تحدث وزير العمل والشئون الاجتماعية السابق الدكتور علي بن إبراهيم النملة في محاضرة تحت عنوان “المؤسسات الأهلية وتحديات العمل الاجتماعي” ألقاها في منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 22 صفر 1438هـ الموافق 22 نوفمبر 2016م عن التحديات الداخلية والخارجية التي تواجهها الجمعيات والمؤسسات الأهلية. وكرم المنتدى خلال الندوة رائد العمل الاجتماعي المرحوم الحاج عبد الله المطرود الذي كان له الفضل في تأسيس ودعم العديد من المؤسسات والجمعيات الخيرية في المنطقة.
وتناول مدير الندوة الأستاذ عاطف الغانم أهمية مؤسسات المجتمع المدني وضرورتها، مؤكدا على أن المجتمع المحلي يمارس أشكالا مختلفة منها على شكل مبادرات وأنشطة تطوعية، واستعرض نماذج من المعوقات التي تواجهها. وألقى كلمة المنتدى عضو اللجنة المنظمة فيه الأستاذ زكي البحارنة الذي نوه إلى قيام المنتدى بتخصيص ما يقارب 40% من فعالياته نحو العمل الاجتماعي عبر عقد لقاءات وحوارات متنوعة تهدف الى إطلاق مبادرات وبحث سبل تطوير عمل المؤسسات القائمة. وعرج البحارنة على دور الحاج عبد الله المطرود في رعايته للعمل الاجتماعي وجهوده الكبيرة في تأسيس العديد من المؤسسات الأهلية ودعمها.
بدأ الدكتور علي النملة حديثه بتوضيح العلاقة بين دوائر القطاعات الثلاثة، وهي القطاع الحكومي أو العام، والقطاع الخاص، والقطاع الأهلي أو المدني، مشيرا إلى تكاملية العلاقة بين هذه القطاعات، وأن لكل قطاع منها أدواره الرئيسية المحددة مع أن هناك تداخل بينها أحيانا، وكلها تعمل ضمن منظومة الدولة الممثلة في الحكومة والمواطن والكيان. وأوضح أن مهمة الحكومة ترتكز على تنظيم حياة الناس وشئونهم والمحافظة على أمنهم وتأمين العيش الرغيد والرفاه الاجتماعي للمواطنين. وبين أن دور القطاع الخاص في هذا المجال يتركز في التيسير والمساندة للعمل الأهلي والخيري عبر المشاركة في دعمه والابداع في طرق مساندته، حيث أن ذلك يعود بشكل إيجابي على مصلحة القطاع الخاص ذاته لمساهمته في تدوير مكاسبه ونفع المجتمع بها مما يعني المزيد من الاستقرار والمردود الإيجابي في المجتمع.
وحول القطاع الأهلي، تحدث المحاضر أنه يتميز بقدرته على القرب من حاجات وقضايا الناس والوصول إلى مختلف الشرائح الاجتماعية بفعالية ومرونة، مما يعطيه قدرة على القيام بأدوار ومهام لا يؤديها غيره، ولهذا فإن عمل مؤسسات القطاع الأهلي مهم للغاية وأصبحت في تطور وتوسع بصورة مستمرة. وأوضح أن هناك حذر دائم لدى الحكومات من تداخل دور المؤسسات الأهلية مع عمل الحكومات، وعالجها معاليه عبر وضع أنظمة وقوانين تحمي سيادة الدولة وتتيح المجال أمام المؤسسات الأهلية للحركة والعمل بمرونة كافية في المجالات الاجتماعية المختلفة. وتحدث الدكتور النملة مفصلا حول الجوانب المختلفة للعمل الأهلي مركزا على الجانب الخيري منه، مشيرا إلى أن من أهدافه انتزاع الفقير من فقره باعتبار أن مشكلة الفقر من أبرز قضايا العمل الخيري ومؤكدا على أن اتساع الطبقة الوسطى في المجتمعات يعد مؤشرا إيجابيا في استقرارها ونموها.
وحول التحديات التي تواجهها المؤسسات الأهلية، بدأ الضيف تشخيصه لهذا الموضوع بالإشارة إلى ضعف التخطيط الاستراتيجي في عمل المؤسسات، موضحا أنه ينبغي أن يتناول الفرص والتهديدات؛ فكثيرون لا يتوقعون ان العمل الخيري قد يواجه أية تهديدات وهو خطأ كبير، حيث أنه مثل أي عمل مؤسسي آخر لا بد من أن يأخذ بدراسة كل المخاطر والتحديات. وقال أن غياب التخطيط ينتج عنه الارتجالية في العمل. وتناول المحاضر قائمة من التحديات الداخلية في عمل المؤسسات الأهلية منها ضعف الموارد البشرية، وضبابية مفهوم التطوع والتعامل مع المتطوعين، وتنامي الضغط على المؤسسات الخدمية بسبب ازدياد أعداد المستفيدين، وغياب معايير الإنتاجية في العمل لأسباب إدارية، وعدم الاهتمام بالاستثمار المالي للمؤسسات الأهلية. وتحدث حول بعض التحديات الخارجية الدولية منها والمحلية والتي تهدف إلى التضييق على حركة العمل الخيري ونشاطه، وخاصة في هذه المرحلة.
وفي نهاية حديثه، أشار الدكتور النملة إلى معرفته الطويلة بالحاج عبد الله المطرود كرائد من رواد العمل الاجتماعي المؤسسي، مطالبا بأن يخصص شارع رئيسي باسمه في المنطقة، كما ذكر بعض النماذج العالمية والوطنية الداعمة للعمل الخيري والإنساني مثل بيل قيتس وسليمان الراجحي وغيرهم. وفي رده على مداخلات الحضور، أكد المحاضر على ضرورة وجود عنصري الاقتناع والإرادة لتحقيق أي مشروع وتجاوز إشكاليات البيروقراطية السائدة، داعيا إلى تفعيل برامج التطوع والاستفادة المثلى من المتقاعدين عبر التخطيط المبكر قبل التقاعد. وأشار إلى أهمية تشكيل مجالس استشارية غير ملزمة للمؤسسات الأهلية، موضحا أن مفهوم المجتمع المدني لا يزال فضفاضا وضبابيا في المجتمع، منهيا حديثه بالقول أن نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية في صورته الأخيرة حدد الجهة المعنية بهذا المجال وأنه متطور كثيرا عما كان عليه الوضع في السابق.
وقبل مداخلات الحضور، كرم المنتدى المرحوم الحاج عبد الله المطرود بتقديم درع لابنه الأستاذ محمد المطرود الذي أشاد بهذه الالتفاتة من القائمين على المنتدى وعدد الاهتمامات والأنشطة الخيرية المتعددة التي بادر بها والده والتي تعدت حدود المنطقة، مثمنا مشاركة الدكتور النملة في هذا الاحتفاء. وبدأت المداخلات بمشاركة من سماحة الشيخ حسن الصفار أشاد فيها بالضيف واهتماماته المتعددة في مجال الفكر والعمل الاجتماعي وتصديه لدعم المؤسسات الاجتماعية إبان فترة وزارته، وأكد على أهمية الاهتمام بقيام مؤسسات فكرية وثقافية تهدف الى تعميق الانسجام والتآلف الاجتماعي عبر مبادرات أهلية متنوعة كي تتبنى نشر الأفكار والمفاهيم الإيجابية في المجتمع والمؤسسات الحقوقية والتربوية.
وتحدث الأستاذ ماجد العبد العال الرئيس السابق لجمعية أم الحمام الخيرية عن الخدمات التي تقدمها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في دعم الجمعيات وخاصة في التشجيع على المشاريع الاستثمارية وتوفير الدعم لها. وأشار الأستاذ كمال المزعل الى مشكلة قلة الكوادر المتطوعة في عمل المؤسسات الأهلية وضرورة الاستفادة من طاقات المتقاعدين وتوظيفها بما يخدم هذه المؤسسات ويفعل دورها. أما الأستاذ أحمد الخرمدي فقد أشار إلى غياب المجالس الاستشارية في المؤسسات الأهلية، وتحدث الأستاذ محمد المسكين حول تطوير نظام التقاعد والتأمينات الاجتماعية لمواجهة مصاعب الظروف المعيشية الحالية. وطالبت الأستاذة نسيمة السادة بضرورة تفعيل نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية بصدور لائحته التنفيذية، كما أشار الأستاذ عبد الله القديحي إلى أشكال دعم العمل الأهلي وعدم الاقتصار على نمط معين من الدعم والمساندة، مطالبا الخطباء والمثقفين بدور في التشجيع على ذلك.
وأكد الأستاذ مصطفى الشعلة أيضا على العقبات الإدارية القائمة في تسجيل المؤسسات الأهلية، وتساءلت الأستاذة ايمان السويدان عن وضع التركيبة الاجتماعية في ظل الخلخلة في التكافؤ الاجتماعي والتغيرات اقتصادية وأثرها على وضع المجتمع. وتناول الأستاذ علي الشعبان مشكلة وجود أنظمة وقوانين تعيق عمل المؤسسات الأهلية في المملكة، مطالبا بالمزيد من المرونة بما يتلاءم مع حاجات المجتمع.
وقال راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب أن استمرار التأكيد على المطالبة بتفعيل نظام الجمعيات والمؤسسات الأهلية من قبل الحضور يأتي في ظل الحاجة الماسة في المجتمع المحلي لوجود مبادرات اجتماعية وشبابية عديدة ومتنوعة بحاجة لإطار قانوني يجمعها، وأشار أيضا إلى أن من شروط قيام المؤسسات الأهلية ونجاحها الاستقلالية عن تدخل الحكومة فيها كقطاع مستقل وغير ربحي بصورة تميزه عن القطاعين العام والخاص. وطالبت الأستاذة عالية فريد بالمزيد من الاهتمام بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من ناحية التأهيل والتوظيف وتهيئة الظروف والأماكن المناسبة لهم.
التقرير على اليوتيوب:
المحاضرة الكاملة: