اقام منتدى الثلاثاء الثقافي ندوته السادسة لهذا الموسم تحت عنوان “صناعة النفط، المستقبل والتحديات” قدمها الدكتور سامي النعيم رئيس جمعية مهندسي البترول وذلك مساء الثلاثاء 23 صفر 1441هـ الموافق 22 اكتوبر 2019م، وأدار الحوار الاستاذ حسن اسماعيل. وحل رجل الأعمال والشخصية الاجتماعية المعروفة الشيخ عبد اللطيف النمر كضيف شرف في الندوة التي صاحبتها العديد من الفعاليات شملت عرض فيلم توعوي قصير حول أمراض الدم الوراثية بمناسبة اسبوع امراض الدم الوراثية. كما تم تنظيم معرض تصوير فوتوغرافي للفنان عدنان البحراني الذي تحدث عن رؤيته وتجربته الفنية، بالاضافة لتكريم السباح العالمي فيصل الشلاتي الذي حقق انجازات عالمية في السباحة، والتوقيع على كتاب “ذاكرة الغيم” للكاتبة والشاعرة ريم آل مال الله.
افتتح اللقاء مدير الندوة الاستاذ حسن اسماعيل بمقدمة حول أهمية موضوع الطاقة المتجددة وعلاقته بصناعة النفط واصفا اياه بالموضوع الواضح والضبابي في نفس الوقت اذ أن النفط يعتبر المصدر الأساسي للطاقة وارتهن بالازدهار والرخاء والتقدم الاقتصادي، إلا أنه تصاحبه الكثير من التحديات المعقدة كعلاقات العرض والطلب والتعامل مع الاسواق العالمية والتحديات السياسية وأمن الطاقة، إضافة إلى قدوم موجة جديدة من التحديات البيئية التي أصبحت تشكل عامل ضغط على صناعة البترول. وعرف مدير الندوة بالمحاضر الدكتور سامي النعيم، الذي يترأس جمعية مهندسي البترول ولديه خبرة طويلة في مجال صناعة البترول تنوعت بين هندسة المكامن والانتاج والبحوث والتطوير، ويعمل أيضا كأستاذ غير متفرغ بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
استهل المحاضر الدكتور سامي النعيم كلمته بالتأكيد على أهمية صناعة النفط الاستراتيجية وطنيا وعالميا، مبينا أن حديثة سيشمل رؤيته المستقبلية لصناعة النفط وعرض التحديات التي تواجهه حاليا ومستقبلا، مع طرح بعض الحلول التي تتبناها جمعية مهندسي البترول. وأوضح أن أهم تلك التحديات لم تعد تقنية كما كانت في العشر سنوات الماضية والقلق من انخفاض الاحتياطيات العالمية وعدم قدرة قطاع النفط العالمي على تلبية الطلب المتزايد فيما يعرف بالوصول لذروة الانتاج، بل أن هناك تحديات أخرى مهمة جدا وهي التحدي الجيوسياسي والتحدي البيئي والتحدي التقني.
وحول التحدي الأول، أكد المحاضر أنه لم يوجد مورد طبيعي حظي بما حظي به النفط من اهتمام سياسي وعسكري واقتصادي، مستعرضا تاريخ الأزمات العالمية منذ الحرب العالمية إلى يومنا هذا بسبب الرغبة في السيطرة والتأثير على مصدر الطاقة الرئيسي وهو النفط. واستشهد بالاعتداء المدان مؤخرا على منشآت النفط السعودية في ابقيق وخريص والتي أدت إلى تعطل نسبة من الانتاج الذي يلبي الطلب العالمي، تمت استعادتها سريعا بفضل فاعلية الأنظمة التقنية التي تستخدمها شركة ارامكو. وبين أن صناعة النفط حاليا تقدم 53% من الطلب العالمي على الطاقة، ولا شك أن أمن الطاقة ضروري جدا لاستمرار تقدم هذه الصناعة المهمة لتحقيق الرفاه العالمي، مشيرا إلى أن أمن الطاقة سيكون بارزا في الفترات القادمة، كما حدث لأمن الطيران بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.
وتطرق الدكتور سامي النعيم إلى التحدي البيئي المتعلق بانبعاث ثاني اكسيد الكربون والميثان والغازات الضارة بالاضافة لطرق التخلص الغير سليم من البلاستيك ضمن ما يسمى اليوم بتحديات التغير المناخي. وذلك له تأثير سلبي كبير على سمعة قطاع صناعة النفط وقدرته على جذب المواهب الشابة في التعليم والوظائف، فهناك عزوف عن الدراسة والعمل في مجال النفط مؤخرا، كما يهدد أيضا فرص جذب الاستثمارات له. وأوضح ان بعض تلك الاتهامات ليست صحيحة أو انها لا تخص قطاع صناعة النفط وحده بل تمتد لمجالات وصناعات أخرى ولأسباب متعددة مثل قطع الاشجار وصناعة الفحم وتربية الحيوانات.
واشار في محاضرته لتوصيات اسبوع المناخ في الامم المتحدة بالوصول لمعدل انبعاث مساوي للصفر تقريبا بحلول عام 2050م، موضحا ان هذا التحدي يطرح قضايا فرعية اخرى ايضا منها معالجة الممارسات المعتادة مثل احتراق الغاز المصاحب للنفط. وأوضح أن التحدي الحقيقي في صناعة النفط يكمن في القدرة على تحقيق المعادلة الصعبة بين معالجة التحدي البيئي وتحقيق الازدهار العالمي بتوفير الطلب المتزايد على النفط، حيث أن الازدياد المضطرد في أعداد السكان في العالم بمقدار مليار وسبعمائة مليون نسمة خلال العشرين سنة القادمة معظمهم في الدول الضعيفة اقتصاديا، وأنهم سيستهلكون مصادر طاقة تقليدية مثل الحطب وغيره الضار بالصحة والبيئة، مما يستوجب توفير طاقة بديلة أكثر ملاءمة. كما أوضح ان الطلب العالمي سيزداد على النفط بحلول عام 2040م بمعدل 15% في مقابل 25% على الغاز.
وأعرب عن تفاؤله باستجابة شركات النفط العالمية لمعالجة التحدي البيئي من خلال استراتيجيات خاصة بازالة انبعاث الكربون من هذه الصناعة عير زيادة احتجاز الميثان والغازات الهاربة والمزيد من البحث والتطوير وتحسين كفاءة الطاقة، وتنظيم الندوات والمؤتمرات المتخصصة اضافة لدعم انشطة اخرى مثل زراعة الاشجار. واشاد باستراتيجية جمعية مهندسي البترول والتي كان من اهمها عقد لقاء خاص بالاستدامة جمع قيادات صناعة النفط مع المهتمين في المجتمع المدني والبيئة والبنوك الدولية، والذي قدم العديد من التوصيات والمبادرات أهمها انشاء منصة حوار دائمة لتمكين اكبر قدر من التعاون والتواصل بين مختلف الشركاء.
واستعرض بعد ذلك أبعاد التحدي التقني المتعلق بتوظيف تقنية الذكاء الاصطناعي التي يمكن أن تطور من صناعة النفط وتحل العديد من التحديات السابق ذكرها، كالحقل الذكي والحفار الذكي وغيرها من التقنيات الحديثة. وأشاد بمستوى انجاز الشركات الوطنية في هذا المجال مثل شركة ارامكو وسابك، اللتان توفران معامل تساهم في تجاوز العديد من العقبات في المنشئات النفطية.
بدأت الماخلات بمشاركة من الدكتور منصور الغافلي الذي أشار إلى تركيز شركات النفط العالمية على دول معينة لتلبية الطلب العالمي للنفط مما يؤدي الى انهاكها من ناحية مخزون الطاقة فيها واستهلاك مصادرها، وتساءل الاستاذ عمر القحطاني عن أسباب التوجه في استثمارات صناعة النفط للدول الضعيفة اقتصاديا لانشاء مصافي ومعامل نفط وصناعات بتروكيميائية. وأشار الاستاذ فرحان الشمري إلى الدراسات المتواصلة التي تفيد بالتوجه إلى بدائل الطاقة المتجددة كبديل عن النفط وان التوجه العالمي يسير بهذا الاتجاه.
وعلق الاستاذ نادر البراهيم على التحدي البيئي مشيرا إلى أن شركات البترول العالمية لا تولي اهتماما حقيقيا بقضايا البيئة، مستشهدا بالواقع المحلي حيث غيبت الزراعة ونتج عن ذلك شح في المياه وبرزت ظاهرة التصحر في المنطقة نتيجة لاغفال ذلك من قبل شركات البترول. وناقش الأستاذ عبد الباقي البصارة عدم اهتمام الدول الغربية بموضوع الطاقة المحلية وضعف تفاعلهم مع حماية النفط كما كان سابقا باعتبار أن ذلك مسئولية البلدان المصدرة ذاتها، مشيرا أيضا إلى العلاقة بين السعر العادل والسعر الممكن للنفط مع التوجه لمختلف مصادر الطاقة الاخرى ومن بينها النفط الصخري وغيره.
وأشار الأستاذ عبيد الشمري عن التفاعل الحاصل والدعم المتبادل بين جمعية مهندسي البترول والدول المنتجة للنفط، وطالب الأستاذ علي الشافعي ان لا يكون الاهتمام البيئي لشركات البترول مرحليا واهتماما محدودا بسبب الضغوط الحالية مشيرا إلى أن هذا التوجه جاء متأخرا للغاية، واقترح الاستاذ صالح العمير ضرورة توعية وتثقيف المواطنين عن نسبة التلوث في الجو من خلال وضع مجسات اعلانية في الشارع مثل تلك التي تقرأ درجات الحرارة.
وفي نهاية اللقاء تحدث ضيف الشرف الشيخ عبد اللطيف النمر مشيدا بتجربة منتدى الثلاثاء ودوره التوعوي والتثقيفي للمجتمع، كما تناول تجربته في تجارة الذهب الأصفر مقابل الذهب الأسود الذي كان عنوان الندوة.
لمشاهدة التقرير على اليوتيوب:
المحاضرة الكاملة على اليوتيوب:
كلمة الفنان المصور الأستاذ عدنان البحراني:
كلمة السباح العالمي الأستاذ فيصل اشلاتي:
كلمة الكاتبة الأستاذة ريم آل مال الله:
كلمة ضيف الشرف الشيخ عبد اللطيف النمر: