الأستاذ ناصر محمد العجمي
ناصر بن محمد بن شلان العجمي
المحطة الأولى (المُنطَلَق):
في هذه المحطة أبدأ بتمهيد فمقدمة، ركزتُ فيهما على دور الإنسان في الحياة، من منظور التوجيه الرباني، ثم من واقع التجارب البشرية. والمحطة، بكل محتوياتها، تُمثّل مدخلًا رحبًا وخارطة طريقٍ جليةً لقُراء السيرة، وليتمعنوا في الخلفية التاريخية لأسباب وأحداث التحولات المرحلية المذهلة التي مرَّ بها صاحب السيرة، ومعه جيله ووطنه؛ المملكة العربية السعودية.
المحطة الثانية (البداية..البادية):
تستعرض هذه المحطة ما كانت عليها الجزيرة العربية من أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية قبل اكتشاف النفط، وظهور آثاره على حياتنا الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية. ولاشك أن أهم أحداث تلك الحقبة كانت ملحمة توحيد الجزيرة العربية، على يد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، رحمه الله، التي أنهت التناحر القبلي والشتات السياسي والاجتماعي، وأرست قواعد الأمن والاستقرار التي أُنشئت عليها المملكة العربية السعودية. كما أصف، في هذه المحطة، طبيعة البيئة الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية، التي كان فيها مكان وزمان مولدي، واستعرض فيها السنوات الأولى من نشأتي وتربيتي في بيئة الصحراء وحضن البادية.
المحطة الثالثة (أرامكو):
محطة العمل في شركة الزيت العربية الأمريكية «أرامكو» كانت أطول المحطات عمرًا، وأكثرها أحداثًا، وأعظمها تطورًا وإنجازًا. ومنها بدأ الانفصام التدريجي لوتيرة الحياة في الجزيرة العربية.
بدأتُ في هذه المحطة في سن القصور وقضيتُ فيها ما يقرب من ثلاثة وأربعين عامًا، أنهيت فيها، بنجاح، التدريب الفني، والدراسة الابتدائية والثانوية والجامعية، وتبوأت خلالها أربعة وعشرين منصبًا، وارتقيت فيها الهياكل الإدارية والقيادية، من حضيضها إلى قممها. وتبوأتُ عضوية مجلس الإدارة لأربع دورات، وترأستُ أهم اللجان التنفيذية في الشركة. وطفتُ الكرة الأرضية، من شرقها إلى غربها ومن جنوبها إلى شمالها، مرات عديدة في مهمات رسمية، وعمل معي، وتحت إدارتي، ما يقرب من ستين ألف موظف من أكثر من ستين جنسية عالمية.
المحطة الرابعة (الخطوط الحديدية):
من أسوأ الأوضاع والحالات، في حياة الأفراد والمؤسسات وحتى الأمم والأوطان، ضياع الدليل المرشد وانعدام الرؤية المتبصرة، وهذا ما كان عليه حال المؤسسة العامة للخطوط الحديدية عندما كُلفت رئاستها وباشرت مسؤولية إدارتها. وجدتها في حالة تهالك رأسمالي وترهل إداري.
المحطة الخامسة (الفكر والسياسة):
من الصفات البغيضة التي تفشّت في فكر الثقافة العربية المعاصرة وكان لها آثارٌ بالغة في صميم العمل العربي المشترك؛ سمات النفاق العملي التي نزعمُ تحريمها شرعًا وندّعي رفضها خُلقًا. ولكن المتابع لتاريخ سياسة العمل العربي المشترك، يعلم علم اليقين، أننا نقول ما لا نفعل ونكذّب في العلن ما نُقرّ ونقبل به في الخفاء، ونتّفق على ما ليس لنا نية في تحقيقه.
وإن كان للحقيقة مكان في هذه المحطة، ففي الحقيقة أن الأمة العربية دخلت القرن الواحد والعشرين في غيبوبة سياسية استَتَر فيها العمل العربي المشترك، وغاب فيها الدور العربي المؤثر في المحافل الدولية، مما جعلني أشارك، من خلال هذه المحطة، بعددٍ من المساهمات الفكرية والسياسية الناقدة لأداء الأمة العربية، ومدافعًا فيها عن الإسلام والمسلمين في وجه الهجمة الأمريكية الصهيونية، التي زاد اشتعالها بعد الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م.
المحطة السادسة (مجلس الشورى):
أوضحتُ في مقدمة سيرتي أنني أميل إلى البيئة التي أشكُّ في قدرتي على العمل فيها، وأبتعد عن الركون إلى المألوف لأنه يقود إلى ارتخاء العزائم والتبلد. في هذه المحطة، أقدم وصفًا للمهمات التي يمارسها مجلس الشورى، وللأساليب والإجراءات الإدارية المتبعة فيه، كما رأيتها. كما أستعرض أهم المقترحات الإصلاحية التي تقدمتُ بها لرفع مستوى الدور الوطني للمجلس، ولتطوير أساليبه وإجراءاته الإدارية، ليصبح مجلس الشورى نبراسًا للإدارة النموذجية، ومدرسة للتخطيط الاستراتيجي. ولكن رفضت اقتراحاتي واقتراحات غيري، فطلبتُ عدم تجديد عضويتي.
المحطة السابعة (الراحة):
محطة الراحة، حيث يمتد البصر وترتاح النفس بالتواصل الروحي والفكري مع ليالي الصحراء المقمرة ونجوم غداريها المبهرة، بعيدًا عن صخب العمل وضوضاء المدنية، هي أقرب محطات السيرة إلى خاطري، وذلك لأنها تعكس الحرية المطلقة للنفس والخاطر، تذوب فيها الطبقية الاجتماعية وتتجلى مشاعر القُربى، ولأن في الصحراء الكثير مما تميل إليه مشاعري وترتاح له نفسي من التأملات الروحانية، واستعادة الذكريات، ومعاشرة الأخيار من الأقرباء والأصدقاء.