بناء التحالف والتجزؤ السياسي في العالم العربي

3٬411

القى الدكتور محمد بن حسين آل عسكر المستشار بوزارة البترول والثروة المعدنية محاضرة في منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء 27 شوال 1426هـ الموافق 29 نوفمبر 2005م وذلك بعنوان “بناء التحالف والتجزؤ السياسي في العالم العربي”. وقد افتتح اللقاء راعي المنتدى الاستاذ جعفر الشايب بكلمة رحب فيها بالحضور مؤكدا فيها على اهمية موضوع تجارب اشكال الوحدة والتحالفات السياسية في العالم العربي ودراسة اسباب نجاح بعضها وفشل الآخر، ومعرفا بالمحاضر المولود في مدينة نجران والحاصل على شهادة الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة اريزونا بامريكا، وهو ناشط اجتماعي وحقوقي ويعمل حاليا مديرا للاعلام والمعلومات والعلاقات بوزارة البترول والثروة المعدنية السعودية.

في بداية محاضرته، تحدث الدكتور آل عسكر عن تعريف التحالف باعتباره آلية او اتفاقية ترمي الى إجراءات تقود للربط الرسمي بين كيانين مستقلين او اكثر طبقا لاهداف مشتركة ومصالح متماثلة لضمان البقاء والمحافظة على النظم السياسية والتكامل الاقتصادي. واستعرض المحاضر تاريخ التحالفات السياسية بين الدول ومبرراتها واشكالها المختلفة المستندة على الاغراض التي تقام من أجلها، مستعرضا محفزات التحالف الخارجية والاقليمية كالحماية من التهديد الخارجي المشترك او وجود تشابه لدى مجموعة من الانظمة السياسية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والجغرافية.

وفي مقابل التحالفات السياسية وبنائها، تحدث المحاضر عن الجانب النظري لعملية التجزؤ والتفكك السياسي وأسبابها حيث عرفها بأنها تشطير كيان سياسي كبير ومعترف به الى وحدات سياسية صغيرة ومتجانسة تشترك مع بعضها البعض في صفات اكثر من غيرها في نفس المنطقة، أو انها انفصام وانفصال يحدث في تكتل حديث التأسيس، وقد لا يعني ذلك سقوط التحالف نهائيا بل انقطاع مؤقت في العلاقات. واستعرض نماذج لحالات تفكك وتجزؤ مختلفة حدثت طوال التاريخ ذاكرا بعض الاسباب والمبررات التي أدت لمثل هذا التفكك وكذلك النتائج التي آلت اليها.

انتقل الدكتور آل عسكر بعد ذلك للحديث عن واقع التحالفات والتجزؤ في العالم العربي من خلال استعراضه للظروف السياسية والاقتصادية التي كانت وراء العديد من محاولات بناء التحالفات السياسية وانهيارها او استمرارها. واشار المحاضر الى مفهوم القومية العربية ودوره في تأسيس ارضية فكرية لتبرير قيام تحالفات سياسية في العالم العربي من خلال مبادئ وافكار الوحدة العربية. كما نوه ايضا بتجربة قيام مجلس التعاون لدول الخليج العربي وتجربة اتحاد الامارات العربية المتحدة كتجربتين سياسيتين ناجحتين على الرغم مما يشوبهما احيانا من عقبات ومشاكل. واستعرض تجارب عربية مختلفة منها قيام جامعة الدول العربية عام 1945م، و”حلف الملوك” بين الرياض وعمان والمغرب وبغداد عام 1957م، والوحدة بين مصر وسوريا، ومنظمة “اوابك” عام 1973م، والامارات العربية المتحدة عام 1971م، ومجلس التعاون العربي عام 1989م.

وقام الدكتور آل عسكر بتقييم أسباب فشل بعض التحالفات الساياسية في العالم العربي والتي أدت الى حالة من التجزؤ والتفكك ذاكرا بأن معظم هذه التحالفات كانت وقتية ومرحلية وليست استراتيجية وناتجة عن ردود افعال لظروف سياسية معينة، كما أنها ابعدت الجانب الشعبي منها واقتصرت على النخب السياسية الحاكمة مما جعلها عرضة للتنازعات وظلت المشاركة الشعبية فيها محدودة للغاية وهي التي كانت ستشكل أداة حماية وصمام امان لاستمراريتها. كما أن معظم هذه التحالفات كانت تفتقد عنصر التكافؤ بين الاطراف والتباين بين النظم السياسية والاقتصادية مما يفقدها الوسائل الضامنة لتحقيق الاستمرار. واشار المحاضر في كلمته الى دور العامل الخارجي كاحد عوائق نجاح واستمرارية التحالفات السياسية في العالم العربي.

وانهى الدكتور محمد آل عسكر محاضرته بالتأكيد على وجود تجارب ومحاولات عديدة وثرية للتحالف والوحدة في العالم العربي، مما يعني أن ارضية التحالفات قائمة ولكنها تتعرض الى اشكالات عديدة تحول دون قيام او استمرار هذه التحالفات منها طغيان الهم الداخلي على المصالح الكبرى المشتركة، وتدخل القوى الخارجية، وغياب المشاركة الشعبية، وضعف مشاريع الاصلاح.

وبعد المحاضرة فتح مدير اللقاء الاستاذ محمد محفوظ المجال لمداخلات الحضور الذي شمل العديد من المثقفين والكتاب والاعلاميين من مختلف مناطق المملكة حيث أكد بعضهم على عدم تضخيم دور البعد الخارجي في هذا الموضوع وجعله عائقا امام محاولات التحالف والوحدة، وعلى اهمية تكريس مفهوم المواطنة وتعزيز المشاركة الشعبية ودورها في استمرار التحالفات السياسية، واهمية اعطاء الجانب الاقتصادي والمصالح المشتركة البعد الاكبر في ادوات التحالف، وكذلك على ضرورة التفكير في صياغة آليات تحالف داخلية اولا في كل دولة ثم الانطلاق منها للخارج كاولوية في تحقيق مصالح مشتركة.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

المحاضرة الكاملة:

 

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد