دور المنتديات في نشر الثقافة الواعية والمسؤولة
من غير شك أن للتواصل بين الفئات الاجتماعية عبر المنتديات الحوارية والثقافية المنتشرة هنا وهناك يثري الحالة الثقافية بين هذه الفئات. فالتحرك في فضاءات الثقافة والحوار من شأنه أن يعمّق ويقوي قيمة التثاقف الجادّ والهادف؛ فتتعزَّز العلاقة بين النخب الاجتماعية والثقافية وبين الفئات الأخرى؛ فيتّجه المجتمع إلى موقع أسمى. فالعمل الواعي بطريقة أو بأخرى فيه من القوى الكامنة ما تكفي لتوجيه الوعي الاجتماعي نحو مسؤولياته المتعددة والمرتبطة بمختلف جوانب الحياة من أجل استنهاض قدرات الإنسان على قراءة المتغيرات بعقل منفتح وبعمل فعّال. إن ما يقدّمه مثقّف، أو صاحب رأي، أو أكاديمي في هذه المنتديات يمثّل أهمية كبيرة. فمن خلال هؤلاء تتبلور القيمة الرفيعة للمنتديات، وتتحول إلى منبر يعنى بالشأن العام بكل تمظهراته الثقافية، والاجتماعية، والفكرية . . . إلخ. بل من واجب هذه المنتديات أن تأخذ على عاتقها مهمّة دفع الوعي الاجتماعي إلى إدراك ضرورة نشرة ثقافة تتحمّل عبء التغيير بمسؤولية. فالتبشير بمثل هذه الثقافة بين الناس يساهم إعلامياً وبفعّالية في إحداث هذا النوع من الثقافة في المجتمع؛ فيجعلها واقعاً محسوساً. جانب آخر مهم للمنتديات، هي أنها تهيئ مناخاً اجتماعياً ونفسياً لإجراء الحوارات والمجادلات الفكرية والعلمية والاجتماعية. فمن هنا، تتكوّن ما يسمى البيئة الصالحة للتعبير عن الرأي بنوع من الحرية والانفتاح. بل هي بيئة تعزّز التسامح والمرونة وتكشف المنحى الخطير لأحادية الرأي والفكر الذي يدفع باتجاه مواقف التصلب والتطرف. فوعي هذه الأحادية من خلال أطروحات ورؤى مغايرة تحث على التسامح واستيعاب الآخر بصدق، هو جزء أساسي من ديمومة المنتديات ومساهماتها المستنيرة لتطوير ثقافة المجتمع وفكره، وتوجيه حركته الاجتماعية بما يحقق في نهاية الأمر الأهداف التي على أساسها انبثقت هذه المنتديات. يُعد استمرار نشاط المنتديات أمراً حيوياً؛ لأنه يضخ دماء متجددة في المجتمع تبعث فيه القدرة على العطاء وتشخيص الأحداث. فالتمكين الذي يقدّمه هذا الاستمرار يجعلنا أكثر خصوبةً في طاقاتنا التي من المهم أن تتوجّه نحو إيجاد حلول لمشكلاتنا الصغيرة والكبيرة حتى وإن بدت بالغة التعقيد والاستعصاء.