في ندوة حواريّة تثقيفية نظمها منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 3 جمادى الثاني 1444هـ الموافق 27 ديسمبر 2022م تحت عنوان “التمكين الصحي ورفاه المجتمع”، وحضرها نخبة من العاملين في القطع الصحي، سلّطت الدكتورة فاطمة الهملان الضوء على ملف التمكين الصحي في المملكة ودور الأفراد والمنظمات الحكومية وغير الحكومية في تعزيز الصحة ورفاه المجتمع. وأدارت الندوة الأستاذة جنان العبد الجبار، كما شارك فيها الدكتور عبد الرزاق السيف كضيف شرف حيث ألفى كلمة في نهاية الندوة وسلم دروع التكريم للمشاركين فيها.
وافتتح اللقاء عضو المنتدى الأستاذ أمين الصفار بالترحيب بالحضور، وكانت أولى الفعاليات المصاحبة عرض لفيلم قصير حول مبادرة “جزيرتنا خضراء” التي نظمها مجلس أهالي الربيعية، ثم كلمة للفوتوغرافي محمد العبيدي الذي أقام معرضا فنيا لأبرز أعماله متحدثا حول مسيرته في مجال التصوير الضوئي والتحديات التي واجهته. وتم بعد ذلك تكريم المدرب الرياضي محمد اليوسف على إنجازاته في تمثيل المملكة في بطولات السباحة، ودوره في تدريب الكثير من سباحي المنطقة. ووقعت الكاتبة مريم سهوان على مجموعتها القصصية “ارتواء”، وتحدثت حول كتابها وتجربتها في الكتابة القصصية.
قدمت مديرة الندوة الأستاذة جنان العبد الجبار اللقاء بالحديث حول اتجاهات تطور الوضع الصحي في المملكة وقضايا التمكين، معرجة على أبرز المحاور التي تتناولها الندوة وهي: عرض لأبرز معالم تطورات النظام الصحي في المملكة والتغيرات التي طرأت عليه، والدور المؤسسي والفردي في مجال تعزيز الصحة في المجتمع، والمرأة والتحديات التي تواجهها في مجال التمكين الصحي، وآفاق التمكين الصحي ضمن الرؤية المستقبلية للمملكة. وعرفت المحاضرة الدكتورة فاطمة الهملان بأنها عالمة أبحاث في علم الفيروسات، واستشارية في علم الأحياء الدقيقة بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، ومؤسسة جمعية رفيدة لصحة المرأة والرئيس التنفيذي المكلف لها، وقائدة مجموعة تواصل الصحة العالمية في مجموعة مؤسسات المجتمع المدني (قادة القمة العشرين في السعودية، 2020م). وتمكنت مع الفريق البحثي في تطوير أول فحص محلي للكشف عن فيروس كورونا المستجد والحصول على موافقة هيئة الغذاء والدواء السعودية (2020م)، واستحقت منحة أبطال الصحة لمواجهة فيروس كورونا المستجد من وزارة الصحة خلال العام ذاته، كما تصدرت المركز الأول، في جائزة أمير المنطقة الشرقية لأبحاث السرطان عام 2019م.
بدأت الدكتورة الهملان حديثها بتعريف التمكين الصحي، حيث عرفته حسب منظمة الصحة العالمية بأنه “عملية يكتسب الناس من خلالها سيطرة أكبر على القرارات والإجراءات التي تؤثر على صحتهم”. وانتقلت للحديث حول الوضع الراهن للنظام الصحي في السعودية والذي يهدف إلى ضمان توفير الرعاية الصحية الشاملة المتكاملة للجميع بطريقة عادلة، من خلال إنشاء وزارة الصحة لمركز تجربة المريض الذي يقدّم الدعم الكامل لحقوق المريض وتوضيح مســؤولياته، ونشر وثيقة حقوق المرضى ومسؤولياته كمرجع للجميع للارتقاء بمستوى الخدمة المقدّمة، ورفع مستوى ثقة المرضى بالمنشآت الصحية، مع تحسين الخدمة المقدّمة وتجويدها. وأوضحت أن هناك المركز السعودي لسلامة المرضى والذي تأسس عام 2017، ليساهم في تحسين وتعزيز سلامة المرضى والرعاية الصحية لضمان تقديم خدمات أكثر أماناً، وتمكين المريض والممارسين بما يخدم الأهداف الرئيسية للتحول في القطاع الصحي.
وذكرت في محاضرتها أن هيئة التخصصات الصحية تقوم بتثقيف الممارسين الصحيين لأنهم ركيزة أساسية في نجاح التمكين الصحي حيث توفّر الهيئة برامج تدريبية أونلاين بالتعاون مع وحدة التمكين الصحي في جامعة الملك عبد العزيز. وأضافت المحاضرة أن التمكين الصحي يُعتبر أولوية قصوى لصانعي سياسات الرعاية الصحية، مؤكدة على أهمية التواصل الفعّال مع المجتمع للتعريف بالحقوق الصحية وأهمية المشاركة في صنع القرار. وبينت أنه وبعد دراسات عديدة، وجد الباحثون أن عناصر التمكين الصحية الأساسية تعتمد على أربعة محاور تشمل: فهم المريض لدوره، المعرفة الضافية التي تمكّنه من التعامل مع حالته الصحية لاتخاذ القرار المناسب، ومهارات التواصل الفعّال، مع وجود بيئة تنظيمية وسياسات داعمة للتمكين الصحي.
وأكدت في محاضرتها أن المجتمع السعودي يعيش مرحلة تم فيها اعتماد التمكين الصحي في المؤسسات الصحية ليكون حق أساسي، موضحة أن هناك مسؤولية تقع على الأفراد في اكتساب المعلومات من مصادر موثوقة للمشاركة الفاعلة في اتخاذ القرارات الصحية، ومسؤولية على مقدّم الرعاية الصحية للتواصل الفعّال والاستجابة لاحتياجات المريض لتقديم خدمة ذات جودة عالية. واستشهدت بتجربة خدمة المريض في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، حيث تُعتبر خدمة المريض وتمكينه إحدى قِيم المستشفى، وتمحور الخدمة حول إشراك المرضى وعائلاتهم في اتخاذ القرار، من خلال التواصل الفعّال والتعاطف والتفهّم وحفظ كرامتهم لتكون تجربة المريض عالميّة المستوى وذات جودة عالية، مشيرة إلى أن هذه القيمة تعتبر مكمّلة للقيم الأخرى من تميّز في الرعاية الصحية المقدّمة، والسلامة، والشفافية، والتعاون، والمسؤولية.
وأنهت محاضرتها بالحديث حول دور جمعية رفيدة لصحة المرأة في مجال التمكين الصحي هو أحد ركائز الجمعية، من خلال تطويـر الممارسـات والسياسـات التـي تخـدم صحـة المـرأة والخروج بتوصيات لصنّاع القرار يتم مناقشتها سنويّا في منتدى سياسات صحة المرأة، وتحرص أيضا على تثقيف وتوعية السيدات بالتشريعات الصحية والسياسات الداعمة الجديدة لتمارس حقوقها الصحية، والتعريف بالبرامج الصحية كبرنامج التحصين الوطني للفتيات للوقاية من فيروس الورم الحليمي البشري المسبب لسرطان عنق الرحم الذي أطلقته وزارة الصحة بالتعاون مع وزارة التعليم والمجتمع.
بدأت مداخلات الحضور بتساؤل من الأستاذة وسيمة العبيدي حول كثرة الأخطاء الطبية وانعكاساتها السلبية على الأفراد والمجتمع، والاليات الفعالة المتبعة لمعالجة هذه الأخطاء والحد منها. وطرح الدكتور نبيل الخنيزي بعض المعالجات القائمة لتحديد الخطأ الطبي من خلال وجود لجان الاعتلالات والوفيان كلجنة علمية لمتابعة مثل هذه الحالات وتحديد وجود الخطأ الطبي من عدمه، موضحا أن الفرد نفسه قد يكون جزءا من الخطأ الممارس لأسباب مختلفة، كما أن بعض المؤسسات الصحية لم تصل لمستويات عالية، مطالبا الممارسين الصحيين بتحمل مسئولياتهم لتفعيل وإنجاح نظام العمل الصحي.
وأكدت الدكتورة كوثر العمران على أهمية الاستفادة من البرامج والشراكة المجتمعية في المجال الصحي، وضرورة تثقيف المجتمع لحقوقه الصحية، مشيرة إلى أن بعض المرضى لا يهتم بالمراجعة الدقيقة والاطلاع على مستلزمات العلاج. وتساءل الأستاذ عاطف الأسود حول خطط وزارة الصحة في مجال تمكين المرضى وإصدار نماذج عمل واضحة في هذا المجال. وناقش الأستاذ صالح العمير الإشكالية التي تتركها الرسائل السلبية المثبطة التي تنتشر بين فترة وأخرى حول بعض القضايا الصحية والتي تغلف دينيا أحيانا.
وطرحت الأستاذة هدى القصاب موضوع مراعاة اختلاف مفهوم التمكين في ظل المتغيرات القائمة، وأنه من أجل أن يكتمل التمكين فإنه من المهم تعريف المريض بكامل حقوقه حيث أنه ليس كل الأطباء يعطون المرضى الوقت والشرح المناسب ويراعون مستوى إدراك المريض. وأضاف الأستاذ نادر الابراهيم أنه لابد من إيجاد برامج من قبل وزارة الصحة للتوعية بالتمكين بمختلف أساليبه، وأن هناك فوارق شاسعة بين ما نتحدث عنه من تمكين وصعوبة الحصول على الخدمة الصحية في الوقت المناسب، مشيرا إلى أن الاولوية لدى وزارة الصحة ينبغي أن تتركز حول تقديم خدمات صحية متميزة للمواطن.
وتناول الدكتور أسامة الخميس موضوع تمكين المريض بقوله أن ذلك لا يتطلب المعرفة الشاملة والواسعة لمختلف القضايا، بل ان المريض يحتاج لمعالجة عاجلة كأولوية لديه، وأوضح الدكتور محمد الحماقي أن البنية التحتية للتمكين لن تكون كافية مع وجود تحديات اجتماعية واقتصادية كالتغذية السليمة. وفي نهاية اللقاء تناول ضيف للشرف الدكتور عبد الرزاق السيف في كلمته موضوع التمكين باعتباره يعني حقوق الطبيب المعالج ايضا وليس تجاه المرضى فقط، مؤكدا على مسئولية المجتمع تجاه الطبيب وضمان حقوقه بدلا من التجني عليه والقبول بذلك ثقافيا، كي يتمكن من القيام بدوره كاملا.
لمشاهدة المحاضرة كاملة على اليوتيوب:
كلمة الفنان محمد العبيدي:
كلمة الكاتبة مريم سعيد:
كلمة المكرم الأستاذ محمد اليوسف:
كلمة ضيف الشرف الدكتور عبد الرزاق السيف: