ألقى الدكتور محمد مهدي الخنيزي عضو مجلس هيئة حقوق الإنسان مساء الثلاثاء 20/نوفمبر/2007م، الموافق 10/ ذي القعدة/ 1428هـ، محاضرة في منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف بعنوان «حقوق الإنسان والمناهج التربوية»، حضرها العديد من المعلمين والمسئولين والمشرفين التربويين وجمع من الحضور.
وقد أدار الندوة الأستاذ التربوي فيصل العجيان الذي افتتحها بتعريف بالمحاضر، الحاصل على درجة الدكتوراة في الادارة التعليمية، والذي تنقل في عدة مواقع بوزارة التربية والتعليم كان آخرها مديرا عاما لادارة التخطيط بالوزارة ومديرا لمركز البحوث بكلية المعلمين بالرياض التي درس فيها الادارة التعليمية لعدة سنوات. وعين عضوا في مجلس هيئة حقوق الانسان عندما تم تاسيسها مؤخرا.
وتحدث مدير الندوة عن اهمية تطوير المناهج التربوية لصفته مطلبا تتطلع اليه النخب الاجتماعية واصحاب القرار باعتباره المرتكز الأول لعملية الإصلاح والمنطلق الاساس لها، مشيرا الى ان تنمية الوعي بحقوق الإنسان، يمكن ان ينعكس إيجابا في عملية التعايش الاجتماعي الفعال. واوضح ان هنالك يعض الدراسات التي تشير الى عرقلة محتوى المقررات الدراسية للتفاعل الايجابي بين الفئات الاجتماعية المختلفة، عبر تفضيلها لفئة دون أخرى، بدلا من إشاعة روح الاندماج وتنمية ثقافة حقوق الإنسان. بدأ الدكتور الخنيزي محاضرته بالحديث عن حداثة لفظة «حقوق الإنسان» في قاموس اللغة المحلية، رغم قدم اهتمام الإنسان بحقوقه منذ القدم مدللا على ذلك باستعراض سريع لآثار الحضارات السابقة، كالحضارة البابلية والآشورية واليونانية والرومانية متطرقا لقوانين حمورابي التي وضعها في هذا المجال ومارا بالحضارة الإسلامية وما وضعت من أسس وقوانين فاقت السابقة.
بعد ذلك تحدث المحاضر عن أول الدساتير والقوانين الحديثة المكتوبة في مجال حقوق الانسان وهي إعلان الاستقلال الأمريكي عن التاج البريطاني عام 1779م، والذي تضمن فكرة سواسية الناس على اختلاف خلقهم واشتراكهم في حقوق إنسانية واحدة، ليتلوه بعد عشر سنوات الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان الذي شمل جزأين، أحدهما خاص بالإنسان وحقوقه الخاصة والعامة، والآخر يختص بالحكم والمبادئ التي يقوم عليها وهي سيادة الأمة. ثم أتبع هذين الإعلانين الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م ملزما جميع الدول التي وقعت عليه بتطبيق ما جاء فيه من مواد بلغت الثلاثين.
وفي عام 1966م – كما أشار المحاضر- صدرت العهود الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها في مختلف دول أوروبا، حيث تركز جميعها على مجمل جوانب حقوق الانسان وخاصة حقوق المرأة والطفل والاقليات العرقية والدينية. ووقعت المملكة على أغلبها واعترضت على ما رأته مخالفا لأحكام الشريعة الإسلامية، كما وقعت بين عامي 1416 – 1421هـ على اتفاقيات دولية متعلقة بحقوق الإنسان كمناهضة التعذيب والقضاء على جميع أنواع التمييز العنصري، وعدم التمييز ضد المرأة، ومنع عمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب، وكان ذلك بعد صدور مراسيم ملكية.
كما تحدث الدكتور محمد الخنيزي عن انشاء الجمعيات الحقوقية في السعودية، واشاار الى ان إنشاء الجمعية الوطنية لحقوق الانسان جاء بناء على صدور الموافقة السامية على ذلك، فقام على أمرها مجموعة من أعضاء مجلس الشورى بدعم حكومي في البداية، وأصدرت أول تقرير لها نشر داخل المملكة بينت فيه الجمعية تجاوز بعض أجهزة الدولة بإنصاف. وعن إنشاء هيئة لحقوق الإنسان مرتبطة بمجلس الوزراء، تهدف لحماية حقوق الإنسان وتعزيزها، ذكر المحاضر أن مرسومها صدر في العام 1426هـ ليصدر بعده بأقل من عام مرسوم ملكي آخر لتكوين مجلس الهيئة والمكون من 24 عضوا من مختلف مناطق المملكة أوكلت لهم مهمة مراقبة التزام الجهات الحكومية بأنظمة الدولة، والكشف عن التجاوزات المخالفة، وتلقي شكاوى المواطنين؛ ذاكرا أن عدد الشكاوي المستلمة بلغ منذ بدء نشاطها حوالي 4000 شكوى عولج أغلبها.
كما تحدث الخنيزي عن المؤتمرات والندوات المحلية والدولية التي شاركت فيها الهيئات الحقوقية السعودية للاطلاع ومعرفة ما تقوم به الجمعيات والمؤسسات الشبيهة في الدول الاخرى من جهود وطرق وأساليب لنشر ثقافة حقوق الإنسان واختيار المناسب منها. ولخص القيم والمبادئ التي تستند عليها الهيئة لنشر ثقافة حقوق الإنسان في ثلاث نقاط وهي، العالمية والكونية، الشمولية والتكاملية، المساواة وعدم التمييز.
انتقل المحاضر بعد ذلك الى الحديث عن خطط هيئة حقوق الانسان المستقبلية والتي من بينها تضمين ثقافة ومبادئ حقوق الإنسان في الكتب الدراسية، وأشار أيضا إلى صدور تعميم من وزارة التعليم العالي بإضافة مادة مستقلة حول حقوق الإنسان في الجامعات.
وتحدث المحاضر بصورة مفصلة عن امكانية العمل بتطوير المناهج التربوية بما يتناسب مع هذه المبادئ الحقوقية استنادا على التراث الثقافي الغزير الذي يتماشى مع هذه المبادئ بدون تناقضات، مستشهدا ببعض المفاهيم الاسلامية التي يمكن من خلالها تمرير الميادئ الحقوقية دون ان تتعارض مع الثوابت الدينية. كما تطرق المحاضر أيضا إلى طرق دمج ثقافة حقوق الإنسان بالمناهج الدراسية، وان هناك دراسة أجريت في المملكة تقول بان المناهج والكتب الدراسية مليئة بالمعلومات التي لها علاقة بحقوق الإنسان لكنها تحتاج إلى إعادة صياغة بما يتناسب والمستجدات الحديثة في ضوء التغيرات الدولية المعاصرة، حيث اورد بعض الأمثلة من هذه المعلومات.
جاءت مداخلات الحضور صريحة وحادة بعض الشيئ وبالخصوص فيما يتعلق بدور هيئة حقوق الانسان تجاه القضايا التي ترفع اليها والسبل التي تتبعها للمعالجة مثل قضايا الاعتداءات والتمييز في الوظيفة التربوية. كما عبر بعض الحضور عن ضرورة تكاملية العمل الحقوقي على مختلف المسارات وليس الجانب التربوي فقط حيث انه يشمل ايضا البعد الثقافي والسياسي، وساق بعض المتداخلين امثلة حية على بعض الانتهاكات التي تمارس في المدارس والمراكز التربوية والتي تحتاج الى معالجات جادة وعاجلة.
واشار راعي المنتدى الاستاذ جعفر الشايب الى اهمية الاستقلالية في العمل الحقوقي بالنسبة للمؤسسات القائمة حتى تتمكن من ممارسة دورها بمسئولية، والى ضرورة التخصص في مجال حقوقي معين من اجل التمكن من معالجة الثغرات القائمة. على كل هذه الملاحظات والمداخلات، جاءت ردود الدكتور محمد الخنيزي معرفة بدور هيئة حقوق الانسان ومشخصة لواقع حقوق الانسان في المملكة ومؤكدا على ضرورة التفاعل مع المبادرات القائمة وتفعيلها من اجل الوصول الى مساحة اوسع من العمل الحقوقي الناضج.
المحاضرة الكاملة: