منتدى الثلاثاء يناقش معززات الصحة النفسية وتحدياتها

1٬834

في ندوة تفاعلية تحت عنوان “كيف تحافظ على صحتك النفسية؟” ناقش المشاركون في منتدى الثلاثاء الثقافي ضمن عدة محاور دور الفرد في معالجة التحديات التي تؤزم الصحة النفسية باستضافة الأخصائي النفسي الاكلينيكي أسامة عبد الرؤوف الجامع، وذلك مساء الثلاثاء 9 جمادى الأول 1440هـ الموافق 15 يناير 2019م وسط حضور كثيف ومتنوع.

وتضمت فعاليات الندوة تكريم الأستاذة معصومة حسن الجامع أول ممرضة بمحافظة القطيف، والحاصلة على عدة جوائز نظير جهودها الانسانية، حيث القت كلمة مسجلة تحدثت فيها عن جانب من تجربتها العملية، كما تم تكريم الأستاذة زاهرة حبيب كرانات التي حققت المركز الأول في مسابقة تحدي القراءة على مستوى دولة الكويت عام 2017م والحاصلة على ماجستير في اللغة العربية وتعمل معلمة بالكويت، ولها عدة أبحاث منها “الخيال عند كولردج” و”العاطفة والابداع الشعري” وكتب اخرى تحت الطبع. وإلى جانب التكريم أقام الفنان حسن أبو حسين معلم التربية الفنية بالهيئة الملكية بالجبيل معرضه التشكيلي المميز للأسبوع الثاني على التوالي، وشاهد الحضور فيلماً قصيراً حول “مارتن لوثر كينج” بمناسبة قرب حلول ذكرى ميلاده، وقد حل الدكتور محمد مهدي الخنيزي عضو مجلس الشورى كضيف شرف في هذه الأمسية حيث شرف جميع المشاركين في هذه الندوة بتسليمهم دروع المنتدى.

وقد أدار اللقاء الأستاذ عيسى العيد عضو الهيئة التنفيذية للمنتدى مفتتحاَ الندوة بالحديث حول أهمية تكثيف البرامج التثقيفية التي تهتم بالصحة النفسية نظراً لحاجة المجتمع المعاصر لإشباعه فكرياً ونفسياً بما توصل إليه العلم الحديث في هذا الشأن، كما عرف بالمحاضر الأخصائي النفسي أسامة عبد الرؤوف الجامع الحاصل على ماجستير علم النفس الاكلينيكي وماجستير جودة صحية، والمرخص في علاج اضطرابات النفسية مثل القلق، الاكتئاب، التعامل مع الأفكار السلبية وغيرها، وقدم العديد من الدورات التدريبية في العلاج النفسي في مختلف مدن المملكة ولمنسوبي الشركات الكبرى.

استهل الأستاذ أسامة الجامع ورقته بالحديث عن العلاقة بين المشاعر والأفكار التي نحملها، موضحا أن الجسد يتبع المشاعر، والمشاعر تتبع الأفكار ومؤكداً على اهمية التعرف على هذه العلاقة وتأثيرها على الجسد, وأوضخ أن من أهم أسباب التدهور النفسي هي المشاعر الصعبة من الحزن والحيرة في أمور الحياة، وكذلك عدم القدرة على التواصل وتكوين العلاقة الايجابية مع الآخرين، وبين أن العلاج النفسي يأخذ مسارين هما العلاج بالعقاقير والعلاج بالحوار، لافتاً النظر إلى أهمية الوعي بهذا النمط العلاجي، واستطرد في الحديث عن المحاور الرئيسة التي توجه الصحة النفسية وهي النظرة تجاه الذات، وتجاه الآخرين، والنظرة تجاه الحياة والمستقبل. فحول النظرة إلى الذات، أوضح المحاضر أن هناك معتقد عميق ينشأ عن النفس ويتشكل في الأذهان على مر السنوات، وكما يقول الدكتور مارتن سيليجمان “أن الطريقة التي يحدثك بها والداك في الصغر تحدد الطريقة التي تنظر بها إلى نفسك وإلى الحياة”.

وأضاف المحاضر أن النظرة تجاه الآخرين تؤثر على جودة الحياة تأثيرا بالغاً، فمن لا يثق بالآخرين ويتوجس منهم، فعادة ما يكون لديهم اضطرابات في الشخصية، ولديهم تفكير متصلب دائما بأن الآخرين يريدون إيذائهم، ويفقدون الثقة بالمجتمع، ويفضلون الانعزال، ويغلب عليهم سوء الظن في تعاملاتهم، مما يفقدهم متعة الحياة وعفويتها. وحول النظرة المستقبلية للحياة، أكد المحاضر أن مقدار التفاؤل ينعكس على مستوى الصحة النفسية، فهناك من لديه تشاؤم شديد وخوف من القادم، أو يعتقد أن المستقبل غامض ومخيف، فيعيش القلق بحيث لا يستطيع النوم جيدا، وتكون حياته صعبة ويسيطر عليه اليأس فيتوقف عن الطموح أو الإنتاج.

بعد ذلك تحدث الأستاذ الجامع حول بعض الأفكار التي تعطل جودة حياة الإنسان، منها رغبة الانسان الملحة في معرفة بعض الإجابات أو الحل الفوري لبعض المشكلات، وهذا ما يخالف سنن الحياة، فبعض المشكلات تحتاج إلى وقت لتصل إلى حلول لها، مؤكداً على أهمية التحلي بالمرونة النفسية والعقلية في مثل هذه الحالات لكي لا يفقد الانسان السعادة، موضحاً العلاقة الطردية بين القلق والتركيز، فإذا زاد القلق قل التركيز وأضعف مهارة التأقلم في الحياة. وفي محور آخر مهم، تناول الأستاذ الجامع مسألة الوقاية النفسية من خلال توجيه التفكير الذاتي قائلاً أنه ينبغي الانتقال من التفكير اللاواقعي الى التفكير الواقعي وهو ما ينبغي التركيز عليه في الوقاية والعلاج، وقد يتمثل بإظهار المشاعر الطبيعية في مواقف الفرح والحزن، وأن من يكبتون مشاعرهم الحزينة مثلاً فإنها تتراكم ثم تنفجر في يوم من الأيام على شكل عقد، مشيراً أنه لا يمكن إزالة جميع الضغوط من الحياة وإبعادها ولكن يمكن حماية النفس من خلال التعبير عن المشاعر التلقائية، ومكافأة الذات، كما أنه ينبغي الاهتمام بما أطلق عليه العلم الحديث “التيقظ الذهني” ويقصد به تفعيل الحواس الخمس في الاستمتاع باللحظة الراهنة التي يعيشها الانسان وعدم اشغال الفكر بقضايا أخرى.

وفي جانب آخر، ركز المحاضر على موضوع النزعة الكمالية (المثالية) موضحا انه يجب التفريق بينها وبين الاتقان، فأصحاب النزعة الكمالية لا يتحلون بصفة القناعة، ويهلكون أحاسيسهم وفكرهم في طلب الرضا التام الذي يصل إلى درجة لا نهائية في البحث عن الأفضل، مشيرا إلى أن القلق نوعان مثمر وقاتل، وأن هناك ثلاثة أخطاء في التفكير هي التفكير التضخيمي للأمور، والحدي (أبيض أو أسود)، والتنبؤات المتشائمة للمستقبل. وفي نهاية ورقته، قدم الجامع حزمة توصيات للوصول للصحة النفسية وتجنب الاضطرابات، أولها ممارسة الرياضة، وتنشيط الدماغ بحل المسائل والقراءة، والتعلم والتثقف حول التعامل مع حالات الغضب والانفعال، والتواصل الفعال وفهم الطرف الآخر، التوازن بين خدمة الغير وحاجات النفس.

بعد ذلك بدأت جولة نشطة من المداخلات بتساؤل الأستاذ صالح آل عمير حول أنسب طرق التعامل مع الأشخاص المتأثرين نفسياً، كما تساءل الأستاذ سامي السلطان عن النزعة “الرضية” في مقابل “المثالية” والتي تنظر بإيجابية وتفاؤل بما ينعكس على ممارسة السلوكيات الجيدة. وناقشت الأستاذة إيلاف سليس المحاضر في نقده للعزلة بالقول أن العزلة تكون إيجابية لأنها تحقق عدم الاشتباك بالآخرين، وفي مداخلته علق الأستاذ خليل الفزيع على العلاج بالقراءة إلى جانب العلاج بالحوار، كما طرحت الأستاذة صفية الفريج عن التقنيات الحديثة للتفريغ النفسي ودور البكاء، وتساءل الأستاذ مالك الخاطر حول كيفية إحداث التغيير في العناصر الثلاثة المتحكمة في الروح الانسانية آلا وهي المشاعر والأفكار والسلوك.

وعقب الدكتور عبد العزيز الحميدي بأن من أكثر مشاكل الطلبة النفسية تأتي من ضغط الأبوين عليهم لتحقيق الكمال الأعلى، محملاً المؤسسات الجامعية مسئولية إنشاء وحدات لديها لمعالجة حالات الاحباط والقلق الطلابي من خلال مختصين ومؤكدا على أهمية وجود مختصين نفسيين داخل الجامعات لاستيعاب تلك الحالات. وطرح الأستاذ داوود الأمير تساؤلا عن مدى صحة وجود توجه تجاري بحت لدى شركات الأدوية النفسية، كما ناقش الأستاذ علي الحرز موضوع تصنيف المتلبسين بفكرة المؤامرة هل هو اضطراب نفسي أم هو خلل فكري. وأكدت الأستاذة منى الشافعي على أهمية تعزيز الأفكار والآليات التي تساعد الأطفال على النظرة الايجابية للحياة، وتساءل الأستاذ يوسف شغري عن مدى امكانية الاستغناء عن العلاج الدوائي لأنه يسبب الادمان، وطالب الأستاذ احمد الحويكم بتخفيض تكاليف العلاج النفسي، كما انتقد ما يقع من تشخيص خاطئ للمرض النفسييين في المستشفيات، وطرح الأستاذ فرحان الشمري موضوع مشاكل مرضى الفصام.

وأكد الأستاذ عادل البراهيم على أهمية الثقافة القانونية لعلاقتها أحياناً بالاضطرابات النفسية، كما ثنت الأستاذة خلود المسيري على تثقيف الأسر تجاه التعامل مع النفسيات النرجسية حسب خصوصية كل حالة، وتساءل الأستاذ زكي أبو السعود عن الفرق بين الزهايمر والاكتئاب حيث تتشابه الأعراض في الحالتين. وطالب الأستاذ طاهر الهاشم ببرامج تثقيف حول الحالات الناشئة من المشاكل العاطفية، وفي نهاية المداخلات أكد الأستاذ جعفر الشايب على اهمية الرجوع إلى المختصين في مجال الاضطرابات النفسية وعدم اللجوء لمدعي العلاج النفسي الذين ينتشرون على وسائل التواصل الاجتماعي، وكان ختام اللقاء كلمة ضيف الشرف لهذه الأمسية الدكتور محمد الخنيزي الذي أثنى على المحاضر، ودور المنتدى الثقافي، معبراً عن سروره واعتزازه أمام هذا المستوى من النشاط.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

التقرير على اليوتيوب:

المحاضرة الكاملة:

 

كلمة الأستاذة معصومة الجامع:

 

كلمة الأستاذة زاهرة كرانات:

 

كلمة الفنان حسن أبو حسين:

 

كلمة ضيف الشرف الدكتور محمد الخيزي:

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد