بمناسبة الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف الناشط الحقوقي الأستاذ محمد المسقطي مساء الثلاثاء 25/12/1429هـ الموافق 23/12/2008م متحدثا حول موضوع “الشباب وحقوق الإنسان.. نحو دور فاعل”.
وقد أدار الندوة عضو اللجنة المنظمة للمنتدى الأستاذ موسى الهاشم؛ فقدم لها بالحديث عن أهمية الشباب في المجتمع وعن المستقبل المشرق الذي يمثلونه لمجتمعاتهم كونهم العنصر الأساسي الفاعل الذي تراهن عليه الشعوب في ظل التحولات التنموية السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها. ولأن شريحة الشباب تمثل النسبة الأكبر من مجمل السكان في المجتمعات العربية؛ فإن الاهتمام بقضاياها يعتبر أولوية قصوى بالنسبة لصانعي القرار والقيادات المجتمعية. وقد عرف الهاشم بالضيف وهو طالب جامعي من مواليد مملكة البحرين، حاصل على العضوية الفخرية في منظمة الكشافة العالمية للشباب، وعلى العديد من الدورات التدريبية في مختلف المجالات الإدارية والحقوقية وغيرها. شارك في بعض الدورات التدريبية بالتعاون مع عدة منظمات حقوقية، وهو رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان، وعضو في مجموعة من المنظمات واللجان الحقوقية، كالشبكة الدولية لمعلومات حقوق الطفل، ومنظمة التخطيط الاستراتيجي، وشبكة تكامل للشباب العربي.
بدأ الأستاذ المسقطي طرحه بالحديث عن أهم مبادئ حقوق الإنسان المتمثلة في شموليتها التي لا تقبل التجزؤ، وكونيتها التي لا تقبل الاستثناء؛ فهي لا تنادي بحق دون حق، ولا تدافع عن إنسان دون آخر؛ مؤكدا على مبدأ أخذ الحقوق لا إعطائها، ومحفزا الحضور على التعاطي معه في حوار مفتوح حول هذه القضايا. وتحدث الضيف عن سبل تحقيق الحقوق، مركزا على منهج اللاعنف أساسا للممارسة الحقوقية للإنسان، واستعرض درجات وآثار العنف الذي يلجأ له البعض اعتقادا منهم بكونه الطريقة الأمثل في التعامل مع من ينتهك حقوق الآخرين؛ متناولا في ذلك مبدأ الكرامة الذي لا يمكن للبشر تحقيقه في حياتهم قبل توفير المعايير الأساسية لذلك والمتمثلة في الحرية والعدالة والسلام.
بعد ذلك انتقل المحاضر للحديث عن الشباب واستعراض تصوراتهم حول ما يمثله موضوع حقوق الإنسان لهم، ممثلا لذلك بمشاهد من حياة الشباب العربي في البيت والشارع، وباحثا مع الحضور عن الدور الذي يمكن للشباب القيام به في مجتمعهم مقارنا له بدورهم القائم فعلا؛ ليثير سؤالا مهما حول مدى القناعة والرضا بذلك الدور. قدرة الشباب على تقديم دور أكثر فاعلية مما هو عليه الحال كانت محل اتفاق أغلب الحضور الذين أشاروا لبعض المعوقات التي تحول بين الشباب وممارسة دورهم بالمستوى المطلوب، مما حدا بالمحتضر ليؤكد على دور الرغبة الحقيقية لدى بعض الأفراد في تقديم عمل فاعل للمجتمع؛ مستعرضا تجربة مجموعة من شباب صربيا في العام 2000م في تأسيس جمعية آتبور (المقاومة) والتي بدأت بعشرين طالبا نشطا تتراوح أعمارهم بين الخمسة عشر والعشرين عاما، مشيرا لدور هذه الجمعية التي عملت بجد وهدوء في تحرك سلمي لتأسيس حركة مطلبية لتوعية المجتمع وتنظيم جهوده التي ساهمت في تحويل صربيا إلى بلد ديمقراطي يراعي حقوق الإنسان.
وقد عرض المسقطي في ختام حديثه فيلما وثائقيا عن تاريخ الجمعية ونشاطها وقياداتها الذين استطاعوا استقطاب أربعة ملايين عضو للمنظمة في فترة قياسية، مشيرا للمناصب العليا التي تسلمها بعض هؤلاء الشباب، كرئاسة أحدهم للبرلمان الصربي عن طريق الانتخاب. وشارك الحضور بإبداء وجهات نظرهم حول ما طرح؛ فتساءل الأستاذ فلاح الحبيل عن الطريقة المثلى لزرع الثقة في نفوس الشباب بجدية مفهوم حقوق الإنسان، وأشار المحاضر في معرض إجابته عن دور الدافع للإلمام بهذه الحقوق والقادر على خلق ثقة في مدى أهميتها للإنسان. كما لفت الأستاذ محمد السنان لدور الغرب الفاعل – وتحديدا أميركا – في مشروع نشر الديمقراطية في صربيا وأوروبا بشكل عام؛ ليتداركه الأستاذ حسين العلق باعتراضه على فكرة تبني نظرية المؤامرة من قبل كثير من المثقفين في تحليلهم للأمور؛ مؤكدا على أولوية العامل الداخلي في أي تغيير وتحول ديمقراطي.
الأستاذ جعفر الشايب تحدث عن الإحباطات التي يعيشها الشباب في مجتمعاتهم، واعتبرها السبب الرئيسي لحالات العنف والجريمة والانحراف التي انتشرت بشكل واضح جدا مؤخرا، مؤكدا على ما يمثله مجال حقوق الإنسان من ركيزة مناسبة لاستقطاب الشباب وتوجيههم الوجهة الصحيحة، واستغلال رغبتهم في العطاء مقابل الأخذ؛ ونبه في ذلك إلى عدم كفاية الوسائل الوعظية والتقليدية في هذه المرحلة على استيعاب قضايا الشباب وهمومهم لتفعيل دورهم في مجتمعهم.
كذلك دعا الشايب إلى تكريس مفاهيم حقوق الإنسان بمختلف مجالاتها ونشر ثقافتها في مجتمعنا لحاجته الماسة لذلك،مشيرا إلى الآفاق الواسعة التي لم تعد محدودة أو مقتصرة على البعض دون البعض الآخر في ظل الانفتاح والتواصل العالمي؛ الذي يمكن استغلاله لتشبيك العلاقات مع المؤسسات القائمة في المجتمع كالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وهيئة حقوق الإنسان، فضلا عن المؤسسات الإقليمية والدولية، وذلك عبر الكثير من البرامج والدورات والأنشطة، وإلى الآثار الإيجابية التي يعكسها ذلك الجو على نفسيات الشباب وجعلهم أكثر تفهما لواقع مجتمعهم والتعاطي معه بنضج وتعقل.
المحاضرة الكاملة: