استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء 1 ربيع الأول 1428هـ الموافق 20 مارس 2007م المهندس عارف السلطان باحث التخطيط في جهاز الهيئة العليا للسياحة بالمنطقة الشرقية متحدثا حول “أفاق ومجالات السياحة في المنطقة”. وأدار اللقاء الأستاذ علي الخباز الذي عرف المحاضر بأنه من خريجي كلية العمارة بجامعة الملك فيصل وعمل منذ تخرجه في أبحاث التخطيط في الهيئة العليا للسياحة. وقد رحب راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب بالمحاضر والضيوف المهتمين بالآثار والسياحة في المنطقة داعيا إلى تفعيل شراكة مجتمعية حقيقية للعمل في هذا المجال.
بدأ المهندس السلطان حديثه حول رؤية الهيئة العليا للسياحة في المملكة العربية السعودية وأنها تسعى إلى تنمية سياحية قيِّمة ومميزة، ذاتِ منافعَ اجتماعيةٍ، وثقافية، وبيئية، واقتصادية مؤكدا على ان ما تقوم به في هذا المجال تحقق تنوعاً اقتصادياً وإثراءً اجتماعياً، وتوجد فرصاً للعمل وتحافظ على البيئة والأصالة الثقافية. وأكد في حديثه على أهمية التراث وأنه يمثل ارث ثمين وضعته أجيال متعاقبة، كما انه وسيلة التلاحم بين الماضي والحاضر، ويمثل العنصر الأهم من العناصر السياحية الثقافية، وأشار أيضا إلى أسهام التراث في تعزيز اقتصادات المجتمعات المحلية.
واستعرض مسئول الهيئة العليا للسياحة العلاقة بين السياحة والتراث موضحا ان هناك علاقة متبادلة ومنافع مشتركة بين صناعة السياحة والتراث، وأن التراث الثقافي يمد صناعة السياحة بعناصر جذب مميزة وموارد للمنتجات السياحية، وأكد على ان صناعة السياحة تعتمد على عرض ذلك التراث وتقديمه وكذلك توفير التمويل اللازم لحمايته. كما وضح أيضا على ان السياحة الثقافية تقوم على استهلاك مواد التراث الموجودة في المتاحف والمواقع الأثرية والتراثية، وإنها تساعد على تحقيق أهداف تربوية وتثقيفية، وتدعم الانتماء الوطني والتواصل الحضاري والثقافي مع المجتمعات الأخرى. وأشار كذلك إلى ان السياحة الثقافية تهتم بالسائح المحلي والوافد على حد سواء. مشيرا إلى أنها تمثل 37% من أجمالي سوق السياحة الدولية وتنمو بمعدل 15% في العام تقريباً.
وتطرق السلطان إلى الضوابط التي تتبعها الهيئة لاستثمار مواقع التراث ومنها وجوب التعامل معها بأسلوب التنمية المستدامة التي تقوم على المحافظة على الموارد والمقومات الأساسية في المقام الأول، وتحقيق استفادة اقتصادية منها بطريقة متوازنة، وتعزيز مصالح للمجتمع المحلي. وأستعرض بعد ذلك تصنيف الموارد التراثية في المملكة ذاكرا منها المواقع الأثرية وانه تم حصر نحو 6500 موقع ذي أهمية سياحية متفاوتة بعضها يمتلك مقومات تجعله وجهة سياحية عالمية بذاته، ومنها أيضا المواقع التاريخية المرتبطة بالتاريخ القديم والإسلامي وتاريخ المملكة، والمواقع المرتبطة بالتراث الأدبي، والمتاحف وأبرزها المتحف الوطني، ومواقع التراث العمراني، والحرف والصناعات التقليدية، والتراث الشعبي المرتبط بالعادات والتقاليد والمهرجانات التراثية والفنون الشعبية وتراث المناطق الصحراوية والجبلية والساحلية.
وحول الامكانات السياحية لموارد التراث الثقافي في المملكة أشار إلى امتلاك بعض مناطق المملكة إمكانات سياحية كبيرة من حيث التنوع و الأهمية و الجاذبية والشكل العام، ولكنها ليست على حد سواء في هذه الإمكانات. وتطرق أيضا إلى ان اختيار مواقع تراثية لتنميتها سياحياً يعتمد على مجموعة معايير ومنها إدارة الموقع والبنية التحتية الموجودة فيه وقربه من الأسواق السياحية وجاذبيته البصرية وقدرته على إثارة الرغبة والاهتمام في نفوس زائريه وإمكاناته التسويقية وكذلك مجالاته التعريفية والتعليمية في ترويج ثقافة معينة أو رسالة معينة وأخيرا قدرته الاستيعابية ومقدار تحمله لضغوط الزائرين.
وأوضح المهندس السلطان في حديثه على وجود فرصة حقيقية لتنامي الاستهلاك السياحي لمواقع ومواد التراث الثقافي من قبل المستهدفين في السوق المحلي والعربي والإسلامي والدولي. ويتطلب لتحقيق ذلك التعامل مع أمور عدة منه تسهيل وصول المستهلكين إلى هذه المواقع والموارد، وإزالة العقبات التي تحد من ذلك وتوفير متطلبات العرض وخدمة الزوار وإدارتهم وأخذ الموجهات التي تحقق التنمية المستدامة بعين الاعتبار.
وانتقل بعد ذلك للحديث عن مبادرات الهيئة للمحافظة على التراث وتنميته ومنها حصر وتقييم موارد التراث المتاحة في المملكة وتصنيفها ووضع معايير لترميم مباني التراث العمراني، وفق أفضل ما توصلت إليه التجارب الدولية من بينها مشروع تطوير مواصفات ترميم المباني الطينية والحجرية، وتسجيل المواقع الأثرية والتاريخية في قائمة التراث العالمي لدى اليونسكو، وبرنامج التوعية بأهمية التراث العمراني على مستوى المملكة، ومشروع تطوير وإعادة تأهيل الأسواق الشعبية، وإعداد استراتيجية وخطة عمل خمسية لتطوير الحرف والصناعات التقليدية بوصفها قطاعاً اقتصادياً، وتأهيل وتطوير التراث العمراني بموانئ البحر الأحمر التاريخية، وكذلك إعادة تأهيل المباني التاريخية التابعة للدولة، وإعادة تأهيل المواقع التراثية بالتعاون مع القطاع الخاص والملاك، وإنجاز استراتيجية تطوير قطاع الآثار والمتاحف، وإدراج حماية وتأهيل التراث العمراني ضمن النظام، ومبادرة تحسين مراكز المدن التاريخية، ومنع الإزالة العشوائية لمباني التراث العمراني.
وتحدث في نهاية محاضرته عن مشاريع الهيئة القائمة حاليا في منطقة عسير وذكر منها مشروع دراسة تطوير وسط مدينة أبها، ومشروع تطوير قرية المفتاحة ومشروع متحف عسير الأقليمي، ومشروع تطوير سوق محايل عسير الشعبي ومشروع إعداد خطة تنمية سياحية لقرية رجال المع. واستعرض بعد ذلك نماذج من تجربة المملكة في المحافظة على التراث العمراني وتنميته. كما أكد على اهتمام الهيئة العليا للسياحة القائمة بالمنطقة الشرقية عموما وفي محافظة القطيف خصوصا ومن أبرزها مشروع تطوير سوق الخميس والبلدة القديمة بتاروت ومرفأ دارين والعيون الأثرية في المحافظة. ودعا المهتمين بالتراث والمقتنيات الأثرية والتاريخية وكذلك رجال الأعمال إلى التعاون الجاد من اجل تفعيل هذه المبادرات والمشاريع السياحية وتنميتها.
المحاضرة الكاملة: