمامه البارز بالثقافة الحقوقية والعمل على توعية المجتمع بها، بحيث كان أحد مصادر التوجيه في هذا المجال، فقد عمل متعاونا مع هيئة حقوق الانسان والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في تنظيم ندوات مشتركة، كما انتظم في إقامة احتفالات في المناسبات الحقوقية العالمية كاليوم العالمي للمرأة واليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي كان يوجه في كل عام حول قضية حقوقية معينة كحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة وغيرها.

ما شاهدته أن المنتدى يتلمس مناطق الفراغ الثقافي لدى أبناء المجتمع ويسعى لأن يشارك في ملئها بوعي من خلال برامجه المتنوعة، ففي جانب التوعية بحقوق الإنسان – وهو موضوع جديد في مجتمعنا – كانت اسهامات المنتدى ولا تزال كبيرة وإبداعية في جانب طريقة المعالجات وتناول المواضيع بما يتناسب مع مستوى المتلقين، والإجابة على استفساراتهم في جو ودي وبصورة ثرية.

فالمنتدى بادر – دون سواه – بتقدير العاملين في المجال الحقوقي، فهو يقوم بتكريم شخصية حقوقية وطنية سنويا في احتفاله باليوم العالمي لحقوق الإنسان، سواء كان في قضايا المرأة أو حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة أو حقوق الطفل، أو ممن يساهمون كتابيا وإعلاميا في التعريف والتوعية بالقضايا والمعارف الحقوقية. وهذا عمل استثنائي تمنيت لو أن مؤسساتنا الحقوقية القائمة عملت به كي تكرم الذين يبذلون جهودا إنسانية في هذا المجال، ومن أجل تشجيع الشباب من أبناء وطننا لأن ينخرطوا في النشاط الإنساني العام الذي يساهم في رفع مستوى المجتمع.

كثيرة هي المنتديات الثقافية الأهلية التي كان لها إسهامات إيجابية في الفضاء الثقافي في مختلف مدن المملكة ونشر الفكر والمعرفة، إلا أن المتمعن في تفاصيل أنشطة وبرامج هذا المنتدى يخرج بانطباع أن سماته وتنوع أنشطته تجعل منه أنموذجا يستحق أن يحتذى به وخاصة في المدن الصغيرة من الوطن العزيز.

تحية لهذا المنتدى المتميز والقائمين عليه ونرجو له المزيد من البقاء والتطوير.

رابط الخبر اضغط هنا

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد