الدخيل يناقش ولاية المتغلب و ولاية الفقيه في منتدى الثلاثاء

3٬776

في أمسية اتسمت بالنقاش الساخن والثري بين الحضور وضيف الندوة, استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء 25جمادى الاول 1433هـ الموافق 17 أبريل 2012م البروفسور خالد الدخيل, الباحث السياسي المعروف و أستاذ علم الإجتماع السياسي بجامعة الملك سعود بالرياض سابقاً, للحديث حول “الحقوق والحريات: قراءة في وثيقة الأزهر”.
وعرف مدير الندوة وعضو اللجنة المنظمة للمنتدى الأستاذ زكي البحارنة الضيف بأنه حاصل على درجتي الماجستير والدكتوراة في علم الاقتصاد السياسي من جامعة كالفورنيا في لوس أنجلوس، وكانت رسالته لدرجة الماجستير عن ثورة 23 يوليو ولدرجة الدكتوراة عن الجذور الإجتماعية للحركة الوهابية في وسط الجزيرة العربية.

استعرض الدكتور الدخيل في بداية اللقاء نظرية ولاية المتغلب التي تمثل مفهوم فقهاء السنة في الحكم من خلال إضفاء المشروعية الدينية على عامل القوة والغلبة في الإستيلاء على السلطة، مع تجاهل كامل لكل العوامل الأخرى في واقع المجتمع كاختيار الأمة وقبولها لمن يتولى السلطة عليها. وأشار إلى أن هذه النظرية هيمنت على المشهد السياسي العربي منذ الدولة الأموية وحتى أيامنا هذه بصيغ وأشكال مختلفة للدولة تبعا للمرحلة التاريخية التي تنتمي إليها.

وانتقل للحديث عن استنفاذ هذه النظرية أغراضها مع بداية الربيع العربي حيث بدأت التجربة السياسية العربية تأخذ منحا مختلفا لصالح نظريات أخرى تتقاطع مع الموروث الفقهي لنظرية الدولة، مشيرا إلى ثلاث تطورات تمثل معا مؤشرا واضحا على هذا التحول السياسي. هذه المؤشرات هي تزامن موجة الثورات الشعبية في خمس دول عربية، وفوز الإسلام السياسي، وصدور وثيقتين عن الجامع الأزهر تعتبران ثورة على الفكر السياسي الذي كان الإستبداد يستظل بظله.

من هنا انطلق المحاضر للحديث عن “وثيقة الأزهر” التي تحتوي على أحد عشر بندا من أهمها تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة، واعتماد النظام الديمقراطي القائم على الإنتخاب الحر المباشر، والالتزام بمنظومة الحريات الأساسية في الفكر والرأي. واعتبر الدكتور خالد الدخيل الوثيقة كأول وثيقة سياسية صادرة عن واحدة من أكبر المؤسسات الدينية في العالم العربي تؤسس فكريا لانتهاء صلاحية نظرية ولاية المتغلب والتي استنفذت أغراضها.

كما اوضح المحاضر بأن الأزهر بهذه الوثيقة أسقط مبدأ عدم جواز الخروج على ولي الأمر حتى ولو كان ظالما أو فاجرا، و أسقط معه شرعية تغلب الشوكة وقهرها كوسيلة لتولي السلطة، واستبدلها بشرعية الإقتراع، ورضا الشعوب، وحريتها في الإختيار.

ثم تناول الدكتور الدخيل موضوع ولاية الفقيه لدى فقهاء الشيعة الإمامية أو الإثنا عشرية، والتي جاءت كتدخل فقهي-نظري لإنقاذ الفكر السياسي الشيعي من حالة الجمود التي انتهى إليها في أعقاب غيبة الإمام الثاني عشرأوائل القرن العاشر الميلادي. واوضح أن المقصود بولاية الفقيه هو أن يحل الفقيه محل الإمام الغائب في تولي السلطة السياسية الكاملة، مبينا حجم الجدل حول الصلاحيات التي يجوز انتقالها من الإمام للولي الفقيه طوال الفترات التاريخية المختلفة. كما استعرض المسار التاريخي لتطور نظرية ولاية الفقيه منذ أن بدأت في التبلور على يد الفقيه الإيراني أحمد نراقي أوائل القرن التاسع عشر الميلادي، إلى أن انتظمت في دولة سياسية أعقاب الثورة على الشاه في العام 1979م.

وفي إطار المقارنة بين نظرية ولاية المتغلب وولاية الفقيه، أوضح المحاضر أن الأولى ولدت في دمشق مع قيام الدولة الأموية والثانية ولدت فكريا في إيران ثم تجسدت سياسيا مع قيام الثورة الإسلامية هناك، وأن كلتا النظريتين الإسلاميتين تنتميان إلى جذر إجتماعي واحد وهو الخلاف الذي حصل في سقيفة بني ساعدة حول من يحق له الخلافة بعد وفاة الرسول (ص).

وناقش الدكتور الدخيل تاريخ تطور الصراع السياسي داخل الجماعات الإسلامية منذ السقيفة، موضحا أن ولاية المتغلب تأسست على فرضية مفصلية وهي أن الحكم والشأن السياسي موضوع دنيوي وليس موضوعا دينيا، بالتالي فإن معالجته تتم ضمن حدود الفقه والإجتهاد البشري. من جانبها تبنى نظرية ولاية الفقيه إمتدادا لنظرية الإمامة والعصمة على فرضية أن الحكم والسلطة السياسية موضوع ديني صرف يعود أمر تقرير من يتولاه إلى الله عز وجل والنص المقدس، وبالتالي ضمن حدود العقيدة والإيمان.

واختتم المحاضر مقارنته بأن نظرية ولاية المتغلب نظرية واقعية مفرطة في واقعيتها، وهو مما سيسهل عملية استبدالها، أما ولاية الفقيه فهي على العكس من ذلك نظرية ثيولوجية مفرطة في ثيولوجيتها، موضحا بأن تحقق بعض تطلعات الربيع العربي سوف يغير من الإطار التاريخي لعلاقة السنة مع الشيعة.

بدأ المداخلات الدكتور توفيق السيف الذي أوضح أن المدرسة الشرعية لا تقبل النصوص الحديثة، وأن هنالك ضرورة لتفكيك الجدل حول العلمانية. بينما تحدث الشيخ سعيد الحرز عن الخلط الدائر بين الدين كإطار فكري والشريعة كتطبيق، متسائلا عن إمكانية خروج المثقف الليبرالي عن نسقه المذهبي.

وتحدث الأستاذ محمد المحفوظ عن أنه من السابق لأوانه القول بأن الربيع العربي ينهي دولة المتغلب حيث أنه أبعد بعض المستبدين ولكنه لم يبعد حالة الإستبداد، أما الأستاذ خالد النزر فقد بين في مداخلته بأن ولاية المتغلب هي واقع لا يختص بأهل السنة فقط طوال التاريخ الإسلامي مع تأكيده على وجود نصوص دينية لدى الشيعة حول الإمامة.

وأكد الأستاذ عبد الله العبد الباقي على أن الثورات الشعبية في الدول العربية هي حقوقية في الأساس وليس من الصحيح النظر إليها من زاوية مذهبية ضيقة، وينبغي عدم شرعنة التدخل الخارجي في أي منها. وطرح الأستاذ ميثم الجشي تساؤلا حول إمكانية تحقيق العدالة في ظل نظام ديني.

وأوضح الشيخ حسن الصفار في مداخلته أن موقف المحاضر من الحركات الإسلامية وتفسيره لدورها أتى منسجما مع طرحه الليبرالي، كما انتقد الخلط الذي دار في الندوة بين التحليل السياسي وربطه بالعقيدة والإشكالات حولها مع أن لكل منهم مجاله البحثي المنفصل.

وفي نهاية اللقاء أجاب الدكتور خالد الدخيل على أسئلة الحضور و مداخلاتهم, بطريقة أثارت لديهم تساؤلات جديدة و نقاشات حادة وثرية حول القضايا التي طرحها في الندوة.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:   

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد