أقام منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف بمناسبة اليوم العالمي لحماية المرأة من الإعتداء وضمن برنامجه للموسم الثقافي الخامس عشر ندوة بعنوان “المرأة وحمايتها من الإيذاء: بين الواقع والمطلوب”، وذلك بتاريخ 3 صفر 1436هـ، الموافق 25 نوفمبر 2014م، واستضاف خلالها الناشطة الحقوقية نسيمة السادة، والمعالج النفسي أسامة الجامع، والمحامي محمد سعيد الجشي.
وضمن الفعاليات المصاحبة قبل الندوة للتعريف بالمؤسسات الإجتماعية وتجارب الفنانين، عرف الأستاذ محمد منصور بمنتدى لجنة العقيق في بلدة الخويلدية والذي يهدف إالى تشجيع الأدب والشعرالحسيني عبر إقامة المهرجانات والأنشطة المتنوعة واستضافة أدباء وشعراء من منطقة الخليج، كما يخطط لتوسيع نشاطاته لتشمل مناطق متنوعة وشعراء من مختلف المستويات. وتحدث بالنيابة عن الفنانة التشكيلية ليلى المعراج أخوها لكونها من ذوات الإحتياجات الخاصة عن تجربتها في الفن والنحت، حيث شاركت الفنانة ليلى المعراج في عدة معارض محلية ودولية متعددة وقامت بعرض أعمالها على هامش الندوة.
أدار الندوة عضو اللجنة المنظمة الأستاذ موسى الهاشم، متحدثاً في مقدمته عن حالات العنف ضد المرأة في العالم بأشكالها المختلفة رغم تنوع الثقافات والأديان، وشدد على ضرورة البحث عن الأسباب وأهمية وضع برامج تربوية للمعالجة عبر سن التشريعات وتعديل السياسات. وعرف الهاشم بضيوف المحاضرة مبتدءاً بالأستاذة نسيمة السادة، الحاصلة على درجة الماجستير في ادارة الأعمال من جامعة الملك عبدالعزيز، والتي شاركت في العديد من الدورات وورش العمل المتعلقة بالمجتمع المدني وحقوق الانسان ومهارات القيادة، كما قدمت العديد من ورش العمل في مختلف مجالات حقوق الإنسان.
أما المعالج النفسي أسامة الجامع، فهو حاصل على درجة الماجستير من الكلية الملكية الإيرلندية للجراحين بالبحرين بتخصص جودة صحية، ومقدم للعديد من الدورات التدريبية، كما أجرى مجموعة من اللقاءات التلفزيونية والدورات التدريبية، والمحامي محمد سعيد الجشي، حاصل على شهادة البكالوريوس في القانون من جامعة اليرموك بالاردن ودرجة الماجستير في الشريعة والقانون من الجامعة الخليجية بالبحرين، ويتولى مكتبه تمثيل العديد من الشركات السعودية والأجنبية بالمملكة، وقدم العديد من ورش العمل والندوات القانونية.
افتتحت الندوة الأستاذة نسيمة السادة مؤكدة على أهمية موضوع العنف ضد المرأة، وأن الجنسين معنيان بموضوعه، مشيرة إلى أسباب اختيار يوم 25 نوفمبر كيوم عالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، حيث يعود ذلك الى عام 1960م وتعرض احدى النسوة في جمهورية الدومينيكان للتحرش من قبل مسئول عام، فتم تكوين جبهة معارضة من النساء ضده، انتهت بسجنهن ثم إغتيالهن، لتأتي بعدهن من تابعت النضال وساهمت في نشرالوعي بين الاخرين حول الاعتداء على المرأة.
ومنذ العام 1999م أختارت المفوضية السامية لحقوق الإنسان يوم 25 نوفمبر يوم الاعلان العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة كما صيغت اتفاقات دولية لمناهضة العنف ضد المرأة ومنها اتفاقية السيداو وغيرها. وعرفت السادة، العنف ضد المرأة بأنه “ما تدفع اليه عصبية الجنس ويترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو النفسية، بما في ذلك التهديد أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة”.
ورغم إشارتها إلى غياب سجل وطني يحصي حالات العنف ضد النساء، استشهدت السادة بدراسة للدكتورة هالة الدوسري حول مدى شيوع العنف في المملكة شملت 200 امرأة تم مقابلتها في جدة، حيث أظهرت الدراسة أن 45% من النساء تعرضن للعنف الجسدي من أزواجهن، كما أدى العنف إلى إصابة 18% من النساء بإصابة بليغة استدعت التدخل الطبي، وأن 6.5% من النساء فقط أوضحن بأنهن قد أبلغن أحد أفراد الرعاية الصحية بإصابتهن.
وتم استيضاح مدى تقبل النساء لعدم المساواة مع الزوج ومدى قبول النساء بالدور التقليدي في الأسرة، فكانت نصف النساء مؤيدات لسيادة الرجل في الأسرة، وأن معظمهن مؤيدات لعدم إخبار أي شخص خارج الأسرة بحدوث المشكلات الزوجية .كما أوضحت الدراسة بأن 90% من النساء تقريباً رفضن استخدام الزوج للعنف ضدهن تحت أي مبررات، بينما أيدت نصف النساء تقريباً حق الزوج في ضرب زوجته حال اكتشاف خيانتها له، مبينة أن الدراسة أظهرت أن 70% من النساء معتمدات مادياً على الزوج، وأن الدراسة أظهرت أن المتعرضات للعنف كن أكثر ميلاً للتفكير بالإنتحار واستخدام مضادات الاكتئاب.
وذكرت السادة بأن هناك عنف بدني ونفسي وجنسي من الأسرة والمجتمع، مشيرة إلى أنه ينبغي على الجهات المسئولة إدانة وتجريم العنف، وعدم التذرع بأي عرف أو تقليد أو اعتبارات أخرى تكرس استمرار العنف ضد المرأة. كما عددت مجموعة من الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة منها العضل، زواج القاصرات، وتسلط الاخوة على أخواتهن في تقرير المصير، و ضعف اجراءات الحماية، وتطليق المرأة دون علمها. وأشارت إلى أنه توجد ١٧ لجنة حماية للمرأة في مختلف مناطق المملكة، موصية بوضع خطط وطنية لمواجهة العنف، ورفع مستوى الوعي لدى المرأة، ومؤكدة على مسؤولية الدولة في الحد من الجرائم التي تنتهك بحق النساء عبر سن القوانين والتشريعات وتجريم العنف ضد المرأة ووضع برنامج زمني للقضاء على العنف ضده.
فيما تحدث الأخصائي والمعالج النفسي أسامة الجامع عن البعد النفسي للعنف الأسري، وشخصية المعنف، والتي تتصف ببعض الصفات من بينها حالة التحكم والسلطة، الشخصية المضادة للمجتمع، والمرض النفسي. وتطرق الجامع لأنواع العنف الأسري والتي تشمل الإيذاء الجسدي، والإيذاء الجنسي، والإيذاء العاطفي، والإيذاء الاقتصادي، والملاحقة والتلصص. وبين أن من بين العلامات النفسية المبكرة للمعنف هي الرومانسية والعاطفة السريعة، الغيرة الشديدة، وحساسية التعامل، والإبتزاز العاطفي، مشيرا إلى أن من بين الأسباب التي تبقي بعض النساء قابلات بالعنف الأسري هو الخوف، وعدم وجود مصدر دخل مالي بديل، بالاضافة لوجود الأطفال، والعزلة، والنظرة المقدسة للرجل.
وأشار بأن الآثار النفسية الظاهرة على المرأة بعد تعرضها للعنف لفترة طويلة تشمل ضعف الشخصية، الانسحاب والانطواء، الاكتئاب والقلق، منبهاً إلى أن الآثار النفسية قد تمتد الى الأطفال وينتج عنها الإيذاء النفسي وضعف المستوى الدراسي والتبول اللاإرادي، والتحول الى العنف مستقبلاً، بالإضافة الى ضعف الشخصية، ورؤية الكوابيس، والمعاناة من اضطرابات النوم والاكتئاب، وقد يصل الامر الى الانتحار. وشدد الجامع على ضرورة خضوع طرفي العنف للمعالجة التي تقوم على اخضاع المعنف لعدة جلسات نفسية، مؤكدا بأن المرأة ينبغي ان تواجه المعنف من اول حالة تعنيف، وأن تضع حدودا للتعامل وإدارة الخلاف.
أما المحامي محمد الجشي فافتتح حديثه بالاشارة الى أن حقوق المرأة مغيبة بشكل عام، متناولا نظام الحماية من الإيذاء الذي جاء لمعالجة العنف الأسري والذي صدر العام الماضي. وأوضح بأن المتعرض للعنف عليه التبليغ عن طريق وزارة الشئون الاجتماعية من خلال الرقم ١٩١٩، او عن طريق موقع الانترنت او عن طريق الشرطة، حتى تباشر الوزارة إجراءاتها، ويتم التأكد من هوية المبلغ بطريقة سرية، ليتم بعدها تقييم وضع الحالة كالمعالجة أو الإحالة للمستشفى، واتخاذ اجراءات حماية في مراكز الايواء، والذي قد تمتد ما بين ثلاثة ايام الى ثلاثة شهور.
وأشار إلى أن للمحكمة المختصة في حال رأت الحكم بعقوبة بديلة في أي جريمة إيذاء منظورة أمامها أن تسترشد برأي الوزارة عن العقوبات البديلة الملائمة والأكثر فاعلية في تقويم سلوك المدان بجريمة الإيذاء، حيث لا يوجد نص على العقوبة المحددة لجريمة الايذاء لعدم حصر الجرائم. كما أن اللائحة التنفيذية تقر بالمواد الواردة في الاتفاقيات الدولية الموقعة عليها المملكة في المجالات الحقوقية. وأوضح أن القضاء هو الجهة المخولة في المواضيع الخلافية وتقديرها، حيث تعد الوحدة الإجتماعية تقريراً مفصلاً عن الحالة يرفق بملف القضية، متضمناً مقترحات خاصة بالعقوبات البديلة المناسبة لكل حالة. وبين أنه تم افتتاح لجان للأحوال الشخصية في المحاكم لمعالجة القضايا التي تتطلب سرعة المعالجة، مؤكداً على أن النظام يتطلب تجاوب المستفيد منه ومشددا على ضرورة امتلاك الثقافة الحقوقية.
بدأت المداخلات بأسئلة عديدة من الحضور، حيث تساءلت الأستاذة رائدة السبع عن سبل نشر الثقافة الحقوقية في المجتمع، فيما تساءلت الاستاذة شادية البيات عن الحلول السلمية لمشاكل العنف الأسري واجراءات الطلاق في حال تكرر العنف. وطرح الأستاذ حسين العلي عن الإجراءات التي تتخذ ضد الشخص الذي يمارس العنف، وتحدثت الأستاذة امتثال السعود في مداخلتها عن ضرورة تسليط الضوء على العنف الناتج عن النعليم والتربية حيث يروج لنظرة الدونية للمرأة ويجعلها طرفا أضعف دوما.
أما الأستاذة هدى القصاب فبينت أن المعنفات بعيدات عن الحضور والمشاركة، مؤكدة على الحاجة للإنتقال من التنظيرالى القانون الحازم عبر تجريم العنف، وأن الأسرة تحتاج الى خلق روح المساواة بين الأبناء والبنات واستبعاد التفسيرات الدينية التي تؤسس وتهيئ لممارسة العنف ضد المرأة.
وفي ختام الأمسية أشار راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب إلى نمو المعرفة والجرأة في الطرح حول موضوع العنف ضد المرأة مقارنة بالأعوام السابقة التي كان الحديث في هذا الموضوع ضعيفا وخجولا وذلك خلال أمسيات المنتدى السابقة في ذات الموضوع، وأكد على أهمية القيام بمبادرات أهلية تساهم في معالجة تفاقم حالات العنف ضد المرأة في المجتمع.
المحاضرة الكاملة: