من نافذة شبابية، أطل منتدى الثلاثاء الثقافي هذا الأسبوع في ندوته العشرين على مستجدات الواقع الشبابي وآفاقه، في ندوة حوارية تحت عنوان “الشباب بين تحديات الواقع وآفاق المستقبل” ضمت فريقاً شبابياً واعداً، مكوناً من حسن آل اسماعيل، كوثر أبو زيد، جنان العبد الجبار، علي أبو نصار، بإدارة طبيب الامتياز علي سليس، وذلك مساء الثلاثاء 22 جمادى الأول 1440هـ الموافق 29 يناير 2019م وسط حضور ثقافي وشبابي كبير من الجنسين.
وقد شاهد الحضور فيلماً تثقيفياً قصيراً حول “العنف والشباب” وذلك ضمن الفعاليات التي تسبق الندوة والتي شملت أيضاً التعريف ببرنامج “أمنية” التعليمي المهتم بدعم الطلبة المستفيدين من لجنة كافل اليتيم التابع لخيرية القطيف، حيث تحدث الدكتور وسام السنان عن فكرة البرنامج الارشادي وإنجازاته في توفير الفرص التدريبية والالتحاق بركب الدراسة الجامعية وما بعدها، وأقامت مجموعة “إبداع بلا حدود” معرضاً تشكيلياً ضم أعمال أحد عشر فناناً وفنانة، مثـّلها الأستاذ علي الصعيليك متحدثاً عن التجربة الفنية الفريدة للمجموعة في تنظيم الفعاليات والمعارض والحفلات بالمنطقة الشرقية، وقد حل الوجيه المهندس علي الملا العضو السابق في مجلس المنطقة الشرقية كضيف شرف في هذه الأمسية، حيث شرف جميع المشاركين بتسليمهم دروع المنتدى التقديرية.
افتتح اللقاء الطبيب علي سليس ممهداً للحوار بالإشارة إلى ما يمثله الشباب من الثروة والقوة الأكثر تأثيراً في مختلف هياكل المجتمع، لاسيما مع بروز وسائل التواصل الاجتماعي، مؤكداً على أهمية اجراء الحوارات الشبابية التي من شأنها أن تعرف المجتمع بالطاقات الكامنة لديهم والآفاق التي يتطلعون إليها وتقرب الفجوة بين أجيال المجتمع.
كان أول المتحدثين في هذا اللقاء الأستاذ حسن أل اسماعيل الحاصل على الماجستير في الجيوفيزيا وماجستير إدارة الأعمال ويعمل بشركة أرامكو جيوفيزيائي، حيث تحدث عن تجربته في عضوية المجلس الاستشاري للقادة الشباب التابع لشركة أرامكو والذي يعنى بالاهتمام بالتطلعات الشبابية وأفكارهم الابداعية بالقول أنها شكلت له انطلاقة مهمة، وأشار إلى أن نسبة موظفي أرامكو من الشباب بلغت 60%، وأن التحدي الكبير أمام بلدنا هو في القدرة على تلبية متطلبات شريحة الشباب التي تشكل نسبة كبيرة من عدد السكان.
وتطرّق الأستاذ علي أبو نصار الطالب بكلية إدارة الأعمال بجامعة البترول، لتجربته عام 2016 بإنشاء قناة على اليوتيوب تهتم بترشيح الكتب والتشجيع على القراءة، وتعاونه في تأسيس نادي الكتاب بمركز “اثراء”. المشاركة الثالثة كانت من الطالبة كوثر أبو زيد التي تحدثت عن تجربتها في قراءة الكتب، وأن التحاقها بمجموعة “حياة ثانية” وجهها نحو هذا المسار بنجاح، مشيرة لتأثرها بسلسلة الكاتبة البريطانية “رولنغ” حول الشخصية الخيالية “هاري بوتر” وكتابات غسان كنفاني، وخوضها مسابقة “اقرأ”، وتحدثت الاعلامية جنان العبد الجبار خريجة إعلام جامعة الشارقة، عن تطلعها لإنهاء الدراسات العليا وتعيينها أستاذة جامعية، كما أشارت إلى انطلاقتها في الاعلام عن طريق الانستغرام.
وتناول الحوار بداية تأثير التطورات التقنية الحديثة على دور الشباب الاجتماعي وخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فأجاب حسن آل اسماعيل أن الحكم قد يكون به صعوبة ولكنه يميل لرأي فلاسفة ما بعد الحداثة بأنها تمثيل لتمثيل الواقع بمعنى أنها لا تشكل الدقة التامة، وعلّق علي أبو نصار بالقول أننا نحتاج لتحديد المعيار الذي يدل على هذا التأثير، فإذا كان عدد المتابعين هو المعيار فتكون النتيجة بنعم، غير أن هناك معايير أخرى كوجود شخصيات تحظى بالمقبولية لدى الرأي العام فيكون تأثيرها عبر التواصل التقني مؤكدا.
انتقل الحوار فيما بعد حول المبارات الشبابية وأسباب تعثرها، فأرجع آل اسماعيل الأمر لأسباب تتعلق بعدم وضوح الرؤية والهدف، مستشهداَ باستطلاع أجري عام 2014م حول مشاركات الشباب التطوعية بأن نسبة كبيرة تقدمت للتطوع كنوع من كسر الروتين والتنفيس، مبيناً أن المبادرات الثقافية والاجتماعية من أصعب المشاريع إدارة، من جانب آخر رأى أبو نصار أن الشباب دائماً في تغير مستمر ومن الصعب قولبتهم ضمن أطر سابقة من عادات اجتماعية أو دينية، داعياً الآباء لعدم القلق على أبنائهم الشباب ومنحهم الفرص للوصول إلى النضج المطلوب. وحول إجابتها على موضوع دعم المبادرات التطوعية أشارت جنان العبد الجبار إلى أن هذه المشاريع تواجه شحاً، ورأت أن عاملي التمويل الشخصي والاصرار على التصريح الرسمي وراء فشل كثير من البرامج التطوعية، وتطرقت لتجربتها السابقة أثناء دراستها بدولة الامارات إلى أن الأنشطة الثقافية كانت كثيرة ومتميزة سابقا، لكن في الفترة الأخيرة بدأت هذه الأنشطة المتنوعة تأخذ طريقها أيضا وبصورة قوية في المملكة.
وردا على تساؤل حول تأثير التحولات القائمة في المملكة كبرامج الابتعاث وقيادة المرأة للسيارة والسماح لعروض السينما وزيادة الأنشطة الترفيهية على دور الشباب، قدّر المتحدث أن تأثيرها الثقافي سيكون تدريجياً ولكنه قوياً بسبب وجود شبكات التواصل التقنية، وأضاف أن هناك تأثير مباشر للابتعاث يتمثل في زيادة الخبرات العلمية والوظيفية، وهناك تأثير غير مباشر يتمثل في تنوع وانفتاح الجانب الثقافي وأنماط الحياة الاجتماعية. وعلّق علي أبو نصار حول الفوارق الثقافية بين المناطق قائلا أن الانفتاح الثقافي شمل كافة مناطق المملكة خلال العقد الأخير، وأن المنطقة الشرقية أقوى ثقافياً كما أن الأندية القرائية اكثر وإن كان العديد منها لا يمثل قيمة ثقافية ولكن تعد حراكاً ثقافياً مشيداً بمنتدى جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. وتطرقت كوثر أبو زيد في إجاباتها إلى ايجابيات قرارت تمكين المرأة من السياقة وكذلك المشاركة في السينما، وأن ما يمكن أن يبرز من سلبيات فهو أمر طبيعي ويمكن معالجتها، مشيرة إلى أن العقبات التي تواجه المشاريع النسائية أكثر صعوبة من الرجال كونها زوجة ومربية في نفس الوقت.
وأعرب المشاركون عن وجهات نظرهم حول موضوع انضمام المبادرات الثقافية الشبابية تحت مظلة مؤسسة رسمية، فقال علي أبو نصار أن ذلك يساهم في ضياع اسم المشروع وجهود كوادره تحت اسم تلك الجهة، مضيفاً أن أي مشروع لا يتمكن من توفير الدعم المادي المناسب سيواجه عقبات كثيرة، وشجع أقرانه الشباب على استثمار وسائل التواصل لتجاوز كثير من عوائق ابراز ابداعاتهم. وحول النشاط الثقافي في المدارس أجابت أبو زيد بأنها فقيرة ثقافياً، فغالباً ما يكون النشاط الثقافي مضيقاً عليه من قبل إدارة المدرسة، والتفاعل يحصل بين الطالبات دون تهيئة أجواء مناسبة إدارياً، وانتقدت العبد الجبار في جانب آخر الطلبة المتقوقعين الذين لا يشاركون في الأنشطة الجامعية وأنديتها، كما أوضحت أن التغيرات الحاصلة على مستوى الوسائل تفتح الباب أمام الطامحين لصنع مبادراتهم وفرصهم في خدمة المجتمع، داعية فئة الشباب إلى التخصص في الأعمال التطوعية.
وفي جانب من مداخلات الحضور، تحدث الأستاذ حيدر عضو جمعية المنتجين بالأحساء عن التغير الايجابي في تسهيل الحصول على تصاريح الأعمال التطوعية، كما عقب الشاعر الأستاذ محمد الجلواح عن تجربة النادي الأدبي بالأحساء في احتضان العديد من النشطة الشبابية لافتاً النظر إلى توفير هيئة الثقافة على موقعها بالإنترنت امكانية عرض المشروع وطلب الدعم المالي له. وشرحت الأستاذة نهى آل فريد راعية ملتقى “حياة ثانية” تجربة الملتقى في الانضمام تحت إحدى الجمعيات وخيبته من عدم الانسجام مع إدارة الجمعية، كما تحدثت عن معاناتهم بعد ذلك في عرقلة عدة مبادرات ثقافية بسبب شرط التصريح، وفي مداخلته دعا الدكتور عبد العزيز الحميدي الجامعات والأنشطة الثقافية إلى الأخذ بفكرة انشاء “استوديو” لإيصال رسالتهم للمجتمع.
وأكد الأستاذ علي الراشد على أهمية التعامل مع المبادرات الشبابية خارج إطار البيروقراطية المعقدة، لافتاً النظر إلى أن يعي الجميع بجدية طبيعة الجيل القادم، وانتقد الأستاذ علوي الخباز حالة اضطرار المبادرات الثقافية لأخذ ما سماه “مظلة تحت مظلة” وذكر أن كل مشروع يجب أن يأخذ شرعيته مباشرة من الوزارة التي يندرج تحتها. وأوضحت الأستاذة بجامعة الملك سعود أميرة المحاسنة بأن البيئة الجامعية اليوم باتت حاضنة ومشجعة للأندية الطلابية المتنوعة، في حين انتقد الطالب حسين محفوظ اغفال الجامعات أنشطة الطلاب خارج الإطار الأكاديمي.
وشجع الأستاذ سعيد الحداد موظف شركة سابك فئة الشباب للاستفادة من تمويل وزارة العمل والتنمية الاجتماعية للمشاريع الشبابية عبر التقديم على موقع الوزارة وطلب اصدار “وثيقة عمل حر”، وانتقد الأستاذ أحمد الحويكم العزف على ثنائية شباب-كبار لأنها تخلق فجوة بين الجيلين وينبغي النظر بتوازن لهذه المعادلة. وانتقد الأستاذ ناصر الساخن الحالة السائدة في المشاريع الاجتماعية بخلق اعتبارات برتوكولية لصالح الأعضاء القدامى أو كبار الشخصيات لا تساعد على انسجامهم مع الأعضاء الجدد، وأشاد الأستاذ خليل ابراهيم من عمان بموضوع الندوة وحالة التفاعل فيها، كما ذكرت الصحفية حكيمة الجنوبي حيوية كافة المؤسسات بالمحافظة وترحيبها في احتضان المبادرات الشبابية.
وكان ختام اللقاء كلمة ضافية لضيف الشرف لهذه الأمسية المهندس علي الملا، الذي أثنى على مستوى الوعي الذي يتحلى به شريحة كبيرة من الجيل الصاعد وقدرتهم على مواجهة التحديات والصعاب القائمة، وعلى مستوى العطاء لمنتدى الثلاثاء الذي أثبت جديته في الرقي بالعمل الثقافي.
التقرير على اليويتوب:
المحاضرة الكاملة:
كلمة الدكتور وسام السنان برنامج “أمنية”:
كلمة الفنان علي الصعيليك “مجموعة إبداع بلا حدود”:
كلمة ضيف الشرف الأستاذ علي الملا: