نظم منتدى الثلاثاء الثقافي ندوة بثت مباشرة عبر الانترنت تحت عنوان “المجتمع والحصانة من كورونا”، باستضافته استشارية الأمراض المعدية والباطنية بمستشفى القطيف المركزي وعضو فريق العمل المشرف على علاج مرض كورونا الدكتورة كوثر العمران، وذلك مساء الثلاثاء 29 رجب 1441هـ الموافق 24 مارس 2020م. وشهدت الندوة التي أدارها عضو المنتدى الدكتور محمد الحماقي متابعة كبيرة بلغت ٨٥٠ على قناة اليوتيوب وحدها، حيث طرحت العديد من الأسئلة من قبل المحاورين على ضيف الندوة.
تحدث مدير الندوة في البداية حول إقامة الندوة من من خلف الشاشة وعبر البث المباشر بعد أن توقفت فعاليات المنتدى في الأسابيع الماضية بسبب أزمة “كورونا”، وقال أن جائحة فايرس “كورونا” المستجد اكتشفت لأول مرة في مدينة وهان الصينية في ديسمبر الماضي، وسرعان ما اخذت بالانتشار عالمياً، مخلّفًة حتى اليوم ما يزيد عن ثلاثة مئة ألف حالة حول العالم، وأثرت بذلك على كافة اشكال النشاط البشري من الحركة الاقتصادية الى الفعاليات الرياضية والمناسبات الدينية والاجتماعية. وواصل حديثه أن أول حالة شخصت في القطيف كانت في الثاني من مارس لتتبعها عدة إجراءات ادت لعزل وفحص وتشخيص حالات أخرى، وتم على اثرها اقرار الحجز الصحي على محافظة القطيف ومنع الخروج منها احترازيا لتوقع كونها البؤرة الرئيسية في البلاد لتفشي الفايروس وذلك في الثامن من مارس، لتكون بذلك القطيف اول مدينه عربية تطبق إجراءات العزل الصحي في هذه الازمه وإحدى اوائل المدن استجابة حول العالم..
في بداية كلمتها أبدت الدكتورة كوثر العمران دور الاعلام في تضخيم الأخبار والمعلومات مما يخلق حالة من الهلع والفزع لدى الناس، وأشارت إلى ضراسة بعض التجارب الدولية في هذا المجال وخاصة أن مشكلة فيروس “كورونا” هي في إمكانية سرعة انتشاره كما هو الحال في الصين وايران والعراق، وأن التجربة الصينية كانت رائدة في تطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية. وأيدت إجراءات العزل التي قامت بها الجهات المسئولة في المملكة والتي تم تطبيقها في المملكة بشكل عام وفي محافظة القطيف تحديدا بسبب القادمين من دول موبوءة لغرض تحديد البؤر الوبائية والسيطرة عليها حيث ساهم ذلك في تقليص واحتضان الوباء في المنطقة.
وأوضحت في حديثها أن من الاجراءات الوقائية الضرورية القيام ببحث نشط للحالات المخالطة، فقد يكون البعض حاملين للفيروس دون أن تبدو عليهم أية أعراض ولا يحتاجون لعلاج ولكنهم وعند اختلاطهم بأشخاص مناعتهم ضعيفة فقد يتسببون في إصابتهم بالفيروس. وبينت أن موجات الفيروس تتكرر كل أسبوعين وتتضاعف الحالات لعشر مرات تقريبا بمنحنى تصاعدي مالم يتم السيطرة من خلال تعديل مستوى منحنى الإصابات ليكون منبسطا أكثر وذلك بسبب الإجراءات المتخذة ومدى الالتزام بها. وقالت أنه نظرا لعدم وجود لقاح وعلا ج ناجع حاليا، فليس هناك بديل إلا من خلال الإجراءات الوقائية كالعزل وعدم الاختلاط والنظافة والتعقيم المستمر، موضحة أن الأوبئة السابقة كالملاريا والأنفلونزا الاسبانية وشلل الأطفال تم اتخاذ إجراءات شبيهة لحين اكتشاف وانتشار لقاحات مضادة لها.
وبينت العمران أن أعراض الإصابة قد تكون الكحة وارتفاع درجة الحرارة وألم في الحلق والمفاصل، حيث ينبغي حينها مراجعة قسم الطب الوقائي لعمل التقييم اللزم وفحص الشخص وأخذ مسحة للعينة وتحليلها، والبقاء معزولا بالمنزل حتى تظهر النتائج فإن كانت إيجابية فيطلب من الشخص الذهاب مباشرة للمستشفى لمواصلة العلاج. وقالت أن هناك ارتفاع نسبي في الوعي لدى أبناء المجتمع واستجابة جيدة للتوجيهات والتعليمات الرسمية، وأن الكثير من المرضى هم بحاجة إلى تطمين بدلا من التخويف، كما اشارت إلى أهمية الحد من القلق والخوف والتعاطي العقلاني الواعي مع هذا الفيروس الخطير.
وعلى صعيد آخر تحدثت الدكتور كوثر العمران مفصلا حول الجهود الكبيرة التي يبذلها الكادر الطبي من ممارسين وإداريين في مستشفى القطيف المركزي ذاكرة بانها فوق الوصف والتوثيق وان هناك تضحيات ومخاطر كبيرة يقدمونها على حساب راحتهم وصحتهم، مشيرة إلى تعاون وتواصل مسئولي وزارة الصحة في دعم الكادر الطبي وخططهم الاستباقية في المعالجات للظروف المستقبلية. وأكدت إن هذه الظروف الاستثنائية خلقت فرصا كبيرة للعطاء والإبداع مما يجعلنا جميعا فخورين بالممارسين الصحيين والجيل الجديد منهم الذين يعملون بجد وإخلاص وتفان.
وأوصت في حديثها بضرورة استثمار العزل المنزلي بصورة إيجابية من خلال الإحساس بالأمان والهدوء والإيجابية واستغلال الوقت بكل ما هو مفيد ومثمر، كما أكدت على أهمية النظافة المستمرة بغسل اليدين بالصابون وترك مسافة آمنة بين الأشخاص، وتأكيد التباعد الاجتماعي بعدم الخروج من المنزل إلا للضرورة فالكثير من الحلات التي تم رصدها كانت نتيجة الاختلاط في الزيارات العائلية والأصدقاء.
وردا على أسئلة بعض المتابعين، أجابت الدكتورة العمران أن انتقال الفيروس من الأم المرضع إلى طفلها ليس عن طريق الرضاعة وحليب الام مباشرة، وإنما العدوى بالمخالطة عن طريق إفراز ات الجهاز التنفسي، لان الرضيع اقرب انسان إلى الام ولصيق بها، أي كما يعدي انسان انسان آخر مخالط له ولهذا ينبغي أخذ الحيطة والحذر من خلال النظافة والتعقيم. وحول حقيقة اكتشاف لقاحات وعلاج للفيروس، أوضحت أن هناك عمل دؤوب من قبل الشركات المتخصصة وقد يحتاج ذلك إلى مدة أكثر من سنة لتطويره واختباره وطرحه في الاسواق، تماما كما كان في لقاحات الأوبئة السابقة، أما العللج الموجود حاليا فهو تجريبي ويعطى للمصابية المحتاجين فقط مشيرة لوجود شركات تسعى للربحية من الوضع القائم.
وأوصت الأشخاص ضعيفي المناعة بالحذر الشديد من خلال النظافة المستمرة وعدم الاختلاط بالآخرين والمراجعة المباشرة للمستشفى عند شعورهم بأي أعراض، وقالت بأن هناك تشابها في الأعراض بين الإصابة بفيروس كورونا وبين الانفلونزا الموسمية حيث أنهما يهاجمان الجهاز التنفسي مشيرة إلى أن اللقاحات التنشيطية تساهم في زيادة المناعة الجمعية. وأنهت حديثها بالقول أن النتائج المستقبلية لتطور انتشار الفيروس يعتمد على مدى الالتزام بالحجر والبقاء في المنازل حتى يمكن السيطرة عليه.
وشكر مدير الندوة الدكتورة كوثر العمران على مشاركتها وتقديمها رسائل تطمينية للمجتمع وعلى جهود الممارسين الصحيين في هذه المرحلة الحرجة داعيا الجميع إلى ضرورة الالتزام بالتوجيهات العامة من قبل الجهات الرسمية.