الألقاب والأحكام العقدية وأثرها في حرية الإعتقاد

4٬049

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي ضمن فعالياته الثقافية الأسبوعية مساء يوم الثلاثاء الماضي 16 صفر 1425هـ الموافق 6 ابريل 2004م الكاتب والباحث الأستاذ سعود السرحان والذي تحدث حول موضوع “الألقاب والأحكام العقدية وأثرها على حرية الاعتقاد”. وقد أدار الندوة الأستاذ حسين الجنبي الذي قدم تعريفاً عن المحاضر تضمن نبذة مختصرة عن يرة الضيف العلمية والأكاديمية، إضافة إلى خبراته العملية كمعيد في جامعة الإمام محمد بن سعود، وكاتب في صحيفتي الشرق الأوسط والحياة.

وقد بدأ المحاضر كلمته بتمهيد حاول فيه تعريف مصطلحات عنوان المحاضرة والأسباب التي شكلت دوافع هذا الموضوع، وذلك نتيجة لكثرة استخدام مصطلحات وأسماء في واقعنا الإسلامي فقدت دلالتها، ولم تعد تستخدم في سياقها الثقافي والمعجمي والدلالي دون أن تؤثر على أصل معانيها في أبسط استخداماتها، كمصطلح الردة والكفر والبدعة والسلفية والتشيع والشيوعية والليبرالية والعلمانية وما إلى ذلك من المصطلحات التي تستخدم اليوم لدوافع سياسية وأيديولوجية لإقصاء الآخر الذي يتبنى رأياً مخالفاً لرأي المؤسسات التقليدية التي تمارس تزييف الوعي الاجتماعي والديني.

كما ناقش الباحث الخلفية التاريخية لتطور فكر ونشأة مثل هذه المصطلحات، لا سيما في العهدين الأموي والعباسي، كما تطرق إلى أبعاد هذا الخطاب الإيديولوجي كاشفاً ومسلطاً الضوء على عيوبه النسقية، وبالتالي عن خلل بنيته الإيديولوجية، وقد أشار إلى دور الحكومات على مدى التاريخ الإسلامي في توظيف الخطاب الديني وتحويله إلى أداة لتصفية الخصوم من المثقفين والمفكرين، حيث غالباً ما يدان المثقف لرأيه ومذهبه الفكري ومخالفته لانطباعات المؤسسة السياسية والتقليدية السائدة في المجتمعات الإسلامية، ولم يخل حديثه من إشارات عامة عن التشابك المعقد بين بنية الخطاب الديني والخطاب السياسي، وأن الأزمة هي أزمة بنيوية.

وضرب أمثلة بثلاثة تطبيقات تدل على التشابك بين الأسماء والأحكام وحرية الاعتقاد، وهي: الردة، واتهام بعض المفكرين أو الجماعات بالردة، ودعا إلى عدم تطبيق حدود الردة، كما تحدث عن التعامل التاريخي مع البدعة، وكيف كان الاتهام بالبدعة وسيلة لاضطهاد وقتل وسجن المخالفين، وكذلك تحدث عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في العقائد، وكيف أن كل فرقة إسلامية تضطهد الفرقة الأخرى بحجة إنكارها للمنكرات العقدية المتلبسة بها.

وفي سياق كلامه، تحدث كذلك عن دور السلطة الدينية وإسهام بعض رجالات الدين في توظيف هذه المصطلحات لممارسة دور الإقصاء الديني، وتشهير سلاح الردة والتكفير ضد بعضهم البعض، وهذا يكشف عمق الأزمة الثقافية والحضارية وانعكاسات ذلك على حاضر ومستقبل هذه الأمة، كما حاول المحاضر إجراء مقاربة فكرية للخطاب الديني وقراءته ضمن بنية عصرية، والابتعاد عن تلك القراءات المتراهصة بفقه الفتنة وتراث الصراعات الفكرية والإيديولوجية التي أثرت سلباً على الوعي الاجتماعي والديني، والتي شكلت لواقعنا الحالي بوصلة تفكير تاه فيها وعينا التاريخي والاجتماعي عن فكر النهضة.

وقد اقترح المحاضر بعض الحلول النظرية للخروج من هذا المأزق الحضاري، وذلك في فصل الأحكام عن الأسماء وعدم ترتيب أي أثر على تلك المصطلحات والنظر إليها نظرة اعتبارية، بحيث تترك الخيار للمثقف والمجتهد أن يقرأ فكره واجتهاده ضمن حرية التفكير دون ممارسة أي ضغوط تثني المثقف أو المفكر عن العدول عن رأيه واجتهاده عن طريق المحاكم وإصدار أحكام الردة والتكفير وربما الإعدام عليه نتيجة لأرائه.

بعد ذلك، أنهى المحاضر كلمته، وفتح النقاش والحوار حول الموضوع، وقد اتفقت أغلب المشاركات على أهمية الموضوع في ظل هذه المرحلة الحبلى بالدلالات الكثيرة والتطورات العالمية والتحولات التي تشهدها البلاد، لا سيما وأن المحاضرة تعالج أصعب الإشكاليات التي تواجه اليوم السلم الاجتماعي لوطننا الحبيب، ألا وهي التطرف والتعصب الديني، وما ينتج عنه من خطورة كبيرة تستهدف الأمن والاستقرار الاجتماعيين. وقد أكد سماحة العلامة الشيخ حسن الصفار على أهمية استحضار مثل هذه القراءة المنفتحة، وعدم النظر إلى الآخر المختلف مذهبياً نظرة نمطية تستبق إمكان حصول تطور وتغير في بنية التفكير لدى الأخر، ومؤكدا على أهمية تعزيز حالة النقد الذاتي في الفكر الديني بهدف التطوير وتجاوز حالة التوقف لديه.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد