قال الرئيس السابق لشركة أرامكو السعودية عبد الله بن صالح بن جمعة ان الشركة مرت ابان حرب الخليج الأولى بظروف غير متوقعة، مما فرض التعامل معها بصورة استثنائية.
وأضاف، ان موظفي الشركة واسرهم اصيبوا بالهلع والخوف وقت الحرب، وذلك في وقت كان على الشركة العمل في تعويض النقص في سوق البترول العالمي بزيادة الإنتاج.
وأوضح مساء امس خلال محاضرة بعنوان ”تحديات القيادة في المؤسسات الكبرى“ بمنتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف، ان إدارة الشركة نجحت تقنيا في إدارة الأزمة بصورة باهرة، مشيدا بدور الأستاذ علي النعيمي حينها.
وأضاف، أن إدارة الشركة اكتشفت أن الموظفين كانوا قادرين على تشغيل كل المعامل بصورة جيدة، بيد ان الشركة اكتشفت في الوقت نفسه أن الإدارة لم تتمكن من التعامل مع حالة الخوف والهلع لدى موظفي الشركة بصورة فعالة.
وأعتبر ذلك درسا مهما في ضرورة استخدام ما أطلق عليه ”المهارات الناعمة“ وهي التعامل مع البشر والوصول إليهم لاستيعاب اهتمام وظروف وأهداف الإدارة وهي من أصعب المهام في المؤسسات الكبرى.
وتطرق لاساليب ”المهارات الناعمة“ مستشهدا بالعديد من الأمثلة الواقعية والمحلية، منها قدرة القيادة على صناعة فريق متوافق واعطائه ثقة في قدراته وخاصة في البيئات المتعددة الثقافات والتفاعل بينها، وأهمية التواضع لدى القائد والاستماع لمنسوبي المؤسسة والفريق العامل معه لتشكيل رأي مشترك حيث أن مهارة الاستماع هي من أهم المهارات المطلوبة.
وأشار إلى أهمية إبداء الاهتمام بكل موظف باعتباره عنصرا مهما في منظومة العمل وإشعاره بدوره في إنجاح المؤسسة، وكذلك أهمية إعطاء الحرية للموظف في ابداء الرأي، فهناك ثراء في الآراء والأفكار عندما تتاح الفرصة للتعبير عنها.
وأستشهد بمشروع حملة الابتكار الذي أطلق في شركة أرامكو عام 2002م ونتج عنه حوالي 10 آلاف فكرة جديدة كل عام في مختلف المجالات والكثير منها تم تطبيقه او حصلت على براءات اختراع او تحولت الى مشاريع تجارية، وأعرب عن تطلعه حينها لأن يكون الشخص الذي يخرج المارد من القمقم.
وواصل عبد الله جمعة حديثه حول ”المهارات الناعمة“ ليضيف أسلوب الاستمرارية وعدم الاسترخاء.
وأوضح أن الاطمئنان يقود الى وقوع كوراث وهو ينطبق على كل شيء بما في ذلك مباريات كرة القدم حيث ينبغي ان تكون هناك يقظة وانتباه طول الوقت مهما كانت الظروف مؤاتيه.
وشدد على ضرورة التعلم من الأخطاء وتحويلها الى دروس في النجاح مستشهدا بالعديد من الأمثلة التي وقعت في شركة أرامكو كحالة الانشغال عن المشاريع القائمة بمشاريع جديدة.
وبين أن القرارات الجيدة هي نتيجة قرارات سيئة اتخذت سابقا.
وأوضح أن من أهم أساليب ”المهارات الناعمة“ استشراف وقراءة المستقبل فالقيادة ينبغي ان تدرك وتستوعب المتغيرات وأن تكون لديها القدرة على فهم الظروف المستقبلية واستيعابها مستشهدا بالتوجه مبكرا لدى الشركة للانفتاح والعمل في الصين وشرق اسيا منذ فترة طويلة.
ودعا الى أهمية الاستفادة من الوقت في القراءة والاطلاع والمشاركة في مجالس إدارات المؤسسات الخيرية والتي تقوم بخدمة المجتمع، مؤكدا على أهمية التوازن بين المهارات الناعمة والصلبة.
وحول بيروقراطية الأجهزة الحكومية، أوضح أن هناك بيروقراطية ولكنها أفضل بكثير من العديد من الدول التي زارها.
وأكد وجود لمشاركة المرأة في عمل شركة أرامكو، لافتا الى ان دورها كان مميزا وأنها أكثر إنتاجية في الدراسة والعمل مطالبا إلى ضرورة نقل هذه التجربة للمؤسسات والشركات الأخرى وأن قرار ادخال العنصر النسائي كان نابعا من داخل الشركة نفسها.
وبشأن الوضع الاقتصادي الحالي، اوضح بانه عايش تفاوتا في أسعار النفط وقت إدارته لأرامكو من 10 – 160 دولار للبرميل موضحا أن الدورة الاقتصادية تأخذ مجراها الطبيعي وأن الوضع الاقتصادي الحالي ليس بذلك السوء كما في دول أخرى.