الشباب وأزمة الاغتراب الاجتماعي

4٬072

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف في اولى ندواته للموسم السادس مساء الثلاثاء 9 شعبان 1426هـ الموافق 13 سبتمبر 2005م الاستاذ الدكتور عبد العزيز عبد الكريم المصطفى استاذ التربية بجامعة الملك فيصل بالاحساء متحدثا حول قضية الاغتراب الاجتماعي لدى الشباب.

وقد افتتح اللقاء راعي المنتدى الاستاذ جعفر الشايب الذي رحب بالحضور مؤملا أن يكون هذا الموسم مليئا بالعديد من البرامج والحوارات والمحاضرات المهمة حول مختلف القضايا. وذكر نبذة مختصرة عن المحاضر الحاصل على درجة الدكتوراة في فلسفة التربية من جامعة بتسبرغ بامريكا، وله عدة مؤلفات في علم النفس الحركي اضافة الى عشرات البحوث العلمية المحكمة المنشورة، كما أن له عدة انشطة في الحركة الرياضية على صعيد المملكة وله مشاركات تربوية متعددة.

بدأ المحاضر حديثه بالقاء الضوء على بعض المعلومات المهمة المتعلقة بازمة الشباب في العالم العربي اجمالا وفي السعودية تحديدا، وذلك من ناحية نسبة الشباب بين مجمل السكان والنمو المتسارع في أعدادهم وبالتالي تزايد الحاجات الخاصة بهم من النواحي التعليمية والعملية والاجتماعية والاقتصادية. واستند على تقارير دولية ومحلية في رصد زيادة المشاكل المتعلقة بالشباب وبالخصوص في مجالي التعليم والعمل وقلة الفرص المتاحة لهم مؤكدا على أن كل هذه المشاكل تنعكس بصورة لا ارادية على علاقة الشباب بمجتمعهم وبالتالي حتى بوطنهم، مشيرا الى بعض المتغيرات المهمة التي يمر بها الشباب ومنها مستوى التعليم وضعف مخرجاته، سوء استخدام وقت الفراغ، ضعف الرواتب، وعدم توفر انشطة مناسبة لهم.

انتقل المحاضر بعد ذلك للحديث عن موضوع الاغتراب واشكاله وآثاره النفسية والاجتماعية، فذكر بأن مفهوم الاغتراب يتسع حيث يشتمل على علاقة الشاب بذاته وبالآخرين، كما يشتمل أيضا على الجوانب الاجتماعية والنفسية والسياسية. ويعرف بأنه انهيار العلاقات الاجتماعية كعدم الرضا والرفض لكل قيم المجتمع والأسرة والمدرسة والجامعة، ويدور حول الشعور بعدم الانتماء، وانعدام الشعور بالحياة، والعجز عن التوافق سواء مع النفس أو مع الآخرين. وأشار المحاضر الى أن الاغتراب يرتبط بعدة ابعاد من ابرزها العزلة الاجتماعية، والشعور بالعجز وضعف الانتماء، والنظرة السلبية، وعدم الهدفية، وتنامي حالة الرفض والتمرد لديه.

كما ذكر المحاضر ايضا الآثار النفسية والاجتماعية لمشكلة الاغتراب الاجتماعي ومنها عدم شعور الشاب بالانتماء للمجتمع بمفهومه الشامل أو الضيق، والشعور بالرغبة في العزلة، وكذلك سوء التكيف، والتعرض للأمراض النفسية والنفسجسمية، والانحرافات بمساراتها المتعددة من خروج على النظام وتمرد وشذوذ وتعصب وعنف وإرهاب وتخريب ..إلى جانب العديد من الأمراض النفسية-الاجتماعية، كفقدان الحس الاجتماعي والهوية والانتماء الوطني والسلبية واللامبالاة. وأشار الدكتور المصطفى الى نماذج مختلفة لحالات من الاغتراب الاجتماعي لدى بعض الشباب عبر عرض أمثلة متنوعة لسلوكيات تعبر عن هذه الحالة، كما وضح الاسباب الذاتية (الداخلية) والخارجية التي تهيأ لوجود مشكلة الاغتراب الاجتماعي لدى الشاب ومنها السيطرة الاجتماعية وانعدام الحوار والتسلط الاسري والتغييرات الاجتماعية والخوف من المستقبل والتمييز بمختلف اشكاله.

كما تحدث المحاضر مفصلا عن دور المؤسسة التعليمية في تعميق الاغتراب الاجتماعي لدى الشباب بدلا من تخفيفه بسبب ضعف العملية التربوية المعتمدة على التلقين وعدم وجود قنوات حوار وتواصل داخل هذه المؤسسة، مؤكدا على عدة حقائق تم التوصل اليها نتيجة ابحاث ميدانية متعددة من ابرزها أن حالة الاغتراب تخف كثيرا لدى الطلبة المتفوقين، أو الذين يرتبطون بعلاقات اجتماعية جيدة في المدرسة، وكذلك الذين ينتمون لأسر أكثر تماسكا واستقرارا والحال واضحة مع الطلبة الذين يتواصلون مع مدرسيهم ويشاركونهم الانشطة، مشيرا إلى أنه وجد أيضا أن حالة الاغتراب موجودة لدى الشباب اكثر منها لدى الشابات.

وفي ختام محاضرته، تحدث الدكتور المصطفى عن استراتيجيات العلاج ذاكرا اولا المجال التعليمي كأساس ينبغي تطوير مناهجه ووسائله بصورة مستمرة والتأكيد على الديمقراطية التربوية والتواصل الابداعي الفعال، وثانيا المعالجة الصريحة للمشكلات ككيفية التعامل مع مظاهر العنف والتطرف وقضايا التنوع والتعددية والمساواة في الفرص، وثالثا المجال الاقتصادي عبر الاهتمام بالشباب وتأمين حقهم في الحياة الكريمة ومساعدتهم في توفير حاجاتهم الاساسية كالمسكن والعمل والتعليم والصحة، ورابعا مجال الانشطة الشبابية عبر تشجيع المنظمات والأندية الشبابية والاتحادات الطلابية والنقابات وتشجيع مجالات الابداع المختلفة، وخامسا مجال العمل الأهلي التطوعي وذلك لاستيعاب طاقات الشباب واشراكهم في تنمية علاقتهم بمجتمعهم ووطنهم، وسادسا وأخيرا مجال الاعلام عبر الاهتمام بالإعلام الطلابي والشبابي بوجه عام وفي مختلف الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة وذلك بعمل صحف ومجلات طلابية ، وتصميم برامج متخصصة تتناول قضاياهم ومشكلاتهم وكيفية مواجهتها، وتعليمهم المهارات في حل مشكلاتهم الخاصة.

وفي نهاية اللقاء شارك الحضور بمجموعة مداخلات حول موضوع المحاضرة، وطرحت العديد من الأسئلة التي أجاب عليها المحاضر بصورة أكدت على أهمية هذا الموضوع وجدارته بالدراسة والتوسع والمتابعة على مختلف المستويات.

 

التغطية الإعلامية

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد