أزمات كورونا والنفط وتأثيرها على الاقتصادات الخليجية

400

 

في ندوة بثت عن بعد تحت عنوان “أزمة كورونا والنفط وتأثيرهما على اقتصادات دول الخليج العربية”، استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 28 شعبان 1441هـ الموافق 21 أبريل 2020م رئيس مركز الخليج لسياسات التنمية الدكتور عمر الشهابي للحديث حول هذا الموضوع وتناوله من عدة زوايا أبرزها بنية الاقتصاد في دول الخليج العربية، وانعكاسات الكورورنا والنفط على الاقتصاد، والتصور المستقبلي لاقتصاد الخليج، وفرص الإصلاح للقطاعين العام والخاص، وأدار الندوة الأستاذ أحمد المدلوح.

افتتح اللقاء عضو المنتدى الأستاذ أمين الصفار بكلمة رحب فيها بالضيف وبالمتابعين متناولا التطورات الاقتصادية المتسارعة وخاصة بعد أزمة كورونا وانخفاض أسعار النفط، موضحا أن المنتدى يهتم بالمواضيع المتعلقة بقضايا الساعة والتحولات الجارية. وتحدث بعده الأستاذ أحمد المدلوح حول أهمية الموضوع الإقتصادي في هذه المرحلة التي توقفت فيها أغلب الأنشطة والأعمال واختلت فيها موازين الاقتصادات العالمية، مستعرضا الأبحاث التي قم بها الدكتور عمر الشهابي في هذا المجال وتركيزه على دراسة الاقتصادات الخليجية والتحولات الجارية عليها، متناولا سيرته الذاتية والأعمال التي قام بها بعد حصوله على درجة الدكتوراة في الاقتصاد معرفا إياه بأنه يمتلك رؤية اقتصادية فريدة.

 

بدأ الدكتور الشهابي حديثه بالاشارة إلى أهمية المرحلة الحالية باعتبارها مرحلة استثنائية لها انعكاسات على مختلف المجالات وأبرزها الصحة والاقتصاد، وما يميز هذه المرحلة أن المعلومات المتوفرة لا تزال محدودة سواء حول مسبباتها أو نتائجها، فلهذا يصعب التكهن بالمستقبل بصورة واضحة، مقترحا أن تكون المرحلة الحالية فرصة للتفكير والتأمل الذاتي للبحث عن الأجوبة في محالة لدراسة وفهم أوضاعنا المحلية. وانتقل للحديث عن تأثير أزمة كورونا على الاقتصاد العالمي موضحا أن هناك قلقا كبيرا من حالة الكساد الاقتصادي التي قد تنتج من توقف الانتاج بسبب قوة العمل ويقابله تقلص في الطلب على الخدمات بسبب حالة الحجرأي أن هناك تقلص في العرض وتقلص في الطلب أيضا.

واستعرض بنية اقتصادات دول الخليج العربية، مشيرا إلى أن انخفاض الطلب على النفط سيؤثر عليها كثيرا، موضحا أن ما يميز اقتصاداتها هو أنها معتمدة أساسا وبشكل كبير على الإيرادات النفطية والتي تصرف منها الدولة على مختلف النفقات والخدمات، وأن القطاع العائلي الخاص لا يشكل حجما كبيرا في السوق الانتاجية، وإضافة إلى ذلك فإنها تتميز أيضا بأن غالبية سوق العمل من الوافدين بنسب تصل لأكثر من 70% في بعض دول الخليج العربية. وأضاف أن هذه البنية تجعل من اقتصادات دول الخليج أكثر قابلية وعرضة للأزمات من غيرها ذات الطابع الانتاجي الأكبر، موضحا أن المصروفات الخارجية في هذه الدول تشمل قيمة الواردات وتحويلات العمالة وأموال الاستثمارات الخارجية سواء الخاصة أو العامة.

وبين أنه في ظل تصاعد هذه الأزمة، فإن الدول عادة ما تسعى لاتخاذ إجراءات لتخفيض نفقاتها لئلا يحدث عجزا في ميزانيتها، ولكن إذا لم تتمكن من ذلك فإنها تسعى لسد الحجز من خلال الإقتراض المحلي والدولي عبر البنوك وبيع السندات وما إلى ذلك. وحول الاستثمارات الخارجية لدول الخليج، أوضح الدكتور الشهابي أنها ليست من الايرادات الثابتة كمورد أساسي في الاقتصاد بسبب التذبذب الذي قد يحصل على العملات واعتمادها على المضاربات المالية وهي أمور يصعب التجكم فيها، كما أنها لا توفر عادة فرصا وظيفية في سوق العمل. وأشار إلى أن ارتباط العملات الخليجية بالدولار يجعلها في معظم الأحيان متأثرة بقرار المجلس الفدرالي في تغير أسعار الفائدة على الدولار، وبالتالي فإن السياسة النقدية في هذه الدول لا تتيح الكثير من الأدوات.

واستعرض أوجه التشابه والاختلاف في اقتصادات دول الخليج العربية، فهي تتشابه في أنها معتمدة على إيرادات النفط والغاز في أغلب ميزانياتها، وأن تركيبة القطاع الخاص معتمد أساسا في سوق العمل على العمالة الوافدة، كما تتشابه في التركيبة السياسية والقرب الجغرافي والتداخل الإجتماعي وهي بالتالي متشابهة في البنى الهيكلية كأنماط اقتصادية، أما أوجه الاختلاف فتتمثل في الحجم الجغرافي والاقتصادي واختلاف نسب العمالة الوافدة فيها. وبين أن التركيز في هذه المرحلة الحالية يتجه نحو الجانب الصحي ومعالجة نواقصه، وأن الإصلاح الإقتصادي ليس بذات الأهمية حاليا مع أنه سيتأثر كثيرا وخاصة إذا طالت فترة أزمة كورونا، موضحا أنه لا توجد تصورات مستقبلية واضحة حول شكل وحجم التحولات الاقتصادية المستقبلية. وأمد على أن القطاع الحكومي العام لديه قدرة أكبر على الاستمرارية والصمود من القطاع الخاص لما يمتلكه من امكانيات وفرص متعددة.

وفي مجال الإصلاح الإقتصادي، تحدث الدكتور الشهابي حول أهمية تناول هذا الموضوع ومناقشته بمختلف الوسائل لغرض السعي للوصول لإجابات واقعية وعملية لإصلاح الإقتصاد، وتطرق إلى أهمية معالجة سوق العمل المعتمدة على الوافدين عبر برامج تزظيف المواطنين وطرح محفزات للقطاع الخاص، وكذلك العمل على تخفيض الإنفاق العام وتعزيز الإيرادات غير النفطية من خلال استحداث صناعات بديلة. وفي هذا المجال، استعرض أوجه الخلل تاريخيا في انتاج النفط الذي كانت تحدده الشركات العالمية دون الالتفات إلى حجم متطلبات التنمية المحلية، وأن دول الخليج كانت ولفترة زمنية تنتج ما يحتاجه السوق العالمي للنفط، وأن ايرادات النفط كان يتعامل معها كمصروفات جارية لم تتحول لإنتاج صناعات غير نفطية.وأضاف أن الإصلاحات الإقتصادية تتطلب سياسات جادة وخطط بعيدة المدى ودراسات للقطاعات البديلة المختلفة والتي من بينها مشاريع المياه والطاقة وصناعة النفط من معدات وتكنولوجيا، مستشهدا بتجربة النرويج التي بدأت في تصدير النفط بعد دول الخليج وهي الآن تصدر معدات نفط متقدمة.

وتحدث الدكتور عمر الشهابي مفصلا حول سوق العمل في دول الخليج العربية، موضحا أن لدول الخليج نموذجها الخاص بها للتعامل مع سوق العمل، فمعظم دول العالم تتحكم الدولة بسوق العمل وهي التي تضع ضوابطه وشروطه ومحدداته، بينما نظام الكفالة في دول الخليج يعطي فرصا واسعة للكفلاء وهم القطاع الخاص للتحكم بالسوق، وأن الراتب مثلا يتغير حسب جنسية الوافد. وأوضح أن هذا النموذج أدى إلى عدم تمكن المواطن من منافسة الوافد بسبب اختلاف التكلفة، حيث يمكن للكفلاء تشغيل العمال الوافدين في ظروف عمل مختلفة ولساعات طويلة وبأجور زهيدة، وأنه – أي هذا النموذج – أدى بالتالي إلى خفض الانتاجية بسبب عدم وجود حوافز لتحسين الانتاج وإلى ضعف الجودة أيضا، كما أن المهارات المكتسبة لهؤلاء الوافدين لا تنتقل إلى الأجيال الجديدة بل تنتهي بعودتهم لبلدانهم. وواصل حديثه حول هذا المجال موضحا أن نسبة التعليم لدى الغالبية الساحقة من العمالة الوافدة متدنية، وأن أكثر القطاعات التي يعمل بها الوافدون هي الانشاءات والخدمات والخدمة المنزلية. وأوضح أن الإجراءات الجديدة التي اتخذتها السعودية خلال الأعوام الماضية تستحق الدراسة والاهتمام، لأنها اتسمت بالجدية والعمق.

 

وختم المحاضر كلمته بالتأكيد على أهمية البحث عن نقاط القوة لكل دولة خليجية وتوظيفها من أجل خلق حالة تكامل اقتصادي بينها بدلا من حالة التنافس، كما أنه لا يمكن العمل على سياسات مالية ولا مشاريع كبرى بصورة منفردة بل ينبغي أن تكون مشتركة. وأشار إلى أن رسم السياسات الاقتصادية ينبغي أيضا أن يتم على أيدي خبرات محلية لمعرفتهم بخصوصيات الوضع في المنطقة. وختم بالقول أن القطاع الخاص العائلي بحاجة أيضا لإصلاح وإعادة تأهيل كي يكون قادرا على الإنتاج وداعمل بصورة أساسية للإقتصادات الوطنية.

 

رابط الخبر اضغط هنا

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد