بين أمواج الخليج العربي المتحركة فنا ومواويلا، وسواحله المنبسطة ثقافة وحوارا، وسعفات نخيله المتمايلة شعرا وأدبا، بزغ في محافظة القطيف بشرق المملكة العربية السعودية ضوء منتدى الثلاثاء الثقافي منذ منتصف عام 2000 ميلادية، ليواصل اشعاعه في سماء الوطن عطاء ثقافيا متميزا على مدى عشرين عاما، بفضل البيئة الثقافية المحيطة والمتفاعلة وجهود القائمين عليه المتواصلة.
على الرغم من انطلاقته البسيطة بمبادرة أهلية من مجموعة مثقفين من أبناء المنطقة، إلا أنه تمكن من تجاوز العديد من العقبات واستطاع تحقيق العديد من أهدافه التي رسمها، فقد حمل على عاتقه ثقلًا مُستحقًا من القضايا الثقافية والاجتماعية، والتي سعى لإيصالها عبر الحوار الجاد والبناء والحر، ومن خلال التواصل مع النخب الثقافية من داخل الوطن وخارجه.
في استطلاعاته التفاعلية والمتواصلة لآراء المتابعين، يتضح أن أكثر ما يميز عمل المنتدى هو الاستمرارية والانتظام في برامجه الأسبوعية، فقد نفذ المنتدى على مدى تسعة عشر موسمًا متتاليًا 426 ندوة أسبوعية، واستضاف في أمسياته الثلاثائية 675 ضيفًا. وتنوعت مجالات مواضيع هذه الندوات بين الفكر والثقافة والتربية والتاريخ والاجتماع والسياسة وحقوق الإنسان، وكان للأدب والشعر نصيبًا وافيًا منها كما قدمت ندوات في قضايا الصحة والتكنولوجيا والرياضة.
ويهتم المنتدى بالعمل على مأسسة هياكله، عبر تشكيل مجلس إدارة بصورة سنوية يقوم بتخطيط وتنفيذ البرامج الثقافية، وهيئة استشارية تتكون من شخصيات ثقافية وإعلامية تقوم بمهام الاشراف وتقديم الاستشارات لإدارة المنتدى.
ويواصل المنتدى مسيرته التنويرية في جهد ثقافي متميز ومتواصل ومنفتح، وبأفق وطني شامل، حيث خاض معترك الحياة الثقافية بكل تفاصيلها على مستوى طرح القضايا المهمة التي لامسها بقلب جسور، ملتزما بمفاهيم التعددية وقيّم التنوع الثقافي ومبادرات نوعية تهدف لتجسير العلاقات مع شخصيات نخبوية متباينة ومؤسسات أهلية ورسمية وطنية رائدة.
ويتبنى المنتدى دعم كل ما من شأنه الدفع بتنمية المجتمع ومؤسساته، وطرح قضايا التجديد والاصلاح، وإبراز قضايا المرأة والشباب، وخلق تواصل حواري مع الجهات والمؤسسات الرسمية. كما دشن المنتدى مبادرات سباقة في دعم وتشجيع الفنون بشتى أشكالها عبر إقامة المعارض الفنية الأسبوعية، وتكريم المنجزين من أبناء الوطن، وإقامة احتفاليات عامة لتكريم شخصيات وطنية رائدة ومرموقة في مختلف المجالات.
ونظير جهوده المتواصلة، حصل المنتدى على تكريم من عدة جهات وطنية رسمية وأهلية، كانت أبرزها من وزارة الثقافة والإعلام في معرض الرياض الدولي للكتاب عام 2010م، وجائزة “شيلوت” من بعثة الاتحاد الاوروبي في المملكة والخليج العربي عام 2018م، كما منح عضوية العديد من المؤسسات الاقليمية المعنية بالحوار.
منتدى الثلاثاء، يحتفي هذا العام ببداية عقده الثاني من عمره في الحياة الثقافية، ويطفئ شمعته العشرون بعد مسيرة حافلة بالإنجاز تدرجت في صعود النجاح وتحقيق الريادة.